ترجمة العساس | العمليّة التي أدت لمقتل شرطيين في المسجد الأقصى بـ14 يوليو أحدثت بلبلة في الشارعين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تمخّضت بعمليّة إضافيّة في حلميش ليلة السبت الفائت والتي قُتِلَ بها ثلاثة أفراد عائلة مستوطِنة.

على الرغم من أنّ التسلل للمستوطنات ليس أمراً حديثاً، إلّا أنّ قوّات الأمن استطاعت المحافظة على هدوءٍ نسبيّ خلال السنة الأخيرة. لكن، يبدو بأنّ العنصر الدينيّ قادر على فضِّ هذا الهدوء، آن دخولة ساحة النزاع.

قبل سنتين، وضع قسم الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي تحذيرًا استراتيجيًا أمام القيادة السياسيّة حول إمكانيّة اشتعال الأوضاع في الضفّة الغربيّة. الأمر الذي كاد أن يتحقق مع موجة العلميات الفرديّة التي أدت لمقتل أكثر من أربعين إسرائيلياً إما طعناً أو دهساً أو بالرصاص.

ومع ذلك، لم تفقد “إسرائيل” السيطرة كليّاً في الضفّة الغربية، ربما لكون ردّات الفعل كانت متزنة واستطاعت أيضًا أن تضمّ قوّات السلطة في صفّها لمكافحة العمليات الفرديّة. لكن الحذر ظلّ قائماً خاصّة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى. كان واضحاً للاستخبارات الإسرائيلية أن أي تغيير في الوضع الراهن للسيادة على الأقصى سيثير ردود فعلٍ قويّة في الضفّة الغربية وربما في دول عربية شقيقة كذلك.

من الصعب التكهن أن منفذي العمليّة من أم الفحم وضعوا خطّة بعيدة الأمد للعمليّة. لكن، “إسرائيل” قررت عقب مقتل الشرطيين أن تضع بواباتٍ إلكترونيّة لكشف المعادن على مداخل المسجد مما أثارت احتجاجات فلسطينية عارمة.

تخشى المخابرات العسكريّة والشاباك، تزامناً مع الأحداث، من عمليّات بمبادرةٍ فرديّة أو من مجموعاتٍ محليّة تأثّراً بالتصعيد الدينيّ في المسجد الأقصى. ولذلك، التنبؤ بانتهاء حالة الطوارئ ظهراً، بعد انتهاء الآلاف من صلاة الجمعة على مداخل البلدة القديمة كان مبكراً. على الرغم من أنّ قوّات الشرطة تحضّرت للسيطرة على النظام رغم وفود أعداد كبيرة للصلاة -والتي مرت بهدوءٍ- إلّا أنّ المواجهات اندلعت مُتأخرًا بعد عودة المصلين لحارات شرقيّ القدس وبدء مئات الشباب بالقاء الحجارة والزجاجات الحارقة نحو قوّات الأمن. أسفرت المواجهات عن مقتل ثلاثة شبّان فلسطينيين برصاص إسرائيليّ.

ردود الفعل في الضفّة الغربية كانت هادئة بالمقارنة مع الحساسيّة التي عبرت عنها وسائل التواصل الإجتماعيّ. شارك في المظاهرات في مختلف المدن الفلسطينيّة المئات فقط، ولم يكن هنالك أي حالات قتل. لم تكن هذه المظاهرات مؤشرًا على تفاقم الطاقة السلبيّة في الضفة والتي قد تؤدي لاندلاع إنتفاضة جديدة واسعة النطاق. في تلك الأثناء استطاع منفذ عمليّة حلميش أن يتسلل لبيت في المستوطنة ليلة السبت. وقبل تنفيذه للعملية بساعة ونصف نشر على صفحته الشخصيّة في فيسبوك استنكارًا لما يحصل في المسجد الأقصى والذي قد يكون دليلًا على أن التصعيد هو ما حثّه للقيام بها.

أعلن رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس عن توقيف التنسيق الأمني مع “إسرائيل” بعد الأحداث الأليمة في رحاب القدس. هذه التصريحات ليست وليدة الحالة، بيد أنّ السلطة سعت دائماً للحفاظ على باب التنسيق الأمنيّ موارباً حيث أنّه يمنح أبو مازن درعاً واقياً أمام محاولات حماس بالانقلاب. وفي الجهة المقابلة، يحاول رئيس الأركان في الجيش الإسرائيليّ، الآن، إقناع الحكومة بالحياد عن العقوبة الجماعيّة والتي بدورها قد تهدم كل الجهود المبذولة بهدف التفرقة ما بين المجتمع الفلسطيني ومنفذي العمليّات.

هذا التحدي ليس سهلاً أبداً. حذّر كلٌ من قوّات الجيش والأمن والمنسق الإسرائيلي في الضفّة عن اسقاطات المحافظة على البوابات الإلكترونيّة والتي قد تكون حجّة للفلسطينيين لإثارة الوضع. رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، كان متردداً إزاء إبقاء البوابات ولكن توّصل في النهاية لقرار عدم إزالتها على الرغم من محاولات الوصول إلى تسويّة مع الجهات الأردنيّة والفلسطينيّة.

المصدر: هآرتس: http://bit.ly/2vvqdeX