مقدّمة العسّاس |

على الرغم من تصريحات تل أبيب التي تدعي الترحيب بالعملية الديمقراطية، من المؤكد أن “إسرائيل” ستمارس الضغوط من أجل عرقلة الانتخابات الفلسطينية المقررة في أيار/مايو 2021، إذ أنها تعتبر كلّ شأن فلسطينيّ من شأنها.

ماذا سيحدث للانتخابات الفلسطينية؟ وما هي الضغوط الإسرائيلية الأميركية الممارسة لإلغائها؟ 

هذه المادة تسلط الضوء على المواقف الإسرائيلية والأميركية من الانتخابات الفلسطينية، وتكشف الضغوط التي تمارسها من أجل إلغاءها أو تأجيلها. 

إعداد العساس |

أعلن رئيس السلطة الفلسطينيّة في الشهر الماضي، عن مرسوم رئاسيّ لإقامة انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في 22 أيّار/مايو 2021، ومن ثمّ انتخابات رئاسيّة في تمّوز/يوليو من نفس العالم.

وإذا تحقّقت الانتخابات وبقيت في موعدها ستكون هذه هي الانتخابات الجدّيّة الأولى في فلسطين منذ 15 عامًا، ولم تقم خلالها سوى انتخابات لرئاسة السلطات المحلّيّة، وفيها ترشّح مؤيّدو حركة فتح مقابل نظرائهم، لأنّ حركة حماس قد قاطعتها. (1)

رغم من ادّعاءات “إسرائيل” والولايات المتّحدة بعدم الرغبة بالتدخّل بشؤون انتخابات السلطة الفلسطينيّة، ترجو كلتا الحكومتان، في القدس وواشنطن، من الفلسطينيّين إلغاء الانتخابات بأنفسهم لأجل المصالح الإسرائيليّة التي من الممكن أن تتضرّر من نتائج غير مرضية في الانتخابات. (2)

كما ترى “إسرائيل” أنّ الانتخابات الفلسطينيّة تضعها أمام أزمة جدّيّة، فمع وجود العديد من العراقيل التي وقفت في وجه حركتي حماس وفتح في الوصول إلى اتّفاق الانتخابات، إلّا أنّهما نجحتا في التغلّب على الخلافات التي لا تزال موجودة بينهما من أجل القيام بالانتخابات، بدءًا من البرلمانيّة إلى الرئاسة ووصولًا إلى منظّمة تحرير فلسطين. (3)

ومن شأن انتخابات ديمقراطيّة متّفق عليها من جميع الأطراف في فلسطين، أن تخلق سلطة وسيطرة على الضفّة الغربيّة وغزّة معًا، وبذلك إنهاء أو تقليل الانقسام الفلسطينيّ الداخليّ، الأمر الذي سوف يسمح لفلسطين بالوقوف والنضال بشدّة أمام المجتمع الدوليّ من أجل الوصول إلى الاستقلال.

ويعد القلق الحقيقيّ لدى “إسرائيل” هو فوز حماس في الانتخابات وتعاظم قوّتها في الساحة السياسيّة مقابل الخمول السياسي للسلطة الفلسطينيّة الحاليّة برئاسة فتح، التي تعتبر صديقة لـ “إسرائيل” وتعود عليها بفوائد سياسيّة عديدة. (3)(1)

في السنوات الأخيرة، عملت “إسرائيل” جاهدة لزيادة قوة وسيطرة حماس في قطاع غزة، وإضعاف حكم عبّاس فيه، وذلك بسبب رغبتها الكبيرة في منع كلّ محاولة نقاش أو تفاوض حول “حلّ الدولتين”.

كما أوضحت سابقا في فترة ترامب الرئاسيّة أنّها لن تسمح بإقامة انتخابات تشارك فيها حماس، مقابل سكوتها وعدم وضوحها الكامل بهذا الشأن الآن. (4)(3)

لذلك، تستطيع “إسرائيل” مساعدة محمود عبّاس في وقت الضيق، ودعمه للفوز بالانتخابات أمام حماس، بواسطة منع إجراء الانتخابات في شرقيّ القدس، بحجّة وجود نشاط سياسيّ لحماس ينتهك السيادة في المنطقة، التي يستطيع أبو مازن استخدامها، مما يدفعه للإعلان بأنّ الانتخابات غير صالحة دون أصوات الفلسطينيّين في شرق القدس. (5)

