مقدمة العساس | نتنياهو على شبكات التواصل | يُقال إن أنواع عدم الصدق ثلاثة: أولها الكذب، وثانيها الكذب البواح، وثالثها وأخطرها الإحصائيات، ومن النوع الأخير يُمكن تفسير سبب الفجوة بين شعبية نتنياهو العالمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين الدولة التي يحكمها ذات المساحة الصغيرة جغرافيًا وديموغرافيًا.
هذا المقال المترجم عن صحيفة ذي ماركر، يكشف حقيقة شعبية نتنياهو الإلكترونية بالأرقام والمعطيات، ويُجيب على حقيقة التدخل بالانتخابات الحالية.
ترجمة العساس | “في الساعة الثامنة مساءً، سأدلي بتصريحٍ خاصّ لوسائل الإعلام على صفحتي الشخصية في فيسبوك، أنتم مدعوون للانضمام”، هذا ما أعلنه نتنياهو على صفحته الشخصية في موقع تويتر، محققًا بذلك سابقة في مجال التواصل مع الجمهور.
يمكن القول إن نتنياهو على شبكات التواصل، الساحر المؤثر على الرأي العام، اخترع هذه الطريقة في ولايته الأولى خلال فترة التسعينات، وكان واحدًا من بين السياسيين الذين أنشأوا موقعًا لمكتب رئيس الحكومة، كوسيلة بث للمعلومات تتجاوز وسائل الإعلام.
ومرة أخرى، يظهر نتنياهو برسالة: “أنتم الآن لا تعتمدون على المعلقين والوساطة من وسائل الإعلام، يمكنكم أن تسألوا عما تريدون، حددوا بأنفسكم ما تروه وتسمعوه”، وهكذا توقف رئيس الوزراء الإسرائيلي عن مخاطبة الجمهور في وسائل الإعلام التقليدية، وتوجّه إلى تحميل العديد من مقاطع الفيديو والمشاركات والتغريدات كل يوم، كما أن المشاركة العالية للمتابعين تؤثر على خوارزميات منصات تويتر وانستغرام وفيسبوك، وتساعده على إيصال رسائله، ومتابعة جمهور جديد له.
اقرأ أيضًا.. نتنياهو والإعلام: هوس السيطرة والعداء
وحصل مقطع الفيديو على 4.5 مليون مشاهدة وفقًا لأرقام فيسبوك، بينما شاهد أكثر من 120 ألف شخص البث المباشر، وفي وقت لاحق، تم رفع مقتطفات من القناة 20، والتي شاهدها أكثر من 400 ألف متابع.
الآن، يدور الحديث حول إمبراطورية إعلام اجتماعي، وكل يوم يرفع نتنياهو رسائل لملايين المتابعين عبر مختلف المنصات، من خلال حسابات متفرقة تموّل “إسرائيل” جزءًا منها.
نتنياهو على شبكات التواصل وخمسة ملايين متابع
تعمل ثلاثة أذرع أساسية على نشر الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهي: صفحات حزب الليكود بتمويل من ميزانية الحزب وتحت إشراف مدير الإعلام الجديد، يوناتان أوريتش، وصفحات رئيس الوزراء التي يمولها مكتب رئيس الوزراء تحت إشراف توباز لوك الذي يدير الآن حملة نتنياهو الانتخابية، إلا أن عدد المتابعين الأكبر هو على صفحات نتنياهو الشخصية.
عام 2010، أنشأ نتنياهو صفحته الشخصية على موقع فيسبوك وكان لديه حينها 2.3 مليون متابع، ومع ذلك لا تعرف مصادر تمويل هذه الصفحات، لكن من المرجح أن أوريتش هو من يديرها.
يقول راز كابلان المتخصّص بالإعلام الجديد: ” في تقديري، تم تمويل الصفحة الشخصية في الأسبوع الماضي فقط من خلال مشاركات بلغت حوالي 10 آلاف شيكل، ويمكن تقدير أن تكلفة ترويج مشاركات فيسبوك على الصفحة الشخصية تصل إلى 50 ألف شيكل في الشهر، أي حوالي نصف مليون شيكل في السنة، ومنذ تأسيس الحساب عام 2010، بلغ الاستثمار في الترويج ملايين الشواكل”.
