مقدّمة العسّاس | ترك عام 2020، بصمته على السياسة الخارجية الإسرائيلية بشكل ملحوظ، بعد سلسلة من المتغيرات الإقليمية والدولية التي أثرت بشكل كبير على واقع السياسة الخارجية وسط أزمات داخلية لا تنتهي، واتفاقيات تطبيع متعددة، وخسارة ترامب للانتخابات الأميركية.

هذه المادة تسلط الضوء على أزمة السياسية الإسرائيلية الخارجية، وتوضح أبرز ما تضمنته ورقة مقترحات للحل صادرة عن معهد “ميتافيم”. 

إعداد العسّاس | 

ورقة معهد ميتافيم

“تفتقرُ “إسرائيل” إلى نظرةٍ منظمة للسياسةِ الخارجية، وهذا يُشير إلى موقعها الراهن دوليًا، وأيضًا دور بنية سياسات الخارجيّة في عمليات صنع القرار وعلى إدارة الدبلوماسية الإسرائيلية”.

هكذا افتتحَ “معهد ميتافيم”، ورقته الصادرة حديثًا الهادفة لوضعِ مقترحات حول أزمة السياسة الخارجيّة الإسرائيليّة، إذ تعكس الورقة الأزمة في العلاقات الخارجية، وتقدّم مقترحًا في قضايا متعدّدة؛ منها “السلام مع الفلسطينيين” والعلاقة مع الإقليم والعالم، وأخيرًا جعل السياسة الخارجيّة أكثر حداثةً وأكثر سعةً. (1)

وجاء في الورقة أن السياسة الخارجيّة الإسرائيليّة، في المنظورِ الدوليّ، لم تعد تعمل بشكلٍ حثيث ومستمرّ ومتواصل من أجل السلام مع الفلسطينيين كهدفٍ استراتيجيّ، وتوصي المعنيين والمسؤولين في الخارجيّة، أن يجعلوا من السلام قضيّة مركزيّة، وأن يظهروا التزامًا في الاتفاقيّات الموقّعة، وواجباتها أمام القانون الدوليّ، وخصوصًا التزامها بحلّ الدولتين والسلام، حيثُ أنه يوجد علاقة واضحة، بينَ موقع “إسرائيل” على الصعيد الدوليّ من جهةٍ، والصراع مع
الفلسطينيين والعرب عمومًا من جهةٍ أخرى. (1)

اقرأ أيضًا.. معاهدة السلام المصرية: تيران وصنافير

أمّا عن علاقتها مع الإقليم المحيط بها، تجد الورقة أن “إسرائيل” اعتادت أن تنظر إلى محيطها بنظرةٍ سلبيّة،
خصوصًا بعد سلسلةٍ من الحروب والنزاعات مع الدولِ العربيّة المحيطة، إلا أنه يتوجّب عليها أن تشتبك مع أسئلةٍ
مهمّة إزاء العلاقة مع المحيطة، وخاصّة للإجابة على سؤال ماذا يجب أن يحصل في فترةِ “ما بعد الصراع”؟

وطرحت الورقة عدّة مناقشات أمام السياسة الخارجيّة فيما يتعلّق بالمحيط العربيّ والشرق أوسطيّ، وتوضّح أن
“إسرائيل” تفتقد الإجابات الاستراتيجيّة في علاقتها مع المحيط.

وجاء في نص الورقة: “يجب أن تحدد السياسة الخارجية الإسرائيلية الانتماء الإقليمي الذي تطمح إليه؛ إلى أي مدى
تريد “إسرائيل” الاندماج في الشرق الأوسط، في حقبة التطبيع التي أعقبت الصراع؟”.

وتضمنت سؤال “إلى أي مدى تريد “إسرائيل” أن تكون أقرب مؤسسيًا من الاتحاد الأوروبي؟ وإلى أي مدى ترى
“إسرائيل” في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​كرد على الهوية الإسرائيلية المعقدة التي تجمع بين الجوانب الأوروبية
والشرق الأوسط؟”.

