مقدمة العساس | تُشكّل الصناعة الدوائية جزءًا مهمًا من صناعات التكنولوجيا المتقدمة التي تسعى “إسرائيل” إلى الريادة فيها، وقد تكون شركة الأدوية تيفع كبرى شركات هذا المجال، بمثابة المثال الأوضح لفهم هذه المساعي، لا سيما مع وصول قيمتها السوقية إلى 15 مليار دولار ودخولها قائمة أكبر 20 شركة أدوية في العالم، ما ساهم في تشكيلها لـ 10% من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع الصناعة الإسرائيلي، وتوفيرها لـ 41 ألف فرصة عمل. (1)

رغم ذلك، تمر شركة تيفع منذ سنوات بأزمات متعددة أدت إلى هبوطها في مايو أيار 2019 من المركز الأول في بورصة تل أبيب؛ إذ كانت آخر هذه الأزمات وأكثرها حدة هي قضية كبرى متعلقة بالتلاعب في الأسعار ضمن السوق الأميركي، بهذا الشأن: ما هو مستقبل الشركة في ضوء هذه الأزمات؟ وما تأثير انهيارها على الاقتصاد الإسرائيلي؟

هذه المادة تُعرّف بشركة الأدوية الإسرائيلية “تيفع”، وتشرح التحديات التي تواجهها عالميًا في ظل تعرضها لضغوط وخسائر كبيرة.

إعداد العساس | تأسس أول مصنع لشركة تيفع قبل قيام “إسرائيل” بسنوات عدة، حين أقام د.جونتر فرايدلندر عام 1935 مصنعًا صغيرًا باسم “تيفع”، وهي كلمة تعني الطبيعة، وكان ذلك في حي “بيت فيجن” المُقام على أراضي عين كارم والمالحة في القدس، خلال تلك الفترة تمكنت الشركة من بيع أدويتها لبعض الدول العربية بعد مشاركتها في معرض أدوية في القاهرة؛ الأمر الذي انتهى فعليًا مع قيام “إسرائيل”.

بعد عام 1948، تسارع نمو الشركة حيث اشترت عائلة “سولومون” حصة الأغلبية فيها، وباتت تروج لنشأتها بالعودة إلى عام 1901 ضمن مستودع صغير للأدوية في القدس على يد حاييم سولومون، ما أدى إلى نسيان د.فرايدلندر الذي باع كل أسهمه في شركة الأدوية تيفع . (2)

في الوقت الحالي، تعمل شركة الأدوية تيفع في أكثر من 60 دولة، ولها 80 موقع إنتاج حول العالم، منهم 6 مواقع كبرى في “إسرائيل” يعمل فيهم ثلاثة آلاف عامل، بينما يعمل 600 آخرون في مركز البحث والتطوير التابع للشركة التي تفتخر باستثمار 1.5 مليار شيكل في البحث العلمي داخل “إسرائيل”.

تيفع واجهة الصناعة

وتقدم “تيفع” نفسها على أنها واجهة الصناعة الإسرائيلية، إذ أنتجت ما قيمته 100 مليار شيكل من الأدوية واحتلت \
بذلك المركز الأول بحصة تبلغ 15% من الإنتاج الصناعي في “إسرائيل”، كما تميزت بمقاربة هجومية فيما يختص
بالاستحواذ على شركات مختلفة مكنتها من التوسع السريع عالميًا. 

