مقدمة العسّاس |

يبدو أن بعض طوائف الحريديم التي طالما اشتهرت بممارسة العزلة الاجتماعية الاختيارية واتسمّت أطراف منها بالمسيانيّة العنصريّة، أصبحت تعاني من عنصرية عكسية ارتدّت عليهم بسبب عدم التزام شريحة كبيرة منهم بتعليمات وزارة الصحة بعدم التجمهر والصلاة الجماعية، ما أدى إلى تفشي وباء كورونا بينهم بنسبة كبيرة.

هذه المادة تستعرض أهم مبررات الحريديم لعدم الالتزام بتعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية، كما جاءت في التحليلات الإسرائيليّة،  وتسلط الضوء على أشكال من العنصرية العكسية الممارسة ضدهم مؤخرًا.

إعداد العسّاس |

يُلاحظ بالآونة الأخيرة ازدياد حالة انتقاد الحريديم المتزمتين في “إسرائيل”، بسبب النسبة العالية لتفشي فيروس كورونا بينهم، نتيجة عدم التزامهم بتنفيذ تعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية.

كما أن هناك جدلًا قائمًا حول تعامل السلطات مع تطبيق التعليمات بكل ما يخص الحرب ضد فيروس كورونا، فيما يتعلق بالحريديم، إذ يقول الادّعاء العام إنهم لا يتّبعون التعليمات، بل يمارسون حياة طبيعية كالتجمهر للصلاة أو التغسّل بـ “الميكفاه”. (1)

(الميكفاه: مكان مليء بالماء يستعمل من أجل الاستحمام التعبدي “الطهارة” عند اليهود.)

في حين يؤكد تقرير معهد الديمقراطية الإسرائيلي وجود انتهاكات لتعليمات وزارة الصحة كعدم الالتزام بالحجر، ولكنها انتهاكات مبررة لدى الحريديم لأسباب مختلفة، وهي كالآتي:

  • عائلات ممتدة بمساحات صغيرة:

معظم عائلات الحريديم هي عائلات كبيرة تعيش في بيوت صغيرة نسبيًا، ووجود عدد كبير من الأطفال بمساحات صغيرة بدون انترنت أو أجهزة ذكية، يزيد من صعوبة الالتزام بالحجر. كذلك فإن المدارس الدينية بقطاع الحريديم غير مهيأة للتعلم عن بعد.

(الحريديم لا يستعملون أجهزة إلكترونية لأسباب دينية، كما أنهم منقطعون عن الانترنت سوى عن خط انترنت واحد مسموح لهم فقط استخدامه)

  • عدم تعرضهم لوسائل الإعلام:

انقطاع الحريديم وعدم تعرضهم لوسائل الإعلام العامة والعبرية، قلل من وصول تعليمات وزارة الصحة لهم بكل ما يخص خطورة انتقال عدوى الفيروس، وفي الوقت الذي كان الخبراء يخرجون للجمهور ويشرحون عن الآثار السلبية لكورونا، كان معدل انتشار الفيروس لدى الحريديم بازدياد مستمر.

  • تقصير السلطات الإسرائيلية بالتوعية الصحية:

عدم التعامل الصحيح للسلطات الإسرائيلية في شرح التعليمات الصحية ضد الفيروس ساهم في تفشي العدوى، إضافةً إلى استخدام السلطات المحلّية لدى الحريديم ورجال الدين لتوصيل هذه التعليمات، وينبع ذلك من خوف نتنياهو من خسارة شركائه السياسيين.

“العنصرية” ضد الحريديم

تنتشر عنصرية لا سامية أيضًا ضد الحريديم بنيويورك، تظهر تحديدًا في شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، لنفس السبب السابق، وهو تفشّي فيروس كورونا في حاراتهم بنسبة أعلى مجتمعيًا. (2)

اقرأ أيضًا.. الحريديم: عامل التغير الديموغرافي في “إسرائيل”

وفي الوقت الذي تنادي فيه السلطات الإسرائيلية والسكن إلى توحيد القوى لمحاربة الفيروس، فإن العنصرية والتباعد ما بين اليهود والحريديم يتفاقمان، خوفًا من انتشار العدوى فيما بينهم نحو الجمهور العام، وهذا قد يؤدي إلى عجز في استيعاب الصحة الإسرائيلية لعدد أكبر من المرضى، نظرًا لما تعانيه المستشفيات من نقص في عدد الأسرّة وأجهزة التنفس.

هذه العنصرية والتخوفات لدى المجتمع الإسرائيلي ستزيد من الجهل وتفاقم انتشار المرض عند الحريديم، وستظهر تبعات ذلك بعد انتهاء العدوى والعودة للحياة الطبيعية لديهم، ما قد يؤدي إلى تزايد “العنصرية العلمانيّنة الأشكنازيّة” ضد قطاعٍ بأكمله، كما سيؤثّر على انخراطهم بالمجتمع العام من كل النواحي، ناهيك عن التعامل معهم كمسببٍ لانتشار العدوى وزيادة العبء على وزارة الصحة.

اقرأ أيضًا.. نضال الحريديم لتطبيق الرؤية الدينية

إضافة إلى كل ما سبق، استخدام السياسيين الحريديم ككبش فداء لفشلهم وقلة مسؤوليتهم تجاه مؤسسات الصحة على مدار السنين التي ظهرت نتائجها في ظل هذه الأوضاع.

كما أن التقارير الإسرائيلية تشير إلى عنصريّة تُمارَس  ضد الحريديم بشكل واضح في مؤسسات الصحة، إذ تطبق عليهم إجراءات لا تطبق على غيرهم من القطاعات، فقد وُزعت وثيقة داخلية في مستشفى شيبا لغرفة الطوارئ، تحثّ الأطباء والعاملين فيها على فحص أي فرد يتوجه إليهم من الحريديم قبل إدخاله ومعالجته، وفي حال جاء من منطقة موبوءة بعدوى كورونا، فإنه يتم نقله فورًا إلى مكان متخصص لمرضى كورونا دون التأكد من حمله للعدوى. وبحسب ادّعاء أحد الأطباء بمستشفى شيبا، “فإنه في اللحظة التي يرى فيها مريض من الحريديم، يستنتج فورًا أنه يحمل العدوى”. (3)

المصادر:

(1) ” المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”: https://bit.ly/3bg82OP
(2) “هآرتس”: https://bit.ly/34Gu2j9
(3) “ويللا”: https://bit.ly/2Vec70g

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on