البند العاشر من قرار التقسيم
ترجمة العساس | إذا نجح قرار التقسيم في السعي نحو الوصول إلى اتفاق نهائي، فعلى القرار أن يعني أكثر من مجرد تأسيس دولتين. في مرحلة ما، يجب أن تحدث عمليات نقل للأراضي واستبدال للشعوب. وعلى المعاهدات أن تنص على مسؤولية الحكومة عن عملية البيع والشراء، في حال وجود ملاكين عرب في الدولة اليهودية يرغبون ببيع أراض أو معامل أو محاصيل، وهنا برز دور الانجليز الاستعماري ضد فلسطين.

البعد السياسي لمشكلة الأرض

ويعدّ البعد السياسي لمشكلة الأرض هو الأهم، نظرًا إلى حقيقة عدم وجود إجماع منذ 1931، على نسب توزيع الشعوب بين المناطق العربية واليهودية بدقة؛ لكن وبشكل تقديري، يقطن في المنطقة المعدّة للدولة اليهودية (باستثناء المناطق القوية التي ستقع لفترة زمنية تحت حكم الانتداب) 225000 عربي؛ بينما يوجد في المنطقة المخصصة للدولة العربية فقط 1250 يهودي.

ويوجد في القدس وحيفا ما يقارب 125000 يهودي مقابل 85000 عربي. ويشكل وجود هذه الأقليات عائقاً في مسار عملية التقسيم السلسة والناجحة. لو أردنا مستوطنات نظيفة وجاهزة، علينا مواجهة الأمر بجدارة، وهذا يتطلب وجود مؤهلات لدى جميع الأطراف.

تبادل السكان بين تركيا واليونان

ويعدّ التبادل الذي حصل بين الشعب اليوناني والشعب التركي، بعد الحرب اليونانية –التركية عام 1922، سابقة يمكن التعلم منها في الوضع الراهن. حينها، وقعّت الحكومات اليونانية والتركية على اتفاقية، تحت رقابة عصبة الأمم، تنصّ على وجوب نقل اليونانيين المنتمين إلى الديانة الأرثوذكسية والذين يعيشون في تركيا قسرًا إلى اليونان، وكذلك نقل الأتراك المسلمين الذين يعيشون في اليونان إلى تركيا؛ الأعداد كانت كبيرة، بما لا يقل عن 1300000 يونانيّ و400000 تركيّ.

خلال 18 شهراً، وبعد ربيع 1923 تمت عملية التبادل بهمة ونجاعة؛ وكانت جرأة الشخصيات السياسية اليونانية والتركية مبررة إذا نظرنا إلى النتيجة اللاحقة لعملية النقل. ففي حين شكلت الأقليات اليونانية والتركية، قبل العملية عائقاً دائماً بين اليونان وتركيا، أصبحت العلاقات اليونانية-التركية الجديدة وديّة أكثر من أي وقت مضى.

في شمال اليونان، كان هناك فائض من الأرض التي وفرت بسرعة لليونانيين المنقولين من تركيا، بينما لا يوجد في فلسطين، في هذه اللحظة، فائض كهذا. يمكن إتاحة مكان قريب، في الحدود المقترحة للدولة اليهودية، لليهود الذين يسكنون الآن في المنطقة العربية؛ لكنّ تكمن المشكلة الأكبر في العرب، فبالرغم من إمكانية نقل جزء منهم إلى الأرض المخصصة لليهود، يتعذر توفير مساحة كافية لاستيعاب أعدادهم جميعاً. هذه المعلومات تبرر أملنا في تنفيذ خطط واسعة النطاق للريّ، وتخزين المياه، والتطوير في الأردن، بئر السبع وغور الأردن، والتي من شأنها أنّ توفر مساحة مناسبة لعدد كبير من الأفراد في الوقت الحالي.

اقرأ أيضًا.. اليهود.. من كردستان إلى “إسرائيل”

بناءً على ذلك، علينا أن نجري الأبحاث في هذه المناطق أسرع ما يمكن، حتى نستطيع تقدير الإمكانيات العمليّة للتطوير. ومن الواضح وجود مساحة كبيرة من الأراضي والتي يمكن إتاحتها لنقل العرب إليها، لذا يجب العمل جاهداً على عقد اتفاقية تنصّ على النقل، نظرًا إلى العداوة بين العرقين ورغبتهم الشديدة في تقليل الاحتكاك قدر الإمكان؛ وفي هذا السياق، نأمل أن يُظهر القادة العرب واليهود مؤهلات عالية كاليونانيين والأتراك لاتخاذ خطوة جريئة كهذه من أجل السلام.

دور الانجليز الاستعماري في تقديم المساعدة

ولأّنّ الثمن للخطة المقترحة للتطوير أغلى من أن تتحمله الدولة العربية، يأتي دور الانجليز الاستعماري في تقديم المساعدة من أجل التوصل إلى اتفاق؛ وفي حال تمّ الوصول إلى ترتيب معين للنقل، طوعياً كان أم بطريقة أخرى، للشعب والأراضي، يجب على البرلمان الاعتراف بالخطة المذكورة آنفًا.

التوصيات لفترة النقل:

–  الأرض : اتخاذ خطوات من أجل حظر شراء الأراضي من قبل اليهود في المنطقة العربية، ومن قبل العرب في المنطقة اليهودية.

– الهجرة : يجب وضع حدود لهجرة اليهود؛ فلا يسمح لأي هجرة يهودية إلى المنطقة العربية. وبما أنّ الهجرة إلى فلسطين لن تؤثر على المنطقة العربية، وأن الدولة اليهودية ستكون مسؤولة عن أي عواقب، فإنّ تحديد كمية الهجرة يتمّ وفقًا للقدرة الاقتصادية، في فلسطين، للاستقبال، باستثناء المنطقة العربية.

– التجارة : يجب فتح المجال للمفاوضات بدون أي تأخير.

– مجلس استشاري : على المجلس الاستشاري أن يزيد- إن أمكن- من عدد الممثلين العرب واليهود؛ لكنّ في حال رفض الطرفان تقديم الخدمة، على المجلس أن يبقى على ما هو عليه الآن.

– الحكومة المحلية : يجب إصلاح النظام المحليّ وفقًا لتوصيات خبير.

– التربية : يجب العمل جاهداً من أجل زيادة عدد المدارس العربية. وعلى “المدارس المختلطة”، الموجودة في المنطقة، أن تكون تحت سيطرة الحكم الجديد، كما ويجب دعمها بالكامل؛ ومن المهمّ الأخذ بعين الاعتبار تأسيس جامعة بريطانية، لأن هذه المؤسسات قد تلعب دوراً مهمّاً، بعد عملية التقسيم، في تحقيق التصالح بين العرقين.

المصدر : http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/History/peel1.html