مقدمّة العساس | أضحى أسبوع الأبرتهايد في الـ 14 عاماً الأخيرة حدثاً سنوياً بارزاً في عدّة دول في العالم. هذا الحدث يبعث القلق عند الجاليات اليهودية في العالم ويغذي مشاعر اغتراب الجاليات تجاه دولة الاحتلال. تهدف الحملة بأثرها التراكمي عزل دولة الاحتلال الإسرائيلي عالمياً، وعليه، يتعيّن على “إسرائيل” وحلفائها الاستعداد لوضع تدابير لكتم الضجيج الذي يتسبب به هذا الأسبوع. تقدّم هذه المادة المترجمة عن مركز الأمن القومي الإسرائيلي ملخصّا عن أسبوع الأبرتهايد وخطره على دولة الاحتلال.
 

ترجمة العساس | منذ 14 سنة بات أسبوع الأبرتهايد حدثاً سنوياً تشارك فيه كل من الولايات المتّحدة وبريطانيا وجنوب أفريقيا. يقام الأسبوع سنوياً بين أواسط فبراير وأواسط نيسان، وهو لا يعبّر عن نقد محدّد ضدّ سياسة إسرائيلية معيّنة، بل على النقيض، يقوم هذا النشاط بالأساس على معاداة صارخة لإسرائيل، ويضم نشاطات تهدف لعزلها ونزع الشرعية عنها عن طريق ربطها بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

لماذا تخشى إسرائيل أسبوع الأبرتهايد

يثير أسبوع الفصل العنصري المخاوف الإسرائيلية لثلاثة أسباب: الأول أن الفعاليات المنظمة غالباً ما تنطوي على
عبارات معادية للسامية، الأمر الذي يبثّ شعور انعدام الأمان لدى الجاليات اليهودية وخصوصاً بين الطلاب اليهود
في تلك الجامعات بالخارج. ثانياً: تظهر استطلاعات الرأي والدراسات أن شعور الطلاب اليهود في الجامعات
بالاغتراب يزداد بسبب توقعات الآخرين منهم اتخاذ موقف سواء كان الموقف داعماً لهذا النشاط أو دفاعاً تجاه
“إسرائيل”. ثالثاً: أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي، الذي يشكل جزءاً من حملة أوسع تسعى “لتشويه” صورة
“إسرائيل” وكذلك تقوم بجهود نشطة لنزع الشرعية عنها.

مثل السنوات السابقة، كانت أنشطة أسبوع الفصل العنصري في عام 2018 متنوّعة، مثل التخريب وكتابة شعارات
على الجدران من قبيل “الصهيونية هي العنصرية”، “مستوطن واحد رصاصة واحدة”. إضافة لعرض أعمال بصرية
ودرامية تجسّد الجدار الفاصل والحواجز، استضافة متحدثين والتصويت على قرارات المقاطعة. على الرغم من هذه
النشاطات التي تهدف بمجملها لعزل ونزع الشرعية عن “إسرائيل” تبيّن هناك اختلافات واضحة بين الدول.

فقد تم تفحّص الأنشطة في أربعة دول رئيسية هي الولايات المتّحدة وكندا وبريطانيا وجنوب أفريقيا على ثلاث
مستويات رئيسية: أولاً على مستوى التنسيق: في جنوب أفريقيا تزامنت كل الأنشطة على مدار أسبوع واحد بينما في
بقية الدول امتدت على مدار شهرين. مكان النشاط: في الولايات المتحدة حُصرت النشاطات في الجامعات ومحيطها
واستهدفت الشباب، بينما في باقي الدول وجّهت النشاطات لفئات مختلفة وجماهير مختلفة من خلال أمسيات شعرية
واجتماعات كنسية.

فيما يتعلّق بالمضمون: في الأربع دول أكدت الفعاليات على “قضايا عادية”، مثل الحواجز والجدار الفاصل والاستعمار الإسرائيلي والأبرتهايد. إلى جانب التركيز على التطوّرات الجارية، مثل اعتقال عهد التميمي أو طرد المهاجرين وطالبي اللجوء من “إسرائيل” (تجدر الإشارة أن أنشطة أسبوع الأبارتهايد عقدت أغلبها قبل اندلاع المواجهات بين الفلسطينيين على حدود غزة وجيش الاحتلال).

انحسار أسبوع الأبارتهايد

وعلى الرغم من التحديات الواضحة، المتعلقة بقياس وتقدير الظاهرة، وفي مقابلات مع نشطاء مؤيدين لـ “إسرائيل”
في الأربع الدول، نستنتج أنه، مقارنة بالسنوات السابقة، فقد عقد أسبوع الأبارتهايد عام 2018 على نطاق ضيق
وهادئ، سواء بين مؤيديه أو مناهضيه

ويمكن عزو الوتيرة الهادئة لعدة أسباب من بينها: تكرار الفعالية على مدار 14 عاماً أفقدها القدرة على تأجيج نفس
المشاعر التي تثيرها قضايا جديدة على نفس الخطّ.

