مقدّمة العسّاس |

لم تعترف “إسرائيل” رسميًا حتى الآن بدعمها للمغرب بالسلاح أو الخبراء في حربها مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، كما أن الحال بقي كما هو بعد التطبيع، رغم ذلك، من الواضح أن التطبيع لا يأتي بلا ثمن، كما أن الثمين ليس رخيصًا.

هذه المادة تستعرض الثمن الذي دفعته كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة للمغرب مقابل التطبيع، وهل يستحق الأمر مثل هذا الفعل؟

إعداد العسّاس | 

طائرات “هارون” وأسلحة وتجسس

دفعت الدولة المغربية مليارات الدولارات من أجل بناء التحصينات والحواجز العسكرية والسواتر حقول الألغام على طول خط التماس بين جيشها وبين مقاتلي البوليساريو.

 كما وضعت على طول الجبهة نحو 100 ألف جندي مغربي، إذ تبلغ تكلفة هذه الحرب نحو مليوني دولار يوميًا، وهو مبلغ كبير خاصة لدولة فقيرة مثل المغرب.

إلا أن هذا المبلغ يُعد زهيدًا قياسًا بما تستخرج من الصحراء الغربية، مثل الفوسفات واليورانيوم والرصاص، التي تدر مليارات الدولارات سنويًا، كذلك النفط والغاز الذي اكتشف مؤخرًا.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية مؤخرًا عن اتفاق إسرائيلي مغربي بقيمة نحو 50 مليون دولار، تحصل بموجبه المغرب على ثلاث طائرات من طراز “هارون”، وهي طائرات إسرائيلية بدون طيار تفتخر الصناعات الجوية الإسرائيلية بها وقدراتها الهجومية.

 وتم استلام هذه الطائرات من قبل الجيش المغربي، وتستخدم لأهداف عسكرية ضد أهداف في الصحراء الغربية.

وطائرات هارون التي استلمها المغرب، ويخطط لاستخدامها ضد الصحراء الغربية، هي ذات طراز الطائرات التي استخدمته “إسرائيل” في أحيان كثيرة في سماء غزة ضد الفلسطينيين. (1)

من ناحية أخرى، كشفت وسائل إعلام عن صور لعناصر أمن مغاربة وأعضاء في وحدات خاصة وعالية التدريب يحملون بنادق من طراز “تافور X95” إسرائيلية الصنع، كذلك تواردت الأنباء عن بيع عتاد عسكري وإلكتروني يستعمل لصيانة وتطوير الطائرات العسكرية. (2)

كذلك، كشفت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، أن النظام المغربي يستعمل تطبيقات تعقب وتجسس إسرائيلية الصنع تابعة لمجموعة NSO المثيرة للجدل، التي تستخدم لانتهاك حقوق الإنسان في أماكن مختلفة من العالم، لا سيما عند الأنظمة القمعية.

ومن بين أولئك الذين تجسس عليهم النظام المغربي، كان الصحافي عمر راضي، الذي تم تعقبه باستخدام البرنامج الإسرائيلي لمدة سنة كاملة إثر انتقاده سياسة بلاده بما يتعلق بالصحراء الغربية، وكشفه في كثير من المناسبات الانتهاكات التي تتم من قبل الجيش، وعدد من قضايا الفساد والرشوة.

 وتم اعتقال الصحافي عمر راضي عام 2020، وسجنه 4 أشهر بسبب منشور على شبكات التواصل الاجتماعي. (3)

اقرأ أيضًا.. السلاح الإسرائيلي: مُفضّل الأنظمة القمعية!

الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر تل أبيب

أما الثمن الواضح للتطبيع المغربي مع “إسرائيل”، كان اعتراف الولايات المتحدة بتبعية الصحراء الغربية للملكة المغربية، وهو موقف لطالما سعى إليه النظام المغربي ممثلًا بملكه وحكومته، وبدء الدفع لصفقة سلاح ضخمة تصل قيمتها لنحو مليار دولار، تحصل بموجبها المغرب على طائرات بدون طيار من طراز “سي غارديان” وصواريخ “هيلفاير” وأسلحة دقيقة أخرى.

وجاء ذلك كله خلال أيام قليلة من إعلان المغرب موافقتها على التطبيع مع “إسرائيل”.

وذكرت مصادر أميركية أن العرض الأميركي، الاعتراف والسلاح، كانا من أهم أسباب الموافقة المغربية على التطبيع، وأن “إسرائيل” استغلت علاقاتها، الرسمية وغير الرسمية مع البيت الأبيض من أجل الحصول على هذا الثمن. (4)

كما يعتبر الاعتراف الأميركي بمثابة إنجاز استراتيجي للمغرب، إذ أنهى الرئيس الأميركي في حينه، دونالد ترامب، موقف الحياد التاريخي الذي اتخذته الإدارات الأميركية المتعاقبة، وجعل انحياز بلاده للمغرب كليًا، معتبرًا أنه موقف مهم لحفظ أمن الولايات المتحدة وأوروبا رغم ما سيجلبه من صراع مسلح في شمال أفريقيا.

وبات من الصعب على الولايات المتحدة ورئيسها الجديد، جو بايدن، التراجع عن هذا الموقف، كونه يعرض العلاقات الخارجية الأميركية مع المغرب و”إسرائيل” لموقف حساس وغير مرغوب في هذه المرحلة بالذات، وهو تحدٍ آخر على مستوى السياسة الخارجية التي يتوجب على إدارة بايدن التعامل معه بحذر شديد بسبب سياسات ترامب، ليضاف إلى إيران والعراق وأفغانستان واليمن وغيرها من الدول الأخرى.

ومن بين المخاطر التي ترى الخارجية الأميركية أن مثل هذا الاعتراف سيسببها، إثارة القلاقل والصراعات المسلحة في شمال أفريقيا، التي قد ترتبط بالحروب في ليبيا ومالي والنيجر، وكذلك من شأنها إتاحة المجال أمام إنشاء شبكات تهريب سلاح ومخدرات وأفراد ومواد ممنوعة كثير أخرى إلى مختلف الأماكن.

 كذلك تجعل الأرض خصبة لبناء “تنظيمات إرهابية” أو نقل إرهابيين خطرين إلى هذه المناطق واختفائهم عن عيون أجهزة الأمن الدولية. (5)

المصادر:

(1) “هآرتس”: https://bit.ly/3t5xvDs
(2) “ماكو”: https://bit.ly/3s3B1Nn
(3) “هآرتس”: https://bit.ly/3rZN0eV
(4) “كان11”: https://bit.ly/39WP01f
(5) “غلوبس”: https://bit.ly/324nOck