مقدمة العسّاس | وحدة سيف

خلال الفترة القليلة الماضية، كشف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، أهم ملامح الخطة الحكومية لمواجهة “الجريمة المتفشية داخل البلدات العربية” في أراضي 1948، إذ تم تدشين وحدة “سيف” التي تعتبرها الشرطة الإسرائيلية هيئة قيادية مركزية وجوهرية مختصة في هذا المجال، ولكنها في الحقيقة وحدة قمع إضافية مخصصة للفلسطينيين في أراضي ١٩٤٨.

جاءت هذه الوحدة بعد سنوات من إهمال أمن وأمان المواطنين الفلسطينيين في “أراضي ١٩٤٨”، وبعد الخلل الأمني الذي واجهته “إسرائيل” خلال هبة القدس وحرب غزة في أيار الماضي، إذ خرج سلاح الجريمة لدى الفلسطينيين ضد المستوطنين اليهود، الذي اعتادت “إسرائيل” على تحييده في القضايا الأمنية، وهذا ما أثار حفيظتها ودعاها للتعجيل بإنشاء هذه الوحدة، بظرف أسابيع محدودة بعد الهبة. 

ما هي هذه الوحدة؟ كيف تأسست وما طبيعة عملها؟

هذه المادة المترجمة عن عدة مصادر إسرائيلية، تعرّف بوحدة “سيف” ضمن جهاز الشرطة الإسرائيلية، وتوضح مهام عملها في البلدات الفلسطينية في أراضي 1948.

إعداد العسّاس |

في 11 من شهر أغسطس/ آب 2021، وفي أحد الأسابيع التي قتل فيها 3 فلسطينيين في أراضي 1948، أعلن رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، عن “الخطة القوميّة لمكافحة العنف في المجتمع الفلسطيني في الداخل”.

وجاء ذلك في لقاء جمعه مع وزير الأمن الداخليّ والقائد العام للشرطة وأفراد آخرين منها، بالإضافة إلى جهات عدة من المجتمع الفلسطيني في أراضي 1948 كرؤساء سلطات محلّية وممثلين عنهم. (1)

بذلك، أقيمت مراسيم الإعلان عن وحدة “سيف”، المعدّة لـ “مكافحة الإجرام” في المجتمع الفلسطيني في أراضي 1948، وتهدف إلى تعزيز وتوحيد طرق التعامل والمبادرة والتوجيه لعمل الشرطة من أجل الأمن في المجتمع الفلسطيني هناك.

وتسعى الوحدة لـ “العمل باحتراف وتصميم لا هوادة فيه، من أجل تحقيق الأمن الشخصيّ لـ “المواطن” المعياري، وتعزيز ثقته في الشرطة الإسرائيليّة”. (2)

في إطار اللقاء، تمّ توزيع الوظائف على الحضور كممثلي المجتمع الفلسطيني في أراضي 1948، إذ عرض القائد العام للشرطة رؤية الشرطة في معالجة الإجرام والتغييرات المتوقعة: إنشاء وحدة سيف بقيادة الضابط جمال حكروش، وإنشاء وحدة قطرية لإحباط العنف والإجرام في المجتمع الفلسطيني في أراضي 1948، ونقل كل مستشاري الأمور المتعلقة بالعرب في الشرطة لوحدة سيف، وإقامة لجنة استشارية لتباحث مشترك بين المجتمع الفلسطيني وشرطة “إسرائيل”. (2)

بدوره، قال وزير الأمن الداخليّ، عومر بار ليف: “منذ قيام الدولة وهناك عدم مساواة ممنهجة بين المجتمعين العربيّ واليهوديّ فيها، ومع مرور السنوات، تكبر اللامساواة، عن طريق التطوير السريع وضع المجتمع اليهوديّ مقابل إبقاء المجتمع العربيّ على حاله، في كلمات أخرى، تمييز واضح”. (2)

وأضاف عومر بار ليف: “بالإضافة لمكافحة الإجرام غير المتساهلة، من الواضح أنّه مطلوب المزيد، عمل تربوي تلتقي فيه الشرطة مع العرب في جيل الشباب، ليس فقط في حال طارئ أو خلال الحملات، وإنما لقاء تربويّ، بلا وساطة، يهدف إلى تعريف عمل الشرطة لهذا الجيل وشرح عمل الشرطة في المدارس في مواضيع الحذر على الطرق، تعاطي المخدرات والكحول ومواضيع أخرى”. (2)

اقرأ أيضًا.. تعزيز الشرطة الإسرائيلية بالداخل بحجة “العنف”

يذكر أنّه بعد المواجهات بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 والشرطة الإسرائيلية في الانتفاضة الثانية وأحداث أكتوبر/تشرين أول عام 2000، اتّخذت الحكومة الإسرائيلية قرارًا في شهر نوفمبر من نفس السنة، لإقامة لجنة “أور”، وهي لجنة التحقيق المركزية لبحث المواجهات بين قوّات الأمن والفلسطينيين.