اقرأ أيضًا.. ضحايا نتنياهو من وسائل الإعلام
نتنياهو مدين بوجوده الواسع ونجاحه في المنصات الرقمية، إذ وصل عدد متابعيه لأكثر من 5 مليون، لمستشاريه الشباب الثلاثة وهم: الناطقة السابقة باسم الجيش الإسرائيلي شير كوهين البالغة من العمر 27 عامًا، والتي تعمل كمتحدثة باسم رئيس الوزراء، ولوك يبلغ من العمر 26 عاما، ويعمل كمستشار جديد لوسائل الإعلام في مكتب رئيس الوزراء، إضافة إلى أوريتش30 عامًا.
نتنياهو على شبكات التواصل وصفحات وصلت العالمية
يتميز النشاط على صفحات نتنياهو الشخصية بعالميته في الأسابيع القليلة الماضية، إذ كشف مؤشر نتنياهو على إنستغرام عن بيانات مثيرة للاهتمام، كانت بأن 68.3٪ من أتباعه هم رجال، و47% من هذه النسبة لفئة ما تحت الـ 21 سنة، بينما فقط 1.7٪ منهم فقط تعتبر حسابات مزيفة “البوتات”.
ويبدو أن الأسبوع الذي قضاه رئيس الوزراء في البرازيل، لم يأت فقط بوعد نقل السفارة إلى القدس، لكنه جاء أيضًا بأسطول مكوّن من حوالي 200 ألف متابع جديد، ينضمون إلى البرازيليين الذين يشكلون 43% من مجمل جمهور نتنياهو الإلكتروني.
ويُرجّح الكثير من الخبراء أن صفحات نتنياهو تشتري متابعين مزيفين من الهند والبرازيل، والهدف من ذلك هو إبراز نتنياهو كقوة عظمى على شبكات التواصل الاجتماعي، وبهذا الشأن تُبيّن د. عنات بن دافيد التي بحثت وفحصت جميع صفحات فيسبوك لعشرين عضوًا في الكنيست على مدار عامين، وبحثت حوالي 40 ألف منشور، و5.3 مليون تعليق وحوالي 750 ألف متابع، أن 60% من المتابعين الذين يعلقّون لدي الأعضاء الآخرين يعلقّون عند نتنياهو، بينما العدد الكبير المتبقي من المتابعين الذين يلعقون عند نتنياهو ما هم إلا أجانب ومتابعين “بلاستيك” يعلقون لمرة واحدة ولا يعودون.
عصر ما بعد الأخبار الكاذبة (FakeNews)
فشل نتنياهو في كسب الإعلام في الفترة الرئاسية الأخيرة، دفعه للتوجه إلى الانترنت، وعلى ما يبدو أن التدخّل في الرأي العام ضمن انتخابات 2019 ليس من المتوقع أن يأتي في شكل أخبار كاذبة تمولها الحكومات الأجنبية، ولكنه سيكون نتاج عمل نتنياهو على مدى السنوات الأربع الماضية، من خلال إضعاف منتقدي السياسات في الإعلام، وكذلك عبر عرقلة قوانين الشفافية في الحملات الانتخابية وقانون الرقابة على المحتوى التحريضي في فيسبوك.
ويُرجح كابلان المتخصّص بالإعلام الجديد أن البلد الأجنبي سيجد صعوبة في نشر المحتوى الكاذب والتأثير على الانتخابات، وذلك بسبب قضية كامبريج التي هزت فيسبوك وطورت أدوات تسمح للمستخدمين بتحديد مصدر المنشورات.
يرى كابلان فإن نشر الأخبار الكاذبة يشكل تحديًا حقيقيًا في بلد صغير، فوفقًا للأرقام الأخيرة فإن بيزك (شركة الاتصالات) لديها 6.6 مليون مستخدم فقط، وكل منشور يؤدي إلى تقصي الحقائق على الفور، والانتخابات تنشر نتائجها في غضون ساعات في وسائل الإعلام التقليدية، تليها الشبكات الاجتماعية.
وهذا على النقيض من الولايات المتحدة، التي لديها أكثر من 300 مليون مستخدم إنترنت من الذين قد يتلقون الكثير من الرسائل دون معرفة مصدرها وما إذا كان قد تم اختبارها من قبل، وبالتالي فإن الخطر الحقيقي في “إسرائيل” ليس معلومات كاذبة من مصدر أجنبي، بل بالأحرى هو الجو السياسي والمعايير الخاطئة التي تميز البيانات السياسية والخطاب العام في الفترة الحالية.
المصدر: ذي ماركر
عنوان المادة الأصلي:بماذا تفكر “رونيت هبيبستيت”؟ الإمبراطورية الإعلامية لنتنياهو تنكشف
تاريخ نشر المادة: 16.01.2019
رابط المادة:https://bit.ly/2AM3AHq
View this post on Instagram