مقدمة العسّاس |
سمح الأرشيف الإسرائيلي بنشر بروتوكول محادثة أجراها قائد لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي مع جنود إسرائيليّين عائدين من الأسر في مصر بعد صفقة تبادل أسرى، ما تفاصيل هذه المحادثة؟ وما الذي تكشفه عن حرب أكتوبر 1973؟
هذه المادة تكشف تفاصيل جديدة سمح بنشرها عن حرب أكتوبر 1973 على لسان أسرى إسرائيليين تم الإفراج عنهم وبقت شهاداتهم سرية لوقت طويل.
ترجمة العسّاس |
بعد مرور 48 عامًا على حرب أكتوبر (حرب يوم الغفران بتسميتها العبرية)، كشف أرشيف الجيش الإسرائيليّ عن بروتوكول المحادثة الصعبة التي أجراها قائد لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي، شموئل حونن (ويسمى أيضًا جوروديش)، مع الجنود الإسرائيليّين العائدين من الأسر في مصر بعد صفقة تبادل أسرى الحرب بين مصر و”إسرائيل”.
وجّه الجنود خلال هذا اللقاء انتقادات لاذعة لجوروديش حول إدارة الحرب، ليقوموا بمواجهته بأسئلة لاذعة عمّا حصل معهم في الحرب.
وأجري اللقاء في 27 نوفمبر 1973، بعد أسبوعين من توقيع اتفاقية تبادل الأسرى بين مصر و”إسرائيل”، وضمّ اللقاء جنودًا وضبّاطًا من مختلف الفرق المحاربة في الجبهة الجنوبيّة الإسرائيليّة.
قال جنديّ من الفرقة 600 للجنرال حونن: “انتظرنا المساعدة من السلاح الجوّيّ والسلاح المدفعيّ، ولو كان معنا السلاح الجوّيّ لكان التغلّب على الأمر ممكنا، نصبوا لنا (الجيش المصريّ) الكمائن عند اقتحامنا”.
فأجابه حونن: لديّ الأسئلة ذاتها، كانت هناك ذخائر، لماذا لم يطلقوا النار؟ لا أعرف. لا تسألوني هذه الأسئلة، فأنا أسأل أيضًا، لماذا لم يهجموا بالمزيد من القوّة؟”.
في حين ادلى جنديّ من الكتيبة 52 (فرقة القدس) أنّ المخابرات الإسرائيليّة لم تقم بعملها المطلوب، وهو الادّعاء الذي تكرّر من أكثر من جنديّ خلال الحديث.
ليردّ عليهم الجنرال: “إنّ سؤال لماذا ظنّت “إسرائيل” أنّ ما تقوم به مصر هو مجرّد تمرين، هو السؤال الأساسيّ هنا”.
ويسأل جنديّ آخر: “كيف أصبح الملك عاريًا في ظرف يوم واحد؟ متى سوف تعطى أجوبة عن هذه الأسئلة؟”، وأضاف: “أين كان جهاز مخابراتنا الجيّد؟” فلم يكن لجورونيش إلا أن يجيب بأنّه هناك فشل واضح بما يتعلّق بالمخابرات، لم تدرك “إسرائيل” تعاظم قوّة الدبّابات المصريّة.
بهذا يوقل إيهود، وهو جنديّ في وحدة ناحل (شباب طلائعي محارب):” قبل الحرب بثلاثة أسابيع، رأينا تحرّكات غير اعتياديّة، وقبلها بأسبوعين رأينا عددًا كبيرًا من الجنود”.
وأضاف: “رأينا القوّات الخاصّة، أتوا إلى المكان، قاموا بالقياس، شاهدوا وراقبوا، سجّلوا وما إلى ذلك”، مؤكدًا: “عملت التراكتورات المصريّة من الصباح حتى ساعات الليل،/ قاموا ببناء قواعد الدبّابات والقنابل، وقبل الحرب بأسبوع ونصف، قمتَ بزيارتك للمكان (موجّها لجورونيش)، وسؤالي هنا: ” ما الذي عرفته عن كل ما يجري؟”.
وأكّد إيهود أنّه قال لضابط المخابرات في الجبهة بأنّه هناك حرب في الأفق لكنّ الأخير لم يصدّقه. فردّ الجنرال جورونيش: “أظنّ أنّ هذه أسوأ، لم تتوقف البلاغات، والجيش الإسرائيلي اعتقد أنّ هذا مجرّد تدريب”.
فتوجّه قائد مجموعة من “ناحل”، الذي حارب في نقطة المراقبة الشرقيّة أمام المصريّن لجورونيش: “لم تتلقّ أيّ نقطة من نقاط المراقبة في خط بارليف (سلسلة تحصينات دفاعيّة بنتها “إسرائيل” شرقيّ قناة السويس بعد حرب ال67) أيّ إنذارات، إلا قبل عشر دقائق من سقوط القذيفة الأولى، وألقوا بقرار الخضوع أو عدم الخضوع على عاتقي أنا، لماذا؟”.
وهنا انضمّ إليه جنديّ آخر: “كان من الواضح أنّ الاستمرار في المحاربة سيكون بمثابة الانتحار، لماذا لم نتلقّ أيّ أوامر؟”.
حينها أجابهم الجنرال: “هناك ما يجب البحث فيه، ومن الممكن أنّ لي أيضا كانت اعتبارات خاطئة حول الأمر”.
وضابط حملات في فرقة الخدمة الاحتياطيّة، الذي خدم في نقطة مراقبة “أ,ركل” شرح كيف كان معه خمسة جنود، من بينهم من لم يعرف كيف يستعمل سلاحه الشخصيّ، وقال إنّه كان يجب تقديرهم ككبش فداء.
وأكمل الجنديّ على قصص الفشل “في صباح يوم الإثنين، عندما شنّت الهجمة الأخيرة، لم تكن لدينا ذخيرة، طلبنا المساعدة من الطيران الحربيّ، ولم نتلقّاها، طلبنا نارًا على نقطة مراقبتنا، ونزلنا للقبو، ولم تصلنا النار، دخل الجنود المصريّون وقاموا بإلقاء قنابل الدخان وأشياء أخرى، وأعطوا أمرًا بالنزول للقبو، ولم تصل النار، من الممكن أنّ هذا ما كان من شأنه انقاذنا”.
بعد ذلك عاد الجنرال شموئل للتأكيد: “ذهبنا للنوم في يوم الخميس، مع فكرة عدم قدوم الحرب”.
في حين أنّ جنديّا آخر ادّعى أنّ فرقة الخدمة الاحتياطية التابع لها، خرجت للحرب دون ذخيرة، ليعترف جورونيش بأنّ هذه فضيحة حقيقيّة.
المصادر:
(1) “إن 12”: https://bit.ly/3EnBRvy