أوصت اللجنة حينها بتقوية العلاقة بين المجتمع العربيّ في أراضي 1948 والشرطة من أجل تطبيق القانون فيه ومنع مثل هذه المواجهات لاحقًا. (3)

بين السنوات 2010 و2016، أصدرت الحكومة قرارات عديدة حول مكافحة العنف والإجرام في المجتمع العربيّ هناك، وضمنها خصّصت ميزانيات بمئات ملايين الشواكل لتنفيذ مشاريع مدنية وشرطية، وفي أبريل 2016 أقيمت تحت جناح التخطيط والتنظيم في الشرطة ما يسمّى بـ “إدارة المجتمع العربيّ”، التي ترأسها ضابط عربيّ لأوّل مرة في الشرطة الإسرائيلية، وهو جمال حكروش. (3)

وفي تقرير مراقب الدولة السابق، يوسيف شبيرا، الذي بحث فيه أدوات تعامل الشرطة مع الأسلحة غير القانونية وحوادث إطلاق النار الشائعة في المجتمع العربيّ، أفادت الإحصائيات بأن المنخرطين في أعمال العنف الجسدي من العرب أكثر بضعفي المنخرطين بالعنف الجسدي من المجتمع اليهودي، أمّا في ملفات القتل ـ يزيد عن ضعفين. (3)

وضمن خطة عمل “إدارة المجتمع العربيّ” في أراضي 1948، تقرّر إقامة 11 محطة شرطة جديدة في بلدات عربيّة مختلفة، وتعزيز عمل ووجود عشر محطّات قائمة، بالإضافة إلى زيادة 600 وظيفة مخصّصة لأفراد شرطة عرب.

ومع ذلك، قال يوسيف شبيرا: إنّ الخطة لم تتخلل حجارة الأساس السليمة للاستمرار والمتابعة بعد تطبيقها، ولم تفحص مدى فاعليتها. (3)

منذ فترة ليست بالقصيرة، جهات عديدة في الشرطة توجّه نقدًا على سبل معالجة ظاهرة العنف والإجرام في المجتمع العربيّ في الأراضي المحتلة عام 1948، وبالذات لجرائم القتل التي تحدث يوميّا.

كما ويوجّه النقد هذا الجهات لوحدة سيف أيضًا، المعدّة بالأساس لمعالجة الأمر، وبشكل خاص للقادة والضباط، قبل القوى الميدانيّة. (4)

بالرغم من إنشاء وحدة سيف لمكافحة العنف في المجتمع العربيّ بالأراضي المحتلة عام 1948 والإجرام آخذ بالازدياد، إلا أنه من 11 آب 2021، قتل 7 أشخاص، وأصيب 23 آخرون بإصابات بين المتوسطة والخطيرة. (4)

ضمن هذه الخطوات، من المقرّر إضافة 1100 عامل للشرطة الإسرائيلية، منح ميزانيات لإنشاء قسمين للتعامل مع جرائم الابتزاز الماليّ والجرائم المادّيّة، والموافقة على إقامة محطتيّ شرطة في بلدة جسر الزرقاء وكفر تافور، وتكثيف محطات ونقاط الشرطة في البلدات العربيّة داخل أراضي 1948، يشمل البدويّة، وتوسيع مشروع الشرطة البلدية وخطة مدينة آمنة لمدن إضافية، بالأخصّ “المختلطة” منها. (5)

وكان مصدر رفيع في الشرطة الإسرائيلية قد كشف في وقت سابق، خلال جلسة لبحث العنف والجريمة في المجتمع العربي في أراضي 1948، في المقر الرئيسي للشرطة الإسرائيلية، أن معظم من يترأسون عصابات وعائلات الجريمة المنظمة في المجتمع العربي هناك، ومن يرتكبون معظم الجرائم البشعة ويخالفون القانون في مختلف النواحي، هم من المتعاونين مع جهاز الأمن العام “الشاباك”.

وأكد المصدر أن هؤلاء الأشخاص لا يمكن المساس بهم أو اعتقالهم لأنهم يملكون حصانة من جهاز الشاباك.

وجاء تصريح المصدر الرفيع بعد أن تلقت الشرطة خلال العام الماضي الكثير من النقد بسبب التقاعس عن محاربة الجريمة والعنف في المجتمع العربي في أراضي 1948.

كما جاء هذا النقد من جهات حكومية ورسمية بعد امتداد نشاط هذه العصابات للمدن اليهودية، بعد أن تقاعست لسنوات وغضت النظر عن الجريمة في القرى والبلدات العربية. (6)

المصادر:

(1) “واينت”: https://bit.ly/2XTu0oJ
(2) “الدفاع الإسرائيلي”: https://bit.ly/2XWb4GE
(3) “يسرائيل هيوم”: https://bit.ly/2We8cDU
(4) “واينت”: https://bit.ly/3zIVQl6
(5) “جلوبس”: https://bit.ly/3kHHgpG
(6) “القناة12”: https://bit.ly/3IcmJU3