مقدمة العسّاس |

“ليس هناك مكان في دولة ديمقراطية لمثل هذا القانون الذي يقوض حرية التعبير السياسي، بمعناها الأساسيّ والمحميّ”، السابق هو هذا ما خلصَ إليهِ “المركز الإسرائيليّ للديمقراطيّة” إزاء سنّ قانون لملاحقةِ المنخرطين في مقاطعة “إسرائيل”، في 27 حزيران/ يونيو 2011.

ماذا يتخلّل القانون إذن؟

هذه المادة المترجمة عن عدة مصادر إسرائيلية تُعرّف بقانون تجريم المقاطعة في “إسرائيل”، وتشرح تفاصيله وحيثياته.

إعداد العسّاس |

بموجب قانون تجريم المقاطعة، يُسمح للأفراد الذين تضرروا بسبب نشر دعوة لمقاطعة “إسرائيل”، بما في ذلك الأراضي المحتلّة عام 1967، بالمطالبة بتعويضات من المبادرين للمقاطعة.

كما أنه إذا كانت الدعوة إلى المقاطعة تجسدّت في آثار فعليّة أضرّت ماديًا بشركاتٍ ورجال أعمال وغير ذلك، فيجوز المطالبة بتعويضٍ إضافي دون التقيّد على قدر الضرر، إضافة إلى تقييدات أخرى على المبادرين للمقاطعة من خلال إعاقة حقوقهم الاقتصاديّة.

 تعريف القانون العمليّ:

حدّد القانون “الجريمة” في ثلاث مراحل: الأولى هي دعوة إلى المقاطعة وفقًا للتفاصيل الواردة في المادة الأولى من القانون – “الدعوة إلى الامتناع عن أي صلة اقتصادية أو ثقافية أو أكاديمية بشخص أو كيان آخر، فقط بسبب علاقته بـ “إسرائيل”، أو مؤسسة من مؤسساتها، أو منطقة خاضعة لسيطرتها، وعلى إثر ذلك قد تضر اقتصاديًا أو ثقافيًا أو أكاديميًا”.

المرحلة الثانية تتمثل في المطبوعات والمنشورات العامة التي تدعو إلى المقاطعة، أمّا المرحلة الثالثة فهي تعود على أن المطبوعات والمنشورات قد تؤدي إلى فرض مقاطعة فعليّة. (1)

ويتيح القانون امتيازات للحكومة للتضييق على المنظمّات التي تدعو إلى المقاطعة من خلال إلغاء “الحق في الإعفاء الضريبي”، وينكر أهليّة المؤسسات العامة التي تروج للمقاطعة، بما في ذلك الجامعات والكليّات، لأنواع مختلفة من التمويل العامّ، التي تخدم البحث والتطوير الأكاديميّ.

كما يتضمن حصر المشاركة في المناقصات العامة على الشركات أو المنظمّات أو الجمعيّات التي لا تشارك في المقاطعة.

وشجعت العديد من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في “إسرائيل”، بما في ذلك “اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم البيوت” و”جوش شالوم”، المقاطعة على أساس عدم شرعية المستوطنات بموجب اتفاقيات جنيف، بينما واستجابت منظمّات أخرى، بما في ذلك “تحالف النساء من أجل السلام” وغيرها، لدعوات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “BDS”.

يهدّد القانون المنظمّات الإسرائيلية التي دعت إلى مقاطعة المستوطنات، من خلال الغرامات ودعاوى قضائيّة، وقد يتسبب القانون في فقدانها لمصادر تمويلها.

ومن الممكن أن يصل تطبيق القانون على الكتّاب والفنانين والممثلين الإسرائيليين الذين دعوا الممثلين إلى عدم الأداء في مركز ثقافي أقيم في مستوطنة أرييل، وعلى المحاضرين الإسرائيليين الذين دعوا إلى لمقاطعة الجامعة ذاتها. (2)

أثر القانون

وخلص “المركز الإسرائيليّ للديمقراطيّة” إلى أن تعريف “المقاطعة” في القانون “غير دقيق ولا يحدد العمل أو السلوك الدقيق، وذلك يعود لما تحملهُ المقاطعة في التاريخ اليهوديّ الأوروبيّ، إذ أن “تعريف مقاطعة دولة “إسرائيل” في القانون يتضمن العديد من السلوكيات، وهي ليست واضحة في تحديد العلاقة بينها وبين المصطلح الحرفي للكلمة”.

وأضاف المركز أن “المصطلح خلق شعورًا بين اليهود بأن هذا إجراء صعب للغاية وحادّ، ذلك لأنه في الوعي اليهودي التاريخيّ، المصطلح يحيل إلى الاستبعاد التامّ لأفراد الجالية اليهودية، الذي كان معناه الموت الاجتماعي بالنسبة للجالية”.

وأوضح أن عدم الدقّة في القانون تشير إلى التلاعب السياسيّ المقصود لاستهداف حملة المقاطعة المشروعة، كما أن التجنّب المتعمّد لصلةٍ اقتصادية (مثل قرار عدم شراء منتجات من الشركة المصنعة) أو ارتباط ثقافي مع شخص ما (مثل قرار عدم الظهور في مكان ما)، إضافة لمجموعة واسعة من السلوكيات.

وذكر أن هذه الضبابية في القانون قد تمتد لتضم قرارًا منظمًا على سبيل المثال من قبل الفلسطينيين في أراضي 1948 بعدم الدراسة في جامعة في أريئيل، أو عدم شراء منتج من مصنّع تم إنشاؤه أثناء الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، أو قرار عدم زيارة المستوطنات، لتكون هذه الأفعال مشمولة ضمن قانون المقاطعة.

وقال “يتمتع البشر بحرية أساسية وأساسية في تقرير المكان الذي يزورونه وأين لا يجتمعون، ومع من يلتقون ومع من لا يقابلون، وتشمل هذه الحرية أيضًا حرية الاحتجاج بهذه الطريقة بشكل جماعي، وحتى التنظيم لهذا الغرض”.

ولفت المركز إلى أن الغرض المُعلن من القانون هو “إسكات الانتقادات الموجّهة لسياسة حكومة “إسرائيل”، لذلك فإن الاقتراح يضر بمكانة “إسرائيل” كدولة ديمقراطية”.

وأوضح أنه على عكس ادعاءات الحكومة أن القانون يقوّض نشطاء المقاطعة، إلا أنه يُفيد في حملة نزع الشرعية التي شنتها منظمات حقوق إنسان وأكاديميّة وبحثيّة وفنيّة وغيرها على “إسرائيل” في العالم، من خلال تقديم مثال آخر على انتهاك حقوق الإنسان والخطاب السياسي الحر في “إسرائيل”. (3)

المصادر:

(1) “واينت”: https://bit.ly/3q7U37m
(2) “ووتش”: https://bit.ly/3GegZYc
(3) “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”: https://bit.ly/3f3Okcn