مقدمة العسّاس | بينما طغى الخطاب الترحيبي على تصريحات الساسة الإسرائيليين، إلا أن المحللين اعتبروا بأن تعبير “غير متوقع” هو العنوان الملائم للمرحلة القادمة إذا ما تحدثنا عن العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
ترجمة العسّاس | يقول كبار الخبراء الإسرائيليين الذي يعرفون دونالد ترامب، جيدًا، أنّه بلا شك يعتبر من أكبر الداعمين لـ “إسرائيل”. فهو يعلم جيدًا حجم القوة الاقتصادية لها، كما أن لديه علاقات مهمة مع رجال أعمال إسرائيليين – بمجال العقارات تحديدًا. وعليه، من المتوقع أن يظهر الرئيس ترامب فور جلوسه في البيت الأبيض علاقته المشجعة كثيرًا، وأن يكون من أكبر الداعمين لكل خطوة إسرائيليّة، سواء في المجال الأمني أو الاقتصادي أو الدوليّ، بخلاف الرئيس السابق باراك أوباما.
يحيط بترامب الكثير من اليهود، ويعد الأكثر قربًا منه هو صهره جيرارد كوشنر، زوج ابنته ايفنكا، الذي من المتوقع أنّ يتولى منصباً مهماً جدًا بالعلاقة مع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويأتي هذا استناداً لكون كوشنر يتمتع بعلاقة شخصيّة وطيدة جدًا مع السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دارمر. إلى جانب كون والده، تشارلي كوشنر، رجل العقارات الذي سجن على خلفية محاولة ابتزاز، هو صديق مقرّب لنتنياهو منذ كان يشغل منصب سفير “إسرائيل” في الأمم المتحدة.
بالمقابل، وبناءً على خلفيته التجاريّة، يميل ترامب للخلاف مع شركائه ويُعرف بتصرفاته المندفعة. لذلك، بجانب المحبّة المتبادلة بين الطرفين، هنالك من لا يلغي السيناريو الذي سيستعمل فيه ترامب “إسرائيل” كعملة يدفعها في ميادين مختلفة – أمام روسيا مثلًا.
وفي هذا السياق، هناك مسؤولون إسرائيليون يبدون قلقهم من أنّ ترامب، غير المتوقّع، قد ينقلب على “إسرائيل” في لحظات مصيريّة ومفصليّة، ويتذكرون تصريحاته التعيسة عن أن بعض الدول ستضطر للدفع مقابل المساعدة الأمنية التي تحصل عليها، ومنها “إسرائيل”. بالرغم من رجوع ترامب عن تصريحه هذا، إلّا أنّه أنار الأضواء الحمراء في المستوى السياسي الإسرائيلي.
لا أحد في “إسرائيل” يخدع نفسه ويقنعها بأن وعود ترامب ومستشاريه خلال فترة الانتخابات تساوي أكثر من قشرة الثوم، ومن بينها وعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس بدلاً من تل أبيب. هذا إلى جانب تصريحات أخرى عن إلغاء الاتفاقية مع إيران وزيادة الدعم الأمني والاعتراف بضم المستوطنات وشرعيتها واستمرار البناء.
لكن من المتوقع أن يصحّح ويوازي ترامب مواقفه مع الحزب الجمهوريـ أي ان لا يرى بالمستوطنات أمراً شرعياً. ومع ذلك، من المفترض أيضاً أن نظام حكم ترامب لن يعجّل باستنكار الخطوات الإسرائيليّة في بناء المستوطنات كل يوم كما كان الوضع في فترة حكم الرئيس المنصرف باراك أوباما.
كما من المتوقّع أن لا يبذل ترامب جهداً فيما يخص المفاوضات وعملية السلام، بل سيركّز أكثر على المجالات الاقتصاديّة للعلاقات الخارجية الأمريكيّة، فستكون الأولويّة لإصلاح الاتفاقيات التجاريّة مع الصين وأمريكا اللاتينيّة. إلّا أنّ هنالك إمكانية، وبناءً على تصريحات سابقة، أن يحاول ترامب فيما يخص قضيّة المفاوضات مع الفلسطينيين اتخاذ نهج “الكل أو لا شيء”. ومن المحتمل أن يقترح اتفاقيّة للأطراف استنادًا إلى تصريحاته (“امنحوني نصف سنة وسأقوم بحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”).
بالطبع، من الصعب التخمين كيف سيقوم ترامب بمعالجة الأزمات الصغيرة مثل التصعيدات الأمنيّة في الشرق الأوسط. وبالرغم من دعمه لـ “إسرائيل”، لا يمكن إلغاء احتمال توبيخها على خلفيّة أحداث أمنيّة وادعاءات استعمال مبالغ فيه للقوّة والعنف، بنفس أسلوب إصبع الاتهام المُهدِّد لجورج بوش عندما فرض رئيس الحكومة آريئيل شارون الحصار على المقرّ الرئاسي لياسر عرفات في رام الله.
ومن الجدير بالذكر، إن صحّت المعلومات المنتشرة عن “خلية النحل” المُخطّطة لدونالد ترامب، فيمكن لليمين الإسرائيلي فتح الشمبانيا احتفالًا بذلك. وذلك لأن أحد المرشحين لتولّي وزارة الخارجيّة من قبل ترامب هو نيوت غينريتش، الذي صرّح سابقًا أنّ “ليس هنالك شعب فلسطيني”. والمرشح الثاني لنفس المنصب هو جون بولتون، الذي عارض الاتفاقية مع إيران ودعم حملة عسكريّة ضدها. وفي حال تولّى رودي جولياني وزارة الدفاع، وهو المعروف بمواقفه الداعمة لـ “إسرائيل” ضد العمليات الفدائيّة عندما كان رئيس بلديّة نيويورك، سيكون في البنتاغون واحد من أكبر أصدقاء “إسرائيل” على الإطلاق.
إجمالًا، يعتبر ترامب لغز كبير، والقيادة الإسرائيلية لا تحب الألغاز ولا المفاجآت. ونظراً لإدراك الولايات المتحدة لذلك، حاول ديفيد فريدمان، مستشار دونالد ترامب والمرشح لمنصب سفير الولايات المتحدّة في “إسرائيل”، تهدئة المخاوف عندما قال خلال الحملة الانتخابية، إن ترامب سيكون رئيساً رائعاً لـ “إسرائيل” وسيجلس في البيت الأبيض صديق مقرّب جدًا منها.
المصدر : موقع واينت : http://www.ynet.co.il/articles/0%2C7340%2CL-4876467%2C00.html