مقدّمة العسّاس | سياسة إسرائيل ضد إيران | في نهاية يناير كانون الثاني 2021، هددت “إسرائيل” باستعدادها لعمل عسكري يحول دون الطموح الإيراني لامتلاك قنبلة نووية على حد زعمهم، وتأتي التهديدات بعيد تولي جو بايدن مهامه الرسمية رئيسًا للولايات المتحدة.

هل هذه التهديدات تأتي نتيجة لفشل السياسة الإسرائيلية؟ وكيف كانت خلال العقود الماضية؟

هذه المادة تتحدث عن السياسة الإسرائيلية تجاه إيران والملف النووي، وتشرح أهم نقاط النجاح والفشل حولها.

إعداد العسّاس | 

سياسة إسرائيل ضد إيران

طالما شغلت إيران والمسألة النوويّة حيّزًا كبيرًا في الساحة السياسيّة الإسرائيليّة، من ناحية سياسة التعامل معها من قبل المسؤولين أمنيًا وعسكريًا وإستراتيجيًا، ومن ناحية التهديد الأمنيّ الذي تشكّله على “إسرائيل” والمنطقة، بالإضافة إلى الاتفاقيات النووية مع الدول الكبرى وكل ما يدور حولها من علاقات قوّة ومصالح وسيطرة.

منذ الفترة التي ترأس فيها شارون الحكومة، منح للتهديد الإيرانيّ مكانة خاصة، ومن ثمّ اعتبر كتهديد رئيسيّ في فترة إيهود أولمرت، إذ جاءت إيران على رأس قائمة “تسياح” للأولويات الاستخباراتية “الإسرائيلية”.

كما حافظت إيران على منصبها في قائمة التهديد في الأجندة الإسرائيلية، حتى بعد تعيين نتنياهو رئيسًا للحكومة، في الفترة التي تبعت “نزاعات” بين “إسرائيل” وكل من فلسطين وسوريا ولبنان.

انتهز نتنياهو فرصًا عديدة للتشديد على أن إيقاف الخطة النوويّة كليًا يعد غاية عليا لـ “إسرائيل”، وشاركه الرأي المجتمع الدوليّ الذي اشترط إنهاء فرض عقوبات على إيران مقابل التزامها دوليًا بالامتناع عن استعمال سلاحها النوويّ، وذلك بالرغم من الموافقة العامة والعابرة للحدود على عدم الثقة في تعهدات الطرف الإيراني الحاليّ. ط

وتهدف هذه العقوبات إلى إجبار إيران على التراجع عن طموحاتها النوويّة العسكريّة، وتهديد استقرار الحكم في إيران، والإثبات لباقي دول الشرق الأوسط بأن سلك طريق إيران سوف يعود عليها بالمتاعب. (1)

خطاب نتنياهو

في خطاب ألقاه “نتنياهو” في الأمم المتحدة، قال إن لـ “إسرائيل” هدف، وهو منع إيران من التقدم في قدراتها النووية العسكرية، وفي ذلك لا يختلف رئيس الحكومة الإسرائيلية عن نظرائه في أوروبا وأميركا؛ كما أن استمرار تقدّم إيران النووي هو أمر مرفوض بالإجماع المطلق، ولن يفسح أي منهم المجال لإيران لتحقيق ذلك.

هكذا، يستعمل نتنياهو المسائل الخارجية وعلاقاته الشخصية الجيدة مع شخصيات من الدول الكبرى الحليفة، ومسائل مثل إيران والعقوبات المفروضة عليها وعمليات سرية مثل سرقة الأرشيف النووي من قلب طهران لدعاياته الانتخابية وفرض قوته الإعلامية.

تبعًا لذلك، لم تعد الدول الحليفة لـ “إسرائيل” في هذا الصراع قلقة من الخطر الإيراني فحسب، بل من الخطر الذي من الممكن أن تشكّله “إسرائيل” على “السلام” بدلًا من إيران.

 باستعراض كهذا للقدرات، زاد الخلافات الدولية حول الأمر مع “إسرائيل”، وهدّد الشرعيّة التي تتمتع بها أمام المجتمع الدوليّ.

وبحسب مصادر إعلامية عديدة، في الفترة الأولى لنتنياهو، كبرت الميزانية المخصصة لبناء الجيش الإسرائيليّ وتطويره بمليارات الشواكل، ورغم التستّر على كيفية توزيع هذه الميزانيات، إلا أنها بقيت لأغراض عسكرية بحتة. (1)

نتنياهو و سياسة إسرائيل ضد إيران

يتعامل نتنياهو مع الأزمة المستقبلية في الاتفاق النووي مع إيران، كـ”جائحة كورونا دبلوماسية”، ضارة، مغضبة
ومحبطة، ويتصرف كأنه الوحيد الذي يعرف كيفية علاجها، ومتى وماذا عليه الرد عليها، وأنه الوحيد القادر على
العمليات والقرارات المتعلقة بمجابهتها والانتصار عليها ولا يمكن لاحد سواه فعل ذلك. 