سابقًا، استعملت السلطة هذه الحجّة لإلغاء الانتخابات، إذ أن تصويت الفلسطينيّين في القدس لم يكن مقبولًا بالنسبة لـ “إسرائيل”، إلا أن المختلف الآن، هو التوجّه الذي ينادي بحقّ سكّان شرقيّ القدس في التصويت، وإمكانيّة إجراء الانتخاب في الصناديق الانتخابيّة في مدن الضفّة الغربيّة أو القرى الفلسطينيّة كالرمّ والعيزريّة أو أبو ديس، الموجودة في “المناطق ب” المحيطة بمدينة القدس. (5)

بهذا السياق، ترى “إسرائيل” أنّ باستطاعة عبّاس الإعلان عن تأجيل الانتخابات لموعد غير مسمّى، بحجّة انتشار فيروس كورونا بنسب مرتفعة في الضفّة الغربيّة وغزّة، وتفاديّا للتجمّعات الناجمة عن وجود انتخابات.

كما يوجد إمكانيّة توريط مروان البرغوثي في إجراءات قضائيّة بحجّة ما، وبالطبع القضاء الفلسطينيّ التابع للسلطة سوف يحكم بأوامر الدولة. (5)(3)

ويرى محلّلون كثيرون، في فلسطين و”إسرائيل”، أنّ فوز حماس سيشكّل حجّة لـ “إسرائيل”، وتحديدًا للتيّار اليمينيّ في الحكومة المقبلة، من أجل التملّص من كلّ الاتفاقيّات مع السلطة، والسعي قدمًا  للبناء والاستيطان في منطقة الضفّة الغربيّة.

لست ذلك فحسب، فهناك حالة من القلق تاجه فوز فتح أيضًا، وإنكار حماس المُحتمل للنتيجة والادّعاء بزيفها؛ وحتى في حال قبول أطراف من حماس بالتعاون مع فتح، لن يكون الأمر مقبولًا على كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكريّ لحماس التي لن تقبل إنزال أسلحتها. (4)

يأتي هذا بالإضافة لكل التدخّلات الإسرائيليّة في أمور الانتخابات الفلسطينية، إذ أعلنت مصادر إعلامية عديدة في “إسرائيل”، في الشهر الماضي عن زيارة قام بها رئيس الشاباك “جهاز المخابرات” الإسرائيلي، نداف أرجمان، لرئيس الحكومة الفلسطينية، محمود عبّاس، طلب منه فيها، وبشكل مباشر، إلغاء الانتخابات، وحذّره من خوضها بالاشتراك مع حماس.

كما قدّم أرجمان تحذيرات حول تقديم الجهود الفلسطينية في مجرى التحقيق ضدّ “إسرائيل” في محكمة “هاج” الدوليّة، وبالطبع، تشكيل حكومة مشتركة مع حماس والعواقب المترتبّة على ذلك، وقوبلت الطلبات بالرفض من قبل عبّاس.

بعد هذه الزيارة، قام ممثل أمريكيّ بزيارة مماثلة للمقاطعة، وجّه من خلالها التحذيرات نفسها. (6)

حتى الآن، لا يوجد بتّ بالحد الذي سوف تتدخل فيه “إسرائيل” في الانتخابات الفلسطينية، كما أنها لم تبدي أي التزامات واضحة حول سماحها لفلسطين بإتمام العملية الانتخابية، ولن يكون الأمر واضحًا إلا إذا تشكّلت حكومة إسرائيلية جديدة. (5)

وكل هذا يأتي في سياق اعتبار “إسرائيل” كلّ شأن فلسطينيّ من شأنها، ولذلك من المستبعد بقاؤها على الحياد في أمر كالانتخابات الفلسطينيّة، وعدم التدخّل فيه كما تدّعي، إذ أنه بشكل مباشر أو غير مباشر، اليد الإسرائيليّة المتسلّطة، لا تتردد في الوصول لأيّ مكان من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها وفرض سيطرتها.

المصادر:

(1) “واينت”: https://bit.ly/3wOxYvZ
(2) “والا”: https://bit.ly/3wMNvfH
(3) “معاريف”: https://bit.ly/3uJb1bP
(4) “زمان يسرائيل”: https://bit.ly/326hxgt
(5) “معاريف”: https://bit.ly/3uLUMum
(6) “القناة العاشرة”: https://bit.ly/3tcYg8W