مقدمة العسّاس | تضييق الاحتلال على زيارة الأسرى | يضع الأسرى في هذه الأيام موضوع “الزيارة” ضمن أهداف الإضراب الذي يشارك فيه أكثر من 1500 أسير في سجون الاحتلال. فالزيارة تحوّلت من حقّ أساسي يحظر على السلطات المسّ به، إلى أداة عقاب يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى وعائلاتهم. في هذا التقرير المترجم عن جهة حقوقية، تتضح بعض الأساليب، المتنوعة، التي يستخدمها الاحتلال لانتهاك حقوق الزيارة ولإنهاك عوائل الأسرى.
ترجمة العسّاس | يدور الحديث عن أحد الحقوق الأساسية للأسير وأفراد عائلته، الذي لا تتوانى “إسرائيل” عن إيذائه عند كل فرصة متاحة، أو فرض قيود مختلفة عليه تزيد من ظروف الزيارات الصعبة أصلًا. أحد الإجراءات التي أقرّها الجيش هي تحديد من يسمح له بزيارة الأسير، واقتصار ذلك على الزّوج أو زوجة الأسير والوالدين والأجداد والأخوة والأخوات والأبناء تحت سنّ 16 عامًا أو فوق 46 عامًا.
زيارة الأبناء
لاحقًا سمح الجيش بإمكانية زيارة الأبناء بين 16-35 عامًا مرّتين خلال العام، وللأخوة في العمر نفسه مرةً واحدةً فقط. لا يتيح الجيش للأهالي في الضفّة الغربية إمكانية الوصول للزيارات بأنفسهم، ولا يهتم بأي ترتيبات تخصّ هذا الموضوع إطلاقا متنصلًا من مسؤوليته، والصليب الأحمر فقط من ينظّم ما تحتاجه زيارات كهذه، ويموّلها بالتّنسيق مع قوات الاحتلال خارج وداخل السّجون وعلى الحواجز.
يعدّ الحصول على موافقة للزيارة عمليةً معقدةً، وفي العديد من الحالات لا تنتهي بالسماح “لأسباب أمنية”. قديمًا، كان يتعلّق ذلك بإدراج الكثير من سكان الضفة الغربية في قوائم “الممنوعين من دخول إسرائيل” لدى الشاباك (المخابرات الإسرائيلية)، وهؤلاء رفضت زيارتهم مباشرةً، لكن اليوم يُتاح المجال أمامهم للزيارة عن طريق تقديم الطلب للجيش من خلال الصليب الأحمر، الذي يوصل الطلب لجهاز الشاباك، وفي حال قُبلَت الزيارة غالبًا م يُمنح الشخص فرصة الدّخول مرةً واحدةً فقط، وتنتهي مدة الزيارة خلال 45 يومًا.
اقرأ أيضًا.. انتهاك حقوق الأسرى برعاية قضائية
هذه الترتيبات المختلفة التي تتعلق بالكثير من العوامل وتوجب تدخل جهاز الشاباك عند كل طلب يتم تقديمه قد تستمر لأشهر عديدة، وفي أفضل الحالات قد يُسمح لهؤلاء “الممنوعين أمنيًّا” بزيارة أفراد عائلاتهم الأسرى في السجون 3 مرات فقط خلال العام. إحدى العراقيل الإضافية هي منع المئات ممن اعتقلوا سابقًا من سكان الضفّة الغربيّة على خلفية جنائية في السجون الإسرائيليّة، سواءً سُجنوا قبل 20 عامًا أو صدرت براءتهم أو حتى من اعتقل لعدّة أيام وخرج دون تقديم لائحة اتهام ضدّه.
تضييق الاحتلال على زيارة الأسرى من غزة
حتى عام 2007 كانت إجراءات الزيارة في غزة تسير بشكل مشابه للضّفة، أما بعد سيطرة حركة حماس على القطاع سُحِبَ هذا الحق من 900 أسير غزيّ كانوا في السجون الإسرائيليّة حينها، ومنعَت عائلاتهم من التواصل معهم،
بادعاء عدم وجود أي جهة فلسطينية كي يُنسَّق معها أمنيًّا على الحواجز التي تسيطر عليها حماس”، على الرغم من
أن تنسيقًا كهذا كان يُجرى دائمًا عن طريق الصليب الأحمر فقط. حتى اليوم يمنع ما يزيد عن 700 أسير غزّيّ ممن
يصنّفون بأنهم “أسرى أمنيون” من أي تواصل مع عائلاتهم حتى عن طريق الهاتف. أحيانًا يتم إيصال الرسائل من
أفراد العائلة عن طريق الصليب الأحمر، وحتى هذه الرسائل التي تعد في الكثير من الحالات وسيلة الاتصال الوحيدة
لا تصل أو تُسلَّمُ للأسير بتأخّر متعمد.
الصعوبات والعراقيل
لا تقف الصعوبات والعراقيل عند الحصول على موافقة للزيارة فقط، بل إنّ هذه العراقيل ترافق الزائر حتى النهاية،
وتبدأ مع ركوب أحد باصات الصليب الأحمر المعدَّة لنقله عبر الحواجز إلى السجون. في الحاجز يُفحص الأشخاص
ويفتشون وتفتَّش أمتعتهم بشكل دقيق ليُنقلوا بعدها إلى باص آخر إسرائيلي -يستأجر أيضًا بواسطة الصليب الأحمر-
وترافق هذه الباصات منذ لحظة مغادرة الحاجز حتى وصول السجن سيارات شرطة تابعة للاحتلال، ولقلة سيارات
الشرطة التي يتم توفيرها على الفلسطينيين أن ينتظروا انتهاء تفتيش الجميع وخروج الباصات معًا، الأمر الذي يضيف
ساعات من الانتظار على الحاجز، وخلال المسير تمنع الباصات من التوقف للاستراحة، ويمنع منعًا باتًّا مغادرة الركاب.
قد يصل عدد الباصات في الزيارة الواحدة إلى 10 باصات ويضطر الجميع للانتظار ساعات طويلة في غرف قد لا
تحتوي أحيانًا إلا على بضعة مقاعد حديدية ولا تكفي الأعداد الهائلة الموجودة، بالإضافة لضيق المكان، هذا في حال
تواجدت غرف كهذه أصلًا ففي حالات عديدة يتم الانتظار خارج السجن وفي العراء بصرف النظر عن الحالة الجويّة،
وفي نهاية هذه العراقيل قد لا تتجاوز مدة الزيارة 45 دقيقةً.
ومن مظاهر تضييق الاحتلال على زيارة الأسرى أن قسم من السجون خصَّص أيام زيارات مختلفة للأسرى الأمنيين
والجنائيين؛ لأنّ زيارات الأسرى المصنفين على أنهم “أمنيون” تتم بوجود حائط بلاستيكي عازل بينهم وبين أفراد
العائلة، ولا يُسمح إطلاقًا بأي اتصال جسدي، بل تُجرى المحادثة عن طريق هاتف يصل بين الطرفين أو بوجود ثقوب
صغيرة في الجدار البلاستيكي السّميك، وبوجود عدد كبير من الزائرين في الغرفة ذاتها وجولات السَّجانين الذين
يراقبون، لذلك يحاول الجميع الإصغاء وفهم ما يقوله الطرف الآخر. مؤخرًا كانت هناك مطالبات بزيادة القيود
المفروضة على زيارات “الأسرى الأمنيين” ومنعها أيضًا.
المصدر: هموكيد – مركز الدفاع عن الفرد