ترجمة العساس | على مقربة من الحديقة النباتية في حرم جبل المشارف بالجامعة العبرية في القدس المحتلة، افتتح خلال العام الماضي المبنى الجديد لـ “كلية مندل”، والمخصص للدراسات العليا في العلوم الإنسانية. من الطابق الخامس لهذا المبنى، حي العيساوية والجامعة العبرية يوجد هناك مجال رؤية واسع يمكّنُنا من رؤية الحي من الجامعة والذي يبعد أمتارًا قليلة عن الحرم الجامعي.
يطرح المشهد أمام الطلاب والمحاضرين أسئلة عديدة. فبالرغم من قرب الحيّ من الجامعة، فإنه لم يكن موجودة وظاهراً دائمًا، هذا بالرغم من أن صوت أذان مساجد العيساوية يصدح في مرافق الحرم الجامعي، كما يمكن استنشاق رائحة الغاز المسيل للدموع المتصاعد من القرية، هذا بالإضافة إلى أن غالبية عمال النظافة العاملين في الجامعة يأتون من العيساوية.
وفي هذا السياق، أقيم قبل أسابيع أول مؤتمر يناقش علاقة الحرم الجامع بالحيّ، تحت عنوان “الحرم والقرية: أن نبحث العلوم الإنسانية أمام العيساوية”. خلال المؤتمر، تحدث بعض الباحثين عن الإزعاج والتأثير الصادر عن مشهد كهذا.
العلاقة بين حي العيساوية والجامعة العبرية
تدور علاقة متبادلة بين الجامعة والعيساوية، لكنها علاقة سلبية على الأغلب. فبالنسبة لأهالي العيساوية، يعتبر الحرم جزءًا من الحيز الإسرائيلي الذي يحاصر القرية ويمنع تمددها. بالإضافة إلى ذلك، فقد أغلق مدخل القرية القريب من الجامعة منذ 12 عامًا، إذ يمنع التنقل بالمركبات.
ومن أكثر الأمور اللافتة في الحرم الجامعي هو وجود عمال نظافة من العيساوية نفسها. يقول أحد الناشطين الإسرائيليين أوري عجنون: “بالتأكيد هم ليسوا موظفي جامعة بل شركة مقاولات، والتشغيل عبر المقاول بهذا الشكل يجعلهم عاملين بالجامعة، وتلك الاستعارة الأقوى التي تعبر عن علاقة الجامعة بالعيساوية”.
ولهذه العلاقات المتوترة بين المبنى الفخم العالي والقرية الفقيرة تاريخ طويل، إذ تتميز العيساوية أنها لم تقصَ خارج الخط الأخطر بحسب الخرائط، وبقيت تحت السيطرة الإسرائيلية بين عاميّ 1948 و1967.
اقرأ أيضًا.. الجامعة العبرية و”أم ترتسو”.. غزل عنصري
في الواقع، إن تعامل بلدية القدس مع العيساوية لا يختلف عن تعاملها مع باقي أحياء شرقي القدس، بل ربما أكثر قسوة. ففي الفترة الممتدة بين النكبة وحتى “حرب الأيام الستة” (النكسة-حرب 1967)، استقبلت الجامعة العبرية عشرات الجنود الذين التزموا بزيّ الشرطة (بناءً على قرارات وقف إطلاق النار، ومنع وجود الجيش هناك آنذاك) وحصلت مواجهات شرسة بين أبناء القرية والشرطة.
أهالي العيساويّة والمطالبة بفتح الطريق
وفي المسألة نفسها، بحثت المؤرخة في الجامعة العبرية، يفعات فايس، في الفترة ما بين 1948 حتى 1973. وجاء في دراستها أن أهالي العيساوية طالبوا إسرائيل عام 1953 بفتح طريق القرية القريبة من القدس، وكتبوا: “لا نعرف ما هي المتعة التي تجنيها الحكومة من إذلال الناس وتعريتهم، من منظر رجل طاعن في السن يقع في الوحل أو طفلة متجهة للمدرسة بين القاذورات والنفايات!”.
وفي السياق نفسه أضاف الناشط السياسي، هاني العيساوي، شهادته قائلاً: “أذكر أن من احتلوا العيساوية عام 1967 خرجوا من الحرم الجامعي. وما زالت آثار الرصاص الذي أطلقوه من بنادق نصبت على أسطح مباني الجامعة على جدران بيوت قريتنا”. ويتابع العيساوي: “المبنى الجديد للجامعة أقيم أيضًا على أراض صودرت من والدي”.
وبعد الحرب، توسع حرم الجامعة، وتوسعت القرية أيضًا دون أن تحظى بأي خدمات من بلدية القدس، مثل كافة المناطق العربية شرقي القدس. وعليه، بنيت غالبية البيوت دون ترخيص، ولم توسع البلدية خريطة الحيّ الهيكلية، ورفضت طلبات المؤسسات لتوسعتها.
تتعرض العيساوية للخنق والتضييق من البلدية، بالإضافة لتعامل الشرطة القاسي. إذ تُنصب الحواجز للضغط على الناس، ويتم اقتحام القرية بشكل مستمر وتطلق قنابل الغاز تجاه البيوت. وتحاط القرية بمستشفى هداسا والجامعة العبرية والتلة الفرنسية من جهة، وشارع القدس – أريحا من جهة أخرى، مما يمنع تمدد القرية من هذه الجهات.
المصدر : http://www.haaretz.co.il/news/local/.premium-1.2902468?&ts=_1459850053015