وتمت الإشارة في الورقة إلى “استمرار هذه الأسئلة بلا إجابة حتى يومنا هذا، وهذا يمنع خلق رؤية واضحة في مجال
السياسة الخارجية يمكن لـ “إسرائيل” أن تسعى من أجلها”.

وتوصي بالتالي الورقة بوضعٍ سياساتٍ واستراتيجيّة واضحة إثر طموح “إسرائيل” إزاء محيطها، جرّاء افتقادها
لرؤيةٍ واضحة، وتتبنى النظرة السلبيّة والنمطيّة حتى الوقت الحالي. (1)

السياسة الخارجية الإسرائيلية مع الأردن ومصر

وتضمنت التوصيات أهمية تثبيت العلاقة مع الأردن ومصر، واعتمادهم كحجر أساس للبدء في مشروعٍ ورؤيةٍ
محكمة إيجابيّة، من خلال تعميق الشراكة، والعملِ الموحّد سواء عسكريًا ضدّ “الإرهاب”، أو اقتصاديًا، وما إلى ذلك.

وأيضًا البحث عن دولٍ من الممكن عقد شراكات كهذهِ معها، وضمن أهداف وسياسات واضحة تجاه الإقليم العربيّ والإسلاميّ.

بالمقابل، أشارت الورقة إلى أهميّة العمل المشترك أيضًا مع الاتحادّ الأوروبيّ، وتحيل إلى العلاقة بينَ قضايا السلام
والعلاقة مع محيط “إسرائيل”، وبينَ علاقاتها مع الاتحادّ الأوروبيّ. (1)

وفي هذا الخصوص، انتقدَ سفير “إسرائيل” السابق لدى الاتحاد الأوروبي، دافيد فيلتسير، السياسة الخارجيّة
الإسرائيليّة إزاء الاتحاد الأوروبيّ، لافتًا إلى أنه “لسوء الحظ، فإن مسار عمل “إسرائيل” تجاه الاتحاد الأوروبي هو
إلى حد كبير تكتيكيّ ومصمّم لمواجهةِ تحديّات الحاضر”.

ويُحيل فيلتسير الاعتماد الإسرائيلي على تكتيكات سياسيّة راهنة، وعدم وجود استراتيجيّة واضحة، إلى عدم تشكيل
سياسة خارجيّة متعلقة في “مسار السلام” إزاء العالم، وأيضًا إلى الانحدار التدريجيّ لموقع “إسرائيل” بعدَ الانتفاضةِ
الثانية. (2)

وأوضح أن الانحدار تجسّد في حقيقة أن الزيارة الأخيرة لرئيس حكومة إسرائيلي لمؤسسات الاتحاد الأوروبي في
بروكسل، هي في عام 1995، حينما ازدهرت العلاقات الخارجيّة الإسرائيليّة إثر “مسار السلام” مع منظمة التحرير الفلسطينيّة، مما يبيّن الأثر الحاسم للصراع مع الفلسطينيين، على العلاقات الخارجيّة، على حدّ قوله.

ويُضيف أن “الممارسات التي انتهجتها الحكومة الإسرائيليّة لعزلِ الاتحاد الأوروبي عن قرارات متعلقة في مصيرها، والهروب إلى دولٍ تتفقّ معها [تقودها حكومات يمينيّة]، على سبيل المثال هنغاريا وبولندا، يعكس الاعتماد على تكتكياتٍ وليسَ استراتيجيّة واضحة لسياسة “إسرائيل” الخارجيّة إزاء الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب ابتعاد الحكومة عن أخذِ قرارات وخطوات واضحة إزاء السلام وحلّ الدولتين“. (2)

وفي هذا السياق، يسرد فيلتسير ما حصلَ في عام 1994، حينما بدأ موقع “إسرائيل” في الازدهار تدريجيًا، لم تكن مستعدّة، وينقصها رؤية وسياسةٍ خارجيّة واضحة، ولم يكن لدى الحكومة الإسرائيليّة جوابًا للاتحاد الأوروبي، حول شكل العلاقات والنموذج الذي تريده “إسرائيل”.

المصادر:

(1) “معهد ميتافيم”: https://bit.ly/35AFE9h
(2) “معهد ميتافيم”: https://bit.ly/3nM30yO