مقدمة العساس | افتقار شريحة الشباب للوعي السياسي ربما يعتبر وصفة الكارثة في تطور أي مجتمع، وهذا ما تعيه “إسرائيل” بشكل جيد، وتحاول تطبيقه عبر السيطرة على الجامعات الإسرائيلية وجعلها منصات لا تعكس إلا صورتها وما يتوافق مع سياساتها، بهدف ضبط وقمع النشاط الطلابيّ العربيّ في الحرم الجامعي.

كيف تطبق “إسرائيل” ذلك؟ وما هي لجان الطاعة؟

هذا المقال يُسلّط الضوء على أسباب خمول الحراك السياسي في الجامعات الإسرائيلية، ويُبيّن أساليب قمع الأنشطة السياسية العربية.

ترجمة العساس | تعتبر حرّية التعبير والتظاهر وحقّ التنظّم مجموعة حقوق أساسية لم تذكر صراحة في قانون أساس “إسرائيل”، إلا أنه تم الاعتراف بها في أحكام المحاكم كحقوق أساسية تستحقّ الحماية من السلطات ضمن النظام الديمقراطي.

وتدعم مؤسسات التعليم العالي ممارسات الطلّاب وأعضاء الهيئة التدريسية في حرية التعبير عن الرأي والنقاش حول النشاط السياسي، كما أن مختلف أنشطة الطلاب بما في ذلك المظاهرات المتعلقة بالقضايا السياسية، مرحّب بها ويجب تشجيعها طالما أنها لا تضر بالنشاط المنتظم للمؤسسة الذي يدعم ذلك باعتباره أحد وظائفها الاجتماعية الهامة.

في بعض المؤسسات الأكاديمية، تتضمن القوانين تعريفًا يُحدّ من النشاط العام الذي تنظمه اللوائح، ولا يوجد تعريف واضح يسمح لمؤسسات التعليم العالي بمزيد من حرية التصرف في قراراتها لتقييد النشاط العام في الحرم الجامعي أو إتاحته. (1)

في الأسبوع الذي سبق الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في أبريل/نيسان 2019، أجرت “واينت” مسحًا حول عدد الأنشطة السياسية التي تجري في الجامعات في جميع أنحاء “إسرائيل”، وكان الجواب الذي كررته النقابات الطلابية في الجامعات الإسرائيلية هو: “نحن حرم غير سياسي”، بينما قال عدد من الطلّاب: “من الصعب علينا جذب الطلّاب، هناك عدد أقل من الحركات الطلّابية الفاعلة مقارنة بما كانت عليه بالماضي”.

ووجد في مقارنة أجريت بين أعوام 2015 – 2017 بين الجامعة العبرية في القدس، وجامعة حيفا، والتخنيون حيفا التالي:

الجامعة ⁄ السنة 2015 2016 2017
الجامعة العبرية في القدس 176 168 90
جامعة حيفا 132 91 103
التخنيون حيفا 26 15 13

  خلايا نائمة:

في الوقت الحالي، لا تُسمع أصوات الحركات السياسية الطلابية في الجامعات، وكذلك الصراعات على القيادة الطلّابية التي شهدتها الجامعات في أواخر التسعينيات وخلال العقد الماضي اختفت تقريبًا من المشهد العام، كما أن الإشكاليات والاختلافات التي يُمكن أن تؤدي إلى نضال أو “حروب” مثل النية في رفع قسط التعليم، لم تحدث في السنوات الأخيرة.

في الواقع، انخرطت الحركات الطلّابية بالنضالات الموجودة حاليًا، وأصبحت أقل مبادرة وقيادة لنضالات جديدة، مثلًا في حالة النضال ضد العنف ضد المرأة تم تعليق الدراسة لعدة ساعات في بعض المؤسسات، وكذلك في الحراك من أجل المساواة في الحقوق لمجتمع المثليين، وحتى في الأمور التي أثارت نظام التعليم العالي، مثل القانون الأخلاقي في الجامعات، لم يتم سماع أصوات المؤيدين أو المعارضين من الطلاب.