إضافة على ذلك، هذه الحملة بطبيعتها تنافس قضايا محلّية عاجلة، بالإضافة إلى رغبة المنظمين بجذب جمهور محايد، وهو ما تجلّى بالتخفيف من حدّة الشعارات مثل (أسبوع إسرائيل وسحب الاستثمارات) و(أسبوع التوعية من أجل فلسطين) و(أسبوع غزّة).

مع ذلك يجب الحذر على الناشطين مؤيدي “إسرائيل” من العدد المتزايد لليهود المؤيدين لحملة الأبرتهايد،وخاصة أن الحملة وصلت الهند لأول مرة وأجريت فعاليات أسبوع الأبارتهايد في عدد من المدن.

يشير التقييم إلى أن الناشطين المؤيدين لـ “إسرائيل” لم يفاجأوا من الحملة، إذ تمكنت عدّة مجموعات مختلفة من توحيد
الجهود والتعاون فيما بينها، وتمكّن نشطاء مؤيدون لـ “إسرائيل” من تبني استراتيجيات مختلفة في التعامل مع حملة
التشهير، على سبيل المثال: في جنوب أفريقيا حرص المعسكر المؤيد لـ “إسرائيل” على أن ينشط في الفترة التي تسبق
أسبوع الفصل العنصري للتأثير على الأجواء. وفي الولايات المتحدة ركزت العديد من الأنشطة على نشر الرواية
المؤيدة لـ “إسرائيل” ردّا على الخطاب المعادي لها. غالبا ما تكون الأنشطة النضالية في أسبوع الفصل العنصري
إيجابية، بالتركيز على الحوار مقابل الخلاف إلى جانب التركيز على الجوانب المختلفة لـ “إسرائيل” والمجتمع
الإسرائيلي.

اقرأ أيضًا.. تجليات العنصرية في المؤسسات الطبية الإسرائيلية

وأشار ممن أجريت معهم مقابلات في كل بلد إلى أن جهود الاحتواء التي بذلت عام 2018 كانت نتيجة الدروس
المستفادة من السنوات السابقة، فعلى سبيل المثال، عززت الجامعات الإجراءات الأمنية في الحرم الجامعي خلال
الأسبوع وأقامت أماكن منفصلة للنشاط المناهض لـ “إسرائيل” والمؤيد لها.

وقام النشطاء المؤيدون لـ “إسرائيل”بتوثيق النشاطات المناهضة ورصدها كما وردت في تقارير إعلامية متعلّقة بالحملة مثل المنشورات على الشبكات الإجتماعية وعدد الأنشطة المنفذة وعدد المشاركين وقرارات الـ bds التي تمت الموافقة عليها وعدد الجامعات التي أقيمت فيها الحملة.

أثر أسبوع الأبرتهايد

على الرغم من انخفاض جاذبية وقوة أسبوع الأبارتهايد الإسرائيلي عام 2018، وازدياد نجاعة أساليب الاحتواء، ليس من الحكمة تجاهل هذه الظاهر واعتبارها بلا معنى. فإلى جانب الأثر التراكمي لجهود نزع الشرعية عن “إسرائيل” وعقد مقارنة بين نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فإن تقارير مقلقة جداً صدرت عن ازدياد عدد الطلاب اليهود الذين يشاركون في حملات شرسة ضدّ “إسرائيل” وخاصّة في أمريكا، التي تعمّق الفجوة بين يهود العالم وبين “إسرائيل”.

بما أن الحملة السلبية ضد إسرائيل يتم توزيعها بشكل أساسي من قبل نشطاء المجتمع المدني ، فإن الجهود المضادة
أكثر فعالية أيضًا عندما يقودها ويخطط لها نشطاء المجتمع المدني المحليون في مختلف البلدان. هؤلاء النشطاء هم
الأقدر على فهم والاستجابة لتعقيد وتفرد كل بلد، الأمر الذي يعتبر أقل وضوحاً للغرباء.

وعلى الرغم من أن سياسات الحكومة الإسرائيلية المثيرة للجدل حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تغذي بالضرورة جزءاً من الأحداث. يجب أن لا نخطئ ونرى بأسبوع الأبرتهايد ونشاطات الـ bds دعوات لحلّ الصراع أو إقامة دولتين أو للحوار.

وعليه فإن على “إسرائيل” وداعميها أن تستعد لبذل جهود طويلة الأمد ووضع التدابير اللازمة لكتم صوت حملة الابرتهايد، وتقييم تأثير الحملة نفسها ونجاح النضال ضدّها. ومن أجل لجم هذا النشاط يجب توسيع حيّز نطاق تبادل المعلومات لمناهضي هذا الأسبوع وتسليط الضوء على دور “إسرائيل” الهامّ في صياغة استراتيجية منظمة لسدّ الفجوة بين”إسرائيل” والجاليات اليهودية في العالم.

المصدر: http://www.inss.org.il/he/publication/israel-apartheid-week-2018/