مقدّمة العسّاس | لهاث الليكود على أصوات الفلسطينيين | بدأت سلسلةٍ جديدة ومكثّفة، من الحملاتِ الانتخابيّة لحزب الليكود العنصريّ، إثر حلّ الكنيست العشرين عام 2018 على يدِ الحزب اليمينيّ “إسرائيل بيتنا”، الذي يرأسه أفيغدور ليبرمان، إذ ضجّت الحملات بالكلمات والإشارات العدائيّة والمحرّضة لشرعيّة وجود العرب الفلسطينيين وفعلهم السياسيّ، منذُ عام 2019، وتحت قيادة بنيامين نتنياهو.

سنحاول في هذا النصّ، مراجعةِ السياقات للانتخابات الثلاث الأخيرة، التي أدّت لتكثيف عنصريّة نتنياهو إزاء العرب، وتتبّع هذهِ الحملات وتطوّرها، إثر شعورهِ لخطر الانزلاق إلى المحاكم بسببِ ثلاث تهم فساد.

كما سنعرض التغيّرات التي طرأت مؤخرًا، بعدما تأكد في ظلّ انشقاق حزب الليكود، وهاجس نتنياهو بفقدان سلطته، عدم إمكانيّة تشكيل حكومة إلّا من خلال أصوات عربيّة. لذلك سنراجع التغيّر التي طرأ في خطابهِ وممارستهِ.

إعداد العسّاس |

قام نتنياهو بأكثر الخطابات والكلمات عنصريةً وتحريضًا ضد الفلسطينيّين في الداخل، معظمها في أوقاتِ الانتخابات، حينما يشتدّ التنافس، ولم تكن الحملات الانتخابيّة الأخيرة في العامين الماضيين، البداية.

على سبيل المثال في عام 2015، بثّ شريطًا يحمل مضامين عنصريّة على أن “العرب يأتون بكميّات كبيرة للتصويت، بمساعدةِ اليسار”، إذ تكثّفت هذهِ المضامين مع الأزمة السياسيّة الإسرائيليّة الحالية، (عدم استطاعة تشكيل حكومة مستقرّة). (1)

وأشار الصحافيّ ميرون رابوبورت، إلى أن هذا الشريط، هو نقطة انطلاق، لاستخدام العنصريّة كرأس مال سياسيّ لكسبِ الأصوات، من خلالِ التحريض على العرب الفلسطينيين في “إسرائيل”، وهو ما أدى لحملاتٍ انتخابيّة عنصريّة، من عدّة كتلٍ يمينيّة، خصوصًا في الانتخابات المحليّة، التي تلت عام 2015، في تل أبيب يافا والعفولة والرملة. (2)

الحملات الانتخابية

أمّا بالنسبةِ للحملاتِ الانتخابيّة في العاميين الماضيين، توضّح لنا الرسالة التالية، التي تأتي بالإضافةِ إلى العديد من الشرائط القصيرة الممنهجة والعنصريّة، استمرار هذهِ الأساليب.

وجاء في نص الرسالة: “لا يجب تشكيل حكومة يسارية خطيرة مع لبيد وأيمن عودة وغانتس وليبرمان، حكومة يسارية علمانية ضعيفة، تعتمد على أصوات العرب؛ الذين يريدون تدميرنا جميعًا، نساء وأطفالًا ورجالًا، وتسمح لإيران نووية بالقضاء علينا جميعًا”.

(عودة هو رئيس القائمة المشتركة، القائمة العربية الوحيدة في الكنيست)

وأُرسلت هذه الرسالة إلى هواتف وحسابات “فيسبوك” العديد من الناخبين الإسرائيليين، كجُزء من الحملة الانتخابيّة لحزب الليكود، مع اشتداد التنافس في انتخابات الكنيست في أيلول/ سبتمبر 2019 الماضي.

 حينها، عمّ خوف فقدان السلطة عند حزب الليكود وبنيامين نتنياهو شخصيًا، لصالحِ حزب كاحول لافان، وإقامة حكومة “مركز- يسار” اعتمادًا على مزاعم دعم من القائمة المشتركة.