بهذا الشأن، قال جولدنبرج الذي شغل منصب رئيس نقابة الطلّاب في جامعة تل أبيب بين الأعوام 2007 – 2009، وهو يشغل الآن منصب رئيس المقرّ المركزي لقائمة انتخابات حزب العمل: “هناك عدة أسباب لذلك وأولها انخفاض المشاركة السياسية للمواطنين في “إسرائيل”، والخلايا الطلابية هي بالطبع جزء من السكان، لأن نمط الحياة أفضل وعدد السكان ازداد وزاد معه الشعور بأن التأثير السياسي أقل”.

أمّا شلومي، وهو رئيس الاتحاد الوطني للطلّاب يُرجح أسباب تراجع النشاط السياسي في الجماعات إلى الشعور بـ “الاشمئزاز من السياسيين وعدم الثقة في القدرة على التأثير”، وفي استطلاع لرأي وجهات نظر الطلاب حول مواضيع مختلفة، أجراه اتحاد الطلاب عام 2018، قال أكثر من نصف الطلاب (51.3٪) إن النظام السياسي لا يسمح لأشخاص مثلهم بالتأثير على السياسة.”

بالإضافة إلى ذلك، هناك عامل آخر يمكن أن يفسر تراجع النشاط السياسي في الأوساط الأكاديمية ويتمثل بالمؤسسات نفسها، وأوضح البروفيسور أورين بيريز، عميد كلية الحقوق في جامعة بار إيلان الذي أجرى مؤخرًا بحثًا حول هذا الموضوع، أن معظم المؤسسات الأكاديمية في “إسرائيل” لم تنظم النشاط السياسي في الجامعات.

وقال بيريز: “قد تفضل الجامعة الهدوء في الحرم الجامعي، فهو أكثر ملاءمة لهم، وأعتقد أن الجامعات بحاجة إلى حماية حقوق الطلاب ومنحهم حرية التعبير عن أنفسهم سياسيًا”. (2)

في عام 2014، منعت جامعة حيفا فعالية طلابية عربية لإحياء ذكرى النكبة، إلا أن الطلّاب أصروا على الاستمرار دون موافقة الجامعة، ما دفعها إلى الاستعانة بقوّات الأمن لتفريق الفعالية ومنعها، بينما قام طلاب يهود معظمهم من نقابة الطلاب في ذات اليوم بأنشطة غير مصرح بها منها تشغيل الموسيقى.

وفقًا للطلاب الذين تم تفريقهم، لم يتم تقديم أي شكاوى ضد هؤلاء الطلاب الإسرائيليين، وكان عام 2014 هو العام الثالث على التوالي التي ترفض الجامعة طلب الطلّاب العرب بإحياء ذكرى النكبة، وعقب هذه الفعالية استدعت الجامعة خمسة طلّاب عرب للجنة الطاعة. (3)

في حادثة أخرى في عام 2014 أيضًا، تجمع عدد قليل من الطلاب العرب في الجامعة العبرية بشكل عشوائي ووقفوا وقفة صمت كدليل على التضامن ودعم الإضراب عن الطعام الذي بدأه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية في ذلك الوقت، ما تسبب بإحالة 12 طالبًا وطالبة إلى لجنة طاعة في الجامعة. (4)

أمّا في عام 2015، فصلت جامعة حيفا ثلاثة طلاب عرب على خلفية التصدي للدكتور عمر سالم المصري الذي جاء ليُحاضر في الجامعة حول التعايش، وكان الطلّاب قد اعترضوا على الندوة التطبيعية عبر الهتافات. (5)

بينما في عام 2018، حاولت جامعة تل أبيب فصل اثنين من طلابها على خلفية التصدي للدكتور المصري سعد الدين إبراهيم ووصفه بالمُطبع والهتاف ضدّه، إلا أن الجماعة فشلت في فصل الطلّاب، وأحالتهم إلى لجنة الطاعة. (6)

المصادر :

(1) دين : https://bit.ly/327RdkR
(2) يديعوت أحرونوت : https://bit.ly/2Xsnbtg
(3) هآرتس : https://bit.ly/30aaEYr
(4) هحفرتيت : https://bit.ly/327fpUv
(5) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/2LBN2bm
(6) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/30cOkh0