إلا أن توسعاتها بقيت محدودة ضمن السوق الأوروبي والأميركي، وذلك بسبب انحسار أعمال كل شركاتها الحليفة
ضمن سوق العالم العربي والشرق الأوسط بمجرد ظهورها بالصورة، ويظهر ذلك باستحواذ شركة تيفع على شركة
“أكتافيس” للأدوية التي مارست أعمالاً في الأسواق الخليجية سابقًا انتهت مع نهاية عام 2017 بعد إتمام الاستحواذ. (3)

اقرأ أيضًا.. تهريب اللقاحات والأدوية: تجارة إسرائيلية

في العقد الأخير، بدأت “شركة الشعب” كما تلقب بالصحافة الاقتصادية بالتدهور لتسقط في ضائقة مالية بين عامي
2013-2017، كما أن تضخم مبيعات الشركة في العقد السابق كان بسبب نموها في السوق الأميركي ومبيعاتها من
دوائها المبتكر (كوباكسون®) الذي يستخدم في معالجة مرض التصلب المتعدد، وهو مرض عصبي كان مرضاه
يعانون من ندرة العلاجات الفعالة سابقًا.

وكان اعتماد شركة تيفع على هذا الدواء كبيرًا، إذ تجاوزت نسبة أرباح دواء (كوباكسون®) التشغيلية 50% من
مجموع أرباح الشركة في السوق الأميركي خلال الربع الثاني من العام 2013، إلا أن ذلك اختلف بشكل كلي مع
اقتراب انتهاء حصرية دواء (كوباكسون®) في أيار مايو 2014، وهو ما يعني السماح لأي شركة بتسجيل دواء
مثيل بأسعار أفضل، بالتالي تبخرت كل العوائد المتوقعة من مبيعاته . (4) 

شركة الأدوية تيفع والاستقرار المالي

بهذا الشأن، اضطرت شركة تيفع إلى اتخاذ إجراءات متطرفة للحفاظ على استقرارها المالي، إذ أعلنت في ديسمبر
كانون الأول 2017، خططها للاستغناء عن خدمات 14 ألف عامل وموظف مما مجموعه 56 ألف من مختلف
الفروع في العالم، منهم 1700 في مصانعها داخل “إسرائيل” بما يشكل تخفيضًا نسبته 25% من قوتها العاملة في
“إسرائيل” مع خطط لإغلاق مصنعها في القدس. (5)

رغم هذه الإجراءات التي حدّت من أعباء الشركة المالية، استمرت الصعوبات بعد ذلك؛ إذ في أيار مايو 2019
تقدمت 40 ولاية أميركية و12 شركة بدعوى مشتركة ضد شركة تيفع بتهمة التلاعب بالأسعار ورفعها بنسب وصلت
إلى 1000%.

وتلخصت الدعوة بوجود تنسيق تم على مدار 19 شهرًا في الفترة بين 2013 – 2015 لتتمكن شركة تيفع من رفع
أسعار 112 صنف من الدواء مقابل رفع الشركات الأخرى الشريكة في هذا التلاعب أسعار 86 صنف من الدواء. (6)

وكانت هذه الدعوى الأخيرة ضمن سلسلة دعاوى متعلقة بالتلاعب بالأسعار والتسويق غير المصرح به للأدوية
المحتوية على الأفيون، وجميعها مرفوعة على شركة تيفع، والتي من المتوقع أن تكلفها مئات الملايين من الدولارات. (7)

في ظل هذه الظروف، لا يبدو المستقبل مشرقًا جدًا لعملاق “إسرائيل” الصناعي، وهذا مع انخفاض قيمة أسهم الشركة بـ 80% عن أعلى مستوياتها في عام 2015. (8)

وما زالت الشركة تواجه دعاوى قضائية بالجملة، ويتوقع أن تتكلف تسوياتها مئات الملايين من الدولارات (إن لم نقل مليارات) والتي ستضغط أكثر على أداء الشركة خلال العامين المقبلين.

المصادر :

(1) معهد نئمان : https://bit.ly/2knSmE5
(2) هآرتس : https://bit.ly/2kxn79v
(3) شركة تيفع : https://bit.ly/2lJh3e5
(4) ذي ماركر : https://bit.ly/2k5iQdf
(5) كلكليست : https://bit.ly/2k8wpIU
(6) ذي ماركر : https://bit.ly/2lZCzeN
(7) كلكليست : https://bit.ly/2k5iV0x
(8) جلوبس : https://bit.ly/2knSByW

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on