وهذا الهاجس تجسّد في جميعِ مقابلات أو محادثات نتنياهو إلى متابعيه وأعضاء الحزب، حيث وصف هذا السيناريو على أنهُ “خراب كامل وضياع”. (3)

ماذا تعني التغيّرات الأخيرة؟

يجد الصحافيّ أورن بريسكو، أن الاعتذارات المستمرّة لنتنياهو، بعدَ كلّ فجاجةٍ عنصريّة كما حدثَ بعد انتشار الشريط في عام 2015، وما حدث في عام 2019 وعام 2020، هي ممارسة ممنهجة عند نتنياهو، وبالتالي الاعتذار لا يعني إلا الإعداد لتحريضٍ قادم، وفقًا لسياقات مصالح نتنياهو المختلفة.

 على سبيل المثال يعرض بريسكو، نموذجًا لتعاون بينَ نتنياهو وبعض العرب في الكنيست، بالمقابل يحرّض ضدّ
حزب “كاحول لافان” إثر اقتراحات تعاون مع ممثلين المجتمع العربيّ المنتخبين. (4)

كما أن الحملة الانتخابيّة التي يقودها نتنياهو حاليًا، تحضيرًا لانتخابات آذار/ مارس 2021، مغايرة عمّا سبقها، إثر
انشقاق جدعون ساعار عن حزب الليكود، وتشكيل قائمة “تكفا حدشاه” وإعلانهِ للمنافسة على رئاسة الحكومة،
بالإضافة إلى نفتالي بينيت أحد قادةِ اليمين، معلنًا أيضًا منافستهِ على رئاسةِ الحكومة.

لهاث الليكود على أصوات الفلسطينيين

بالتالي نتنياهو في وضعٍ وسياق مختلف عن الأعوام السابقة، لذلك بات التوجّه إلى المجتمع الفلسطيني في الداخل في
ظلّ صراع محتمل داخل القائمة المشتركة، ممكنًا. (5)

من جهته ذكرَ الصحافيّ والمحلّل السياسي، داني زاكان، أن نتنياهو يعتمد على عدّة معطيات في التوجّه إلى المجتمعِ
العربيّ، لكسبِ الأصوات، وأورد أن “نمط تصويت المجتمع العربي فيه أساسًا يدعم تقييم نتنياهو لإمكانية التصويت
لليكود، أو على الأقل ليس للقائمة المشتركة”.

ووفقًا تحليل أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، في الحملات الانتخابية في السنوات العشرين الماضية، يظهر
تقلبات في التصويت للأحزاب غير العربية، من أكثر من 30% في 1999 و2003، إلى 12.5% في الانتخابات
الأخيرة.

في الجولة الأولى من الانتخابات في العامين الماضيين، في نيسان/أبريل 2019، صوّت أكثر من 28% من العرب لأحزاب غير عربية. 

بالتالي، قد يميل المجتمع العربيّ للتصويت إلى الأحزاب غير عربيّة، سواء لحزبِ الليكود أو أحزاب وقوائم أخرى،
ما سيؤدي إلى ضعف في القائمة المشتركة. (6)

وأضاف أن 30% من المصوتين للقائمة المشتركة، لا يشاركونها العديد من مواقفها، وفقًا لما جاء في عدّة
استطلاعات في عام 2019، مما يجعلهم هدفًا أمام حزب الليكود ونتنياهو، لجذبهم؛ من خلال “اتفاقيّات التطبيع”
الأخيرة، التي ستكون موضوعًا مهمًا في حملة الليكود الانتخابيّة.

ويشمل ذلك “التحركات الضرورية الأخرى لنتنياهو لجذب الناخبين، وهي الإقدام على خطوة جادة في موضوع
الجريمة والعنف في المجتمع العربي، وهي المشكلة الأولى التي تتصدر اهتمام العرب الفلسطينيين.

وأعلن نتنياهو أنه سيناقش الخطة التي أعدها مكتبه في وزارة الأمن الداخلي، وأوضحَ أن مشكلة “قانون كامينتس”
هي أيضًا ستكون ضمن الحملة الانتخابيّة، وهي الهدف التالي المطروح على الطاولة، لجذب أصوات عربيّة.

(قانون كامينتس شرعن هدم المنازل والمنشآت في البلدات الفلسطينية في الداخل) (6)

المصادر:

(1) “واللا”: https://bit.ly/3tzZbkv
(2) “مكيوميت”: https://bit.ly/2YUfieM
(3) “غلوبس”: https://bit.ly/2N1C7dC
(4) “العين السابعة”: https://bit.ly/3cOQOvr
(5) “القناة13”: https://bit.ly/2YWnWJs
(6) “غلوبس”: https://bit.ly/3q0bhB8