مقدمة المترجم | كان البارون روتشيلد شخصية مركزية في استعمار فلسطين، فمثلا: قدّم 30 ألف دونم من الأراضي التي امتلكها بمنطقة قيسارية الساحلية، “هدية” لدولة الاحتلال. لكن دوره لم ينتهِ مع استكمال الاحتلال عام 1948. فحتى يومنا هذا، تملك عائلة روتشيلد صناديق مانحة ضخمة تعمل على تمويل مشاريع مختلفة لخدمة “إسرائيل” حول العالم، فتموّل الأبحاث وتقدم منحاً طلابية لخلق جيل قيادي صهيوني آخر.

عند وفاة روتشيلد عام 1997، انتقلت المجموعة المصرفية وشبكة الصناديق الخيرية التابعة للعائلة لابنه –البارون نيامين دي روتشيلد، الذي يدير اليوم هو وزوجته البارونة آريان دي روتشيلد نشاط صندوق “روتشيلد قيساريا” في “إسرائيل” كجزء من شبكة صناديق ادموند دي روتشيلد التي تعمل بمجال التعليم في جميع أنحاء العالم”.


ترجمة العسّاس | كان البارون روتشيلد (1845- 1934) شخصية مهمة في تشكيل مستقبل الشعب اليهودي وتاريخ دولة “إسرائيل”.

بداية مساهمة البارون روتشيلد

بدأت مساهمته في التوطين العبري للبلاد في بداية ثمانينات القرن الـ19، حين مرت المستوطنات الأولى التي أقيمت على يد “محبي صهيون” بأزمة مالية. طلب ممثلي المستوطنات مساعدة فورية للطلائعيين (القادمون المستوطنون الأوائل) الذين قدموا إلى البلاد. موَل البارون جميع مصاريف مستوطنة “ريشون لتسيون”، “زخرون يعقوب” و”روش بينا” (وهي أولى المستوطنات التي بنيت في فلسطين قبل النكبة).

اقرأ أيضًا.. كيف غيرت حرب 1967 الاقتصاد الإسرائيلي؟

على مدار سنين، اشترى البارون مساحة أراضٍ كثيرة، وكان راعٍ لمستوطنات عديدة وأرسل خبراء زراعيين لمساعدة الطلائعيين. أقام البارون وخلفائه 44 مستوطنة ومدينة وتجمعات سكنية (كيبوتسات)، امتدت من منطقة المطلة في الشمال وحتى مستوطنة “مزكيرت باتيا” في الجنوب (قضاء الخليل). وسمّي جزء من هذه الأماكن على اسم أبناء عائلة روتشيلد، نذكر منهم “زخرون يعقوب” على اسم والده يعقوب- جيمس، “مزكيرت باتيا” على اسم والدته باتيا-بتي، و”جفعات عادا” على اسم زوجته عادا-ادلييد.

بالإضافة إلى التوطين، ترك روتشيلد بصماته على التطور الصناعي في البلاد. بمساعدته، بنيت أول مصانع “إسرائيل”، وبينها مصانع الخمر ومصانع زراعية ومحطات توليد الطاقة. الهدف من وراء هذه المساهمات كان الوصول إلى استقلالية الشعب اليهودي. كما كانت صحة المزارعين الطلائعيين (أول المزارعين اليهود وصولاً لأرض فلسطين قبل النكبة) مهمة للبارون. ففي تلك الأيام، انتشر في البلاد وباء الملاريا، الذي اهتم البارون بمصاريف محاربته وأنشأ مستشفى لمعالجة المرضى.

مجال التربية

كان مجال التربية من المجالات التي أثارت اهتمام البارون أيضاً، إضافة للدين واللغة العبرية. فقد عمل على تشجع الطلائعيين للحفاظ على علاقتهم بالدين اليهودي بطرقهم الخاصة، فأنشأ الكُنس والمدارس وشجع استخدام اللغة العبرية.

في عام 1924 أسس البارون شركة “بيكا”(Palestine Jewish Colonization Association)، أي “رابطة الاستعمار اليهودي لفلسطين)، وهو جسم تنظيمي يدير الأراضي في “إسرائيل” ترأسه ابنه جيمس. وخلال فترة الحرب العالمية الأولى اقترب روتشيلد بالتدريج من الحركة الصهيونية ودعمها. وبالتالي منح منصب المدير العام الفخري للوكالة اليهودية في عام 1929، تقديراً لجهوده.

كانت زوجته، البارونة عادا-ادلييد دي روتشيلد، شريكة فعالة وانضمت إليه في زياراته الخمس للبلاد. وقادت بنفسها مبادرات خيرية مختلفة وأقامت “مؤسسة الشباب اليهودي” في باريس. وبعد عشرين عامًا على وفاتهم، في 6 أبريل عام 1954، تم إحضار عظامهم إلى البلاد بواسطة السفينة البحرية العسكرية ودفنوا في منطقة “رامات هنديف” الواقعة بين مستوطنتين سمّيتا على اسمه واسم والده، “بنيامينا” و”زخرون يعقوب”. كتب دافيد بن غوريون، رئيس الحكومة الأول، في مديحه للبارون: “أشك ان كنا سنجد في جميع أجيال الشعب اليهودي على مدار ألفي عام، شخص رائع كهذا الذي بنى التوطين اليهودي في هذا الموطن”.

المصدر: رامات هنديف http://bit.ly/2o2C0Ns