مقدّمة العسّاس | الجنائية الدولية | تكاثرت ردود الفعل الإسرائيلية على القرار الأخير للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يُتيح إمكانية ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين، إذ رفضت كل المكونات السياسية الإسرائيلية القرار، سواء الأحزاب الدينية المتطرفة، أو الأحزاب اليسارية محدودة التأثير على السياسة الإسرائيلية.

هذه المادة تستعرض أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على قرار الجنائية الدولية، الذي يهدد “إسرائيل” وقادة جيشها بإمكانية التحقيق معهم حول ارتكاب جرائم حرب.

إعداد العسّاس | 

قرار المحكمة الجنائية الدولية

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مطلع فبراير/ شباط 2021، قرارًا يقضي بأنّ فلسطين هي دولة عضو في المحكمة وأن هناك ولاية قانونية تخول المحكمة البت في المخالفات الجنائية التي تحدث في نطاق أراضيها (حدود 1967)، إذ يعني هذا القرار أنّ بإمكان المحكمة مقاضاة “إسرائيل” وأصحاب القرار فيها في مرحلة ما، وهو ما قد يشمل رئيس الحكومة، ووزراء وضباط الجيش وغيرهم بتهم جرائم حرب.

و”إسرائيل” ليست عضوًا في المحكمة الدولية، إذ رفضت الموافقة على أحد بنود “نظام روما الأساسي” (1998) الذي عليه تعتمد المحكمة في مقاضاتها للأطراف المختلفة، ويتعلق هذا البند بتجريم الاستيطان في أراض غير تابعة للدولة المعنية.

لكنّ قرار الجنائية الدولية قد يشكّل خطرًا على بعض الشخصيات الإسرائيلية إذا قررت المحكمة مقاضاتها، وذلك بسبب إلزام المحكمة جميع الدول ذات العضوية فيها بتسليم المخالفين الذين يدخلون أراضيها إلى المحكمة.

وسارعت جهات إسرائيلية عدة لاستنكار القرار، فقد “وقفت “إسرائيل” وقفة رجل واحد لفعل ما تجيده أكثر من أي شيء آخر، التباكي والتهجّم، وبدلًا من أن تتواضع أمام المحكمة وتشكرها على التحقيق في الحقيقة وتتعاون معها في التحقيق، وطبعًا لا يوجد لدى “إسرائيل” ما تخفيه، بدأ سيل الرثاء والتهديدات”. (1)

 وقد اعتبرت جهات “إسرائيلية” عدة القرار بأنّه “قرار خاطئ قضائيًا من الأساس، ويعتمد على ادعاءات سياسية لا قضائية، (2) بينما أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مقطعي فيديو باللغتين العبرية والإنجليزية يستنكر فيهما قرار المحكمة.

نتنياهو والقرار

وقال نتنياهو: “عندما تحقق المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مع “إسرائيل” في جرائم حرب زائفة تمامًا فهذه معاداة خالصة للسامية، والمحكمة أقيمت لمنع الكوارث، كالمحرقة ضد الشعب اليهودي في أوروبا، واليوم تهاجم المحكمة الدولة الوحيدة للشعب اليهودي”.

وأضاف “تدّعي المحكمة أنّ عيش اليهود في وطنهم جريمة حرب، وتدّعي أنّ جنودنا الأبطال يقومون بجرائم حرب عندما يدافعون عنّا من الإرهابيين الذين يأتون لقتل أطفالنا ويطلقون الصواريخ علينا، هذا الظلم يصرخ في السماء، لن نخضع له أبدًا”. (3)

اقرأ أيضًا.. “إسرائيل”: تاريخ من حظر الفن الفلسطيني

وفي تصريح آخر له قال: “أثبتت المحكمة مرة أخرى أنها جسم سياسي وليست مؤسسة قضائيّة، وهي تتجاهل جرائم الحرب الحقيقية وتلاحق “إسرائيل”، التي هي دولة ذات نظام ديمقراطي صلب وتقدّس سلطة القانون”.

وأوضح: “في قرارها هذا تمسّ المحكمة في حقّ الدول الديمقراطية بالدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، ولعبت بين أيدي عناصر تريد تقويض جهودنا في توسعة دائرة السلام، سنستمر بالدفاع عن مواطنينا وجنودنا من الملاحقة القانونية بكلّ الطرق الممكنة”. (4)

بيني غانس على قرار الجنائية الدولية

من جهته، قال رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن بيني غانتس في ردّه على القرار: “إن قرار القضاة في لاهاي قرار
خطير لا أساس له في القانون الدولي، وتجري عملية المقاضاة في إطار المحكمة الجنائية الدولية دون أي صلاحية
ودون مصداقية من أجل أن تكون أداة تخدم أعداء دولة “إسرائيل”.

