أطلق مبعثو “كاكال” الصندوق القومي الإسرائيلي الأزرق منذ أكثر من مئة عام، وجمعوا الأموال قطعة قطعة من أجل شراء أراضي الفلسطينيين ؛ لكنّ غالبيّة الأراضي حصلت عليها “كاكال” بعد قيام “إسرائيل”، بعد أن هجّرت الفلسطينيين واستولت عليها.
من المهم هنا، تصحيح خطأ شائع: إنّ غالبية أراضي “كاكال” لم يتم شراءها قبل قيام”إسرائيل” من أموال اليهود الذين تبرعوا للصندوق الأزرق.
الصندوق القومي الإسرائيلي
إنّ “كاكال” تملك 2.35 مليون دونم، أغلبها في مناطق ريفيّة. والتي تساوي تقريباً 11% من أراضي “إسرائيل (21.8 مليون دونم). لكن عند إعلان قيام “إسرائيل”، كانت تملك 940 ألف دونم فقط. فمن أين حصلت على باقي الأراضي؟ بعد انتهاء “حرب الاستقلال” شُرّد العرب من أرضهم وتركوا خلفهم 4.5 مليون دونم تقريباً. هذه الأراضي استلم مسؤوليتها وصيّ من قبل “إسرائيل”.
لقد عرّف قانون أملاك الغائبين (1950) الغائب على أنه: الشخص الذي تواجد في دولة عربية أعلنت الحرب على “إسرائيل” أو كان أحد سكانها، ومنذ شهر تشرين ثاني 1947 حتى اليوم الذي يُعلن عن انتهاء حالة الطوارئ. حُوّلت أملاك “الغائب” لإدارة “الوصيّ لأملاك الغائبين”، الذي كان من صلاحيته بيع الأراضي لــ”سلطة تطوير البلاد”.
وهكذا، حولت حكومة “إسرائيل” (في سنة 1949 ) مليون دونم من أملاك الغائبين لــ”كاكال” بهدف التوطين الزراعيّ. وفيما بعد، اقترحت الدولة تحويل مليون دونم إضافي لكاكال(المليون الثاني).
هنالك ادعاءات مختلفة حول سبب استعجال الحكومة “إسرائيل” حديثة التأسيس في تحويل مساحات أراضٍ كبيرة كهذه لكاكال. مثل الحاجة، التي نتجت في أعقاب فتح باب الـهجرة لفلسطين، لتوفير أماكن سكن وعمل للقادمين الجدد. في السنوات التي تلت تأسيس الدولة، كان دور كاكال استصلاح الأراضي والغابات، التي فتحت أيضاً فرصًا للعمل.
هناك تفسير آخر يذهب إلى أنّ حالة النقص في الغذاء وبالعملة لاستيراد الغذاء، الذي جعل من الضرورة استغلال الاراضي للزراعة. بالإضافة لكل ذلك، كان هناك قلق أن يطالب اللاجئون الفلسطينيون بالعودة لقراهم ومدنهم التي شُرّدوا منها، ولم يكن أمام الحكومة منظمة أفضل(من كاكال) لتنفيذ استقبال وتوطين سريعيّن لليهود القادمين للدولة الجديدة مكان العرب.
كما انه يوجد من يؤكد أن صفقة تحويل الأراضي لكاكال, أساسها الحاجة لعرض السيطرة على الأراضي كصفقة اقتصادية وليس كمصادرة، مما يتنافى مع القانون الدوليّ للحرب. بجميع الأحوال، (المليون الثاني) عُرض من أجل تجنيد أموال خارجية لتمويل الاحتياجات الأمنية لــ”إسرائيل” الحديثة. لكن من المليون الثاني, استطاعت “كاكال” شراء 350 ألف دونم فقط، وهكذا صار بحوزتها الـ 2.35 مليون دونم. بالإضافة لــــ1.35 مليون أخرى قامت بشرائها من سلطة التطوير، أغلبها في مناطق ريفية، في المناطق الأكثر انتاجاً وطلباً في الدولة.
انفصال كاكال عن سلطة أراضي “إسرائيل”
عند عقد الاتفاقية بين “إسرائيل” و “كاكال” في سنة 1960، وإقامة سلطة أراضي “إسرائيل”، لم يكن أحد يتوقع أنّ أراضي “كاكال” ستكون مصدرًا لاموال طائلة (5 مليار شيكل في السنة)، مليار منها دخل مباشر لــ”كاكال”.
لكنّ المبالغ الطائلة، والرقابة على “كاكال” والبحث عن مصادر ربح للدولة؛ جعلوا الدولة في الفترة الأخيرة تهتم بأرباح “كاكال”. بهدف معلن وهو اختزال مليار شاقل من صندوقها. حالياً، بات من الواضح أكثر أن “كاكال” لا تملك القدرة العمليّة على التدخل وتحديد مصير الأراضي التي بملكيّتها. تمثيل “كاكال” في لجنة أراضي “إسرائيل” -الجسم المسؤول عن تحديد سياسات الأراضي في الدولة، تقلّص في السنوات الأخيرة لعضوين من عشرة فقط (شكّل في السابق أعضاء كاكال نصف تركيبة اللجنة). هذه الخطوة قيّدت قدرة “كاكال” على التأثير في سياسات الأراضي ومراقبة عملها.
في ظل هذه الظروف، كان أمر الإعلان عن فصل القوات مسألة وقت ليس إلّا. في سنة 1960 تقرر أنّ صلاحيّة الاتفاقيّة هو خمس سنوات، ويتم تمديدها بشكل تلقائيّ لخمس سنوات إضافيّة بشكل دائم, إلا إذا أعلن أحد الأطراف عن نيّته بعدم تجديدها. في حال انتهاء صلاحيّة الاتفاقيّة، يعود الوضع على ما كان عليه قبل فرض القانون، وتلتزم الدولة بحسب الاتفاقية بأن تقترح في البرلمان القانون المطلوب لذلك. وبالفعل، في بداية عام 2015 أعلن مجلس إدارة “كاكال” عن نيته بإنهاء الاتفاقيّة.
يعتقد داعمو فصل “كاكال” عن سلطة أراضي “إسرائيل” أنّ المنافسة في سوق العقارات ستعزز من نجاعة تسويق الأراضي لاحتياجات الجمهور. بالمقابل، فإنّ القلق حول أنّ الانفصال سيضرّ بشكل فوريّ بقدرة سلطة أراضي “إسرائيل” على التسويق؛ بينما “كاكال” غير جاهزة لإدارة الأراضي التي تملكها بنفسها.
رابط المصدر:
http://m.globes.co.il/news/m/article.aspx?did=1001005617