وتذكر مصادر أن هناك اختلاف كبير بالرأي الأمريكي بما يتعلق في الموضوع، ونتنياهو يرى في نفسه أداة وصل،
والمتخذ الجيّد للقرارات، والقادر على توجيه حلول خلاقة من أجل سياسة متحدة ومتفق عليها ومقبولة من الولايات
المتحدة، وذات قوة أمام إيران. (2)

في إطار ذلك، لم تر جهات مختلفة في الساحة السياسة الإسرائيلية الأمر بالنجاح الذي يراه نتنياهو، ومنهم رئيس
الموساد السابق، مئير داجان، الذي حظي بالمنصب على مدى الفترات الرئاسية لشارون وأولمرت ونتنياهو.

 وبحسب رأي داجان، فإن طريقة نتنياهو في إدارة الأمور لا تعود بالفائدة على أحد، وهو من يجلب الضرر
الاستراتيجي الأكبر على “إسرائيل” في موضوع إيران.

وأقال “لم يفكر رئيس الحكومة في التبعيات والمخاطر المترتّبة على الخلاف مع الرئيس الأميركيّ في مسألة مثل
الاتفاقية النووية، لأنه بذلك يهدد “إسرائيل” بمظلة “فيتو” التي من شأنها أن تتسبب لها بعقوبات دوليّة”.

وحذر من أن “خلاف كهذا بين الدولتين يعود بالفائدة على إيران فقط، ويثبت لها نجاحها في التخريب بين “إسرائيل”
وحليفتها الكبرى أمريكا، كما أنه تنازل عن الخيار العسكريّ أمام إيران، وهو الأمر الذي أثار اعتراض الجهات
المختصة أمنيًا وعسكريًا ولكنه، شخص الأقوال لا الأفعال، ولا يرغب في اتخاذ قرار كبير لأنه لا يفضل تحمل
المسؤولية في أي أمر كان”. (3)

توقيع نتنياهو للاتفاقية النووية

في الأيام التي سبقت توقيع نتنياهو للاتفاقية النووية بين إيران والدول الكبرى، علت أصوات عديدة من المعارضة في الكنيست تدعي بأن الاتفاقية هي فشل شخصي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأحد هذه الأصوات كان يئير لبيد،
الذي قال إن نتنياهو هو المسؤول عن الفشل الناجم عن الاتفاقية النووية، وشبّهه أيضًا برئيسة الحكومة جولدا مئير بعد حرب أكتوبر. (4)

ومن أبرز المقابلات التي طرح فيها الأمر، كانت مقابلة مع نائب رئيس الموساد، الذي أنهى 34 سنة خدمة، واسمه
الكامل وصورته يحظر النشر حولهما، ويذكر أنه كان المشرف لجناح الحملات في المخابرات الإسرائيلية في الوقت
الذي سرقت فيه “إسرائيل” الأرشيف النوويّ من قلب طهران.

خلال المقابلة، تحدّث نائب الموساد السابق “أ” عن إيران ونتنياهو بما يتعلق بالمخابرات الإسرائيلية، ويرى أن
العلاقة المتوترة بين نتنياهو والرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، مفهومة ومبرّرة كون تفكيك الاتفاق النوويّ كان غاية
لحملة إسرائيلية، التي عمل عليها رئيس الحكومة والموساد من عملية سرقة الأرشيف وعمليات أخرى في محاولة
لإخراج ترامب من الاتفاق، وبالتالي تفكيكه.

وبحسب رأيه، علاقة نتنياهو برئيس الموساد، يوسي كوهن، هي العامل المؤثر على كل ما ذكر، إذ أت كوهن يتماهى مع سياسة الرئيس نتنياهو، الذي ينشغل معظم وقته بإيران، التي تعتبر أهمية كبرى بالنسبة للموساد، وبهذا تم استعمال جهاز الاستخبارات بالطرق التي تخدم نتنياهو إستراتيجيا، وبالتالي إعلاميًا. (5)

المصادر:

(1) “مولاد”: https://bit.ly/3tv5dly
(2) “معاريف”: https://bit.ly/3r4H2ce
(3) “واينت”: https://bit.ly/3r5dZFk
(4) “والا”: https://bit.ly/3cTR4rh
(5) “واينت”: https://bit.ly/3146T9z