مقدمة العسّاس | إسرائيل والمجتمع البدوي ، يخوض المجتمع البدوي بالداخل الفلسطيني تحديات متزايدة في ظل استهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلي لهم بسياسات تهدد طراز حياتهم الخاص-مثل هدم البيوت بحجة التطوير-وتهدف للحؤول بينهم وبين زيادة الوعي الوطني بقضيتهم الأساسية. من هنا يتناول المقال التالي التدهور في العلاقة بين المجتمع الفلسطيني البدوي وسلطات الاحتلال منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ترجمة العسّاس | يبلغ تعداد السكان الفلسطينيين من البدو في “إسرائيل” ما يقارب الـ 210 آلاف نسمة، أي ما نسبته 15% من مجمل السكان العرب (فلسطينيي الداخل). وبالحديث عن علاقة المجتمع البدوي في الدولة، يذكر أنه في عام 2000، أحدثت الانتفاضة الثانية (الانتفاضة الفلسطينية الثانية) تصدعاً ملحوظاً في العلاقات اليهودية-العربية بشكل عام، ومنذ ذلك الحين والعلاقة بين الدولة والمجتمع الفلسطيني-البدوي في تدهور مستمر.
العلاقة بين إسرائيل والمجتمع البدوي
في هذا السياق يذكر أن هناك عدة عوامل ساهمت في تدهور هذه العلاقة، منها ضعف الحكم الإسرائيلي في المناطق التي يسكنها البدو، وإقصاء القيادات المحلية للمجتمع البدوي، بالإضافة إلى عوامل سياسية أخرى. كل هذا ساهم في تعزيز مكانة الحركة الإسلامية في المجتمع البدوي من جهة، وأدى لاتساع الفجوة الموجودة أصلاً بين المجتمع ومؤسسات الدولة من جهة أخرى.
هكذا يواجه الشباب البدو يومياً الفشل المتواصل للحكومة الإسرائيلية في إدارة الأمور. فلا تزال القرى غير المعترف بها في النقب تعاني من انعدام البنية التحتية، كما أن الجهات المسؤولة عن إدارة شؤونهم لا تتقن اللغة العربية على الإطلاق. ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه باقي البلدات من ضعف في مجال التربية والتعليم وارتفاع معدلات البطالة وانعدام المناطق الصناعية والظلم في جباية ضريبة (الأرنونا) (وهي ضريبة خاصة بالأملاك) المفروضة على الأراضي.
اقرأ أيضًا.. الاحتلال ومصادرة الأراضي.. ماذا بقي لعرب الداخل؟
تعدد الزوجات
ومن الجانب الاجتماعي تشكّل قضية تعدد الزوجات، الذي يعدّ عرفاً في المجتمع البدوي، إشكالاً في ظلّ وجود قانون إسرائيلي يجرمه، وقد تصل عقوبته إلى السجن 5 سنوات. ونظراً لذلك نجد الكثير ممن يخالفون القانون في سبيل زيادة عدد أفراد القبيلة، وبالتالي زيادة نطاق سيطرتهم اجتماعياً واقتصادياً.
هذا التعامل القانوني الحاسم مع العرف الاجتماعي، حسب دراسات أجراها بها البروفيسور عليان القريناوي، إلى تأجج مشاعر الكراهية والمنافسة بين الناشئة، إضافة إلى اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق والضوائق الاجتماعية وتدني التحصيل العلمي وتقدير الذات. بكلمات أخرى، هنا يجد الناشئة من المجتمع البدوي أنفسهم بين مطرقة إهمال الدولة وسندان تركهم من قبل الأب بحثاً عن زوجة ثانية، لاجئين بذلك إلى بدائل أخرى يعتبر البعض منها شديد الخطورة.
وبمواجهة هذه العلاقة المتضعضعة، وفي حال أرادت “إسرائيل” تحسين علاقتها مع المجتمع البدوي، إذن يتوجب عليها النظر إلى جيرانها في سيناء والأردن. ففي سيناء تعاني القبائل البدوية منذ سنوات من إهمال وظلم السلطات المصرية، وتجلى ذلك بمنع أفراد هذه القبائل من الانضمام للجيش المصري وقوات الشرطة، كما حظر دمجهم في الاقتصاد والمجتمع المصري.
اقرأ أيضًا.. التركيبة الديمغرافية لأرض فلسطين قبل النكبة
نتيجة لذلك، بدأ شيوخ القبائل تدريجياً بفقدان تأثيرهم على الجيل الشاب، الذين بدأوا بدورهم بترجمة شعور النبذ والعزلة والرفض إلى الانتقام، واتجهوا بذلك إلى تجارة السلاح وتهريبه، بينما وصل الأمر ببعضهم في السنوات الأخيرة إلى الالتحاق بالمنظمات السلفية والجهادية التي تهاجم أجهزة الأمن والجيش المصري بلا رحمة. ويتشابه الحال كذلك في الأردن، حيث يتعاظم شعور القبائل بالاغتراب عن الدولة والنظام الهاشمي.
المصدر : منتدى التفكير الإقليمي
http://bit.ly/2e9GzQu