وأضاف غانتس: “يريد هؤلاء أن يمسّوا بها من خلال استغلال المؤسسات الدولية سياسيًا، ليس الهدف من المحكمة
الدولية ردع الديمقراطية عن محاربة الإرهاب أو ردع جهود حماية المواطنين”. (5)

أما وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي فقد قال: “قرار المحكمة الجنائية الدولية يحرّف القانون الدولي ويحوّل
هذه المؤسسة إلى أداة سياسة تخدم حركة معاداة “إسرائيل”، ليس للمحكمة صلاحية للقضاء في الملف الفلسطيني”.

وذكر أشكنازي: “أنّ قرار القضاء يقدّم جائزة للإرهاب الفلسطيني ولعناد السلطة الفلسطينية في رفضها للتفاوض
المباشر مع “إسرائيل”، وتساهم في الواقع في زيادة النفور بين الطرفين، نحن نناشد الدول التي ترى أهمية القضاء
الدولي وترفض استغلاله سياسيًا أن تحترم حقّ الدول الأخرى في رفضها صلاحيات المحكمة الدولية، ستقوم
“إسرائيل” بكل الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها”. (6)

المتحدث باسم الجيش

في حين قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “إن موقف “إسرائيل” هو أنّ هذا القرار هو قرار متحيز، لا أهمية له،
ولا صلاحية”.

واعتبر أن الجيش الإسرائيلي دافع عن أمن دولة “إسرائيل” وسيتمر في الدفاع عنه بعزم وعلى جميع الأصعدة،
مضيفًا “سيدعم الجيش كلّ من خدموا فيه من أجل الدفاع عن “إسرائيل”. (7)

 أما المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، فقد اعتبر المحكمة الدولية “خالية من كل صلاحية للقضاء في هذا الشأن.” (8)

من جهته، استنكر السفير الإسرائيلي في أمريكا ووزير الداخلية السابق، جلعاد أردان، قرار المحكمة واصفًا إياه
بالقرار “المشوّه” و”المعادي للسامية” واعتبره “هجومًا على “إسرائيل” والدول الديمقراطية مما يحدّ من إمكانياتها
في حماية المدنيين من الإرهاب”.

 وأضاف “أن المحكمة أنشئت للتحقيق في جرائم الحرب الفظيعة، ولكنها بدلًا من ذلك تتدخل في النزاعات السياسة،
وتكافؤ الإرهابيين الفلسطينيين وتدفع الفلسطينيين بعيدًا عن حركة السلام الدائرة في المنطقة”. (9)

أما رئيس المعارضة الحالي ورئيس حزب يش عتيد، يئير لبيد، فقد قال: “إن قرار المحكمة لاهاي هو وصمة عار
ستستخدم في تعميق الصراع وتشجيع الرفض الفلسطيني، إنني فخور بجنود وضباط الجيش الذين يحموننا من خطر
الإرهاب”.

وأكد “لن تسمح “إسرائيل” للمحكمة الدولية بأن تقاضي جنودنا، أشكر كذلك الرئيس بايدن وحكومته على وقوفهم إلى
جانب “إسرائيل” أمام هذا القرار الرديء”. (10)

يذكر أنّ الساحة السياسية الإسرائيلية بعامتها ترفض قرار المحكمة أو الإقرار بأن “إسرائيل” قد أقدمت على جرائم
حرب في غزة والضفة، إذ اعتبر عضو حزب “ميرتس” اليساري، يئير جولان، أن “إسرائيل لم تقترف أي جريمة
حرب في الأراضي الفلسطينية”. (11)

المصادر:

(1) “هآرتس”: https://bit.ly/3bwPWJI
(2) “واينت”: https://bit.ly/3aMDO85
(3) “قناة رئيس الحكومة الرسمية”: https://bit.ly/3bvxote
(4) “واينت”: https://bit.ly/3aNuVv4
(5) “غلوبس”: https://bit.ly/3qNRLIE
(6) “واينت”: https://bit.ly/3pIvKK1
(7) “غلوبس”: https://bit.ly/3smhKHm
(8) “غلوبس”: https://bit.ly/3smhKHm
(9) “جلعاد أردان”: https://bit.ly/2ZKS630
(10) “يئير لبيد”: https://bit.ly/37GzyoI
(11) “هآرتس”: https://bit.ly/3bB2z6z