مقدمة العساس | يُعتبر إيهود باراك آخر من هزم نتنياهو بشكل كامل عام 1999، وآخر من قاد حكومة إسرائيلية بتوجه يساري، حتى عام 2001، بعد خسارته أمام شارون جرّاء فشل محاولات التسوية مع الفلسطينيين واندلاع الانتفاضة الثانية، ومنذ ذلك الحين وعلى طول 18 عامًا تعاقبت الحكومات اليمينية بقيادة حزبي كاديما والليكود، وتناقصت فرصة التوصل إلى أي حلٍ سلمي للصراع، بهذا الشأن هل ينجح باراك بعودته إلى الحياة السياسية؟ وهل سيبقى بتوجهه اليساري السابق أم سيميل بحسب قوة التيار المضاد؟
هذه المادة تُعرّف برئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، الذي عاد إلى المشهد السياسي والمشاركة في انتخابات سبتمبر 2019 الاستثنائية.
ترجمة العساس |
لم تسفر الانتخابات التي عقدت في أبريل/نيسان 2019 عن تشكيل حكومة واسعة الائتلاف بقيادة نتنياهو، ما دفع الجهاز السياسي الإسرائيلي إلى الإعلان عن انتخابات مبكرة في سبتمبر/أيلول المقبل، وفي ظل سقوط “اليسار” الإسرائيلي وظهور حزب “كاحول لافان” المتردد بين اليمين واليسار، يبدو أن الحالة الحالية أغرت إيهود باراك بالدخول في معترك السياسة والانتخابات مجددًا. (1)
وأعلن باراك في 26 حزيران/ يونيو 2019 إقامة حزب جديد رفقة الجنرال من قوات الاحتياط يائير جولان، ورجل الأعمال كوبي ريختر، والأستاذة البروفيسور يفعات بيتون، وقال حينها: “إن تعطيل العملية الديمقراطية، مرارًا وتكرارًا وتقديم الرشوة السياسية هي السبب المباشر في استمرار نتنياهو، كما أن تقديم موعد الانتخابات هدفه تعطيل محاكمته واتهامه بالرشوة والخيانة”. (2)
وتحرر باراك عبر حزب “إسرائيل ديمقراطية” الجديد من إرث الحزب الذي أنشأه وأسماه “الاستقلال” عام 2011، وقال في هذه المناسبة “إسرائيل تقترب من تفكك الديمقراطية والتنازل عن كل ما نحن عليه، هذا خطر استراتيجي لا يقل عن خطر التهديد الإيراني، يجب علينا الاختيار بين دولة “إسرائيل” ودولة نتنياهو”.
وانضم إلى الحزب الجديد حفيدة بن غريون نوعا روتمان بن أرتسي، التي قالت: “لن نقف مكتوفي الأيدي عما يجري بالحياة السياسة الإسرائيلية”، إضافة إلى انضمام يايا فينك الذي فاز بالمكان الثامن بقائمة حزب العمل الحالية، وغريم باراك السياسي السابق ألداد يانيف. (3)
منذ ذلك الحين، بدأت المناكفات السياسية بين نتنياهو وباراك، إذ قال رئيس الحكومة الحالي في مقطع مصوّر قصير على تويتر “ماذا قدّم مرتكب الجرائم الجنسية لباراك؟ تعرفوا على جيفري إبستين صاحب التاريخ الغني بالجرائم الجنسية الذي أدار مؤسسة وينكسر المسؤولة عن تحويل مبلغ مالي إلى باراك قيمته 2.3 مليون دولار، وهذا مقابل بحث غير موجود على الإطلاق، وباراك نفسه يرفض حتى اليوم الإفصاح عن هذا البحث، ماذا قدّم أيضًا؟ هل سيستيقظ الإعلام؟”.
اقرأ أيضًا.. روني الشيخ.. الثعلب
وجاء الرد في مقطع مصور آخر، يعرض علاقة نتنياهو مع رجال أعمال بما فيهم أرنون ميمران، الذي يتم اتهامه بدعم حملة نتنياهو عام 2009، وقال باراك: “بيبي هل تتحدّث عن المجرمين؟، الخيار بين أيدينا دولة رشاوي أو دولة إسرائيل”.
يذكر أن جيفري إبستين يهودي أمريكي أدين عام 2007 بقضايا استغلال جنسي لفتيات قاصرات ونساء جرّهن للبغاء مقابل حصوله على المال، كما أن لإبستين علاقات سياسية واسعة مع رؤساء سابقين مثل بيل كلنتون والرئيس الحالي ترامب. (4)
ونشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية صورة لإيهود باراك وكان قد أخفى وجهه عند مدخل منزل الملياردير جيفري إبستين في نيويورك، والذي على ما يبدو ضم شابات صغيرات، وجاء رد باراك بأن الموضوع: “كذب بالمطلق، سأرفع دعوى تشهير”. (5)
اقرأ أيضًا.. موشيه كحلون: أقدام ثابتة وسط الأزمة
وكان باراك قد واجه نتنياهو أيضًا في تحدي غطاء الزجاجة، وقال له: “بيبي اشرب شيئًا واسترخ، هذه البداية فقط”، بينما وردّ نتنياهو عليه في مقطعٍ آخر فتح فيه قنينة الأوتروفين (بخاخ الأنف) بإصبع واحد. (6)
ولد إيهود باراك في 12 شباط/فبراير عام 1942، وهو سياسي ورجل أعمال إسرائيلي، تجند ضمن الجيش عام 1959، وشارك في حرب النكسة عام 1967 وحرب أكتوبر 1973، وكان الضابط المسؤول عن إنقاذ العالقين في الطائرة المختطفة “سابينا” عام 1972، ورئيس وحدة ساييرت ماتكال بين عامي 1971 – 1973.
وفي حزيران/يونيو عام 1976، كان باراك أحد المسؤولين عن إخلاء الطائرة الفرنسية التي اختطفت في أوغندة، وتم تعيينه كرئيس قسم هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في عملية “عنتيبي” عام 1982، ثم شغل منصب نائب قائد القوة الفائقة التي تعمل في منطقة البقاع ضمن حرب لبنان الأولى 1982.
أمّا في عام 1983، شغل باراك منصب رئيس قسم الاستخبارات، ثم في 1986 أصبح رئيس لواء المركز وأنشأ وحدة دفدوفان المسؤولة عن العمليات العسكرية في الضفة الغربية، بينما في عام 1992 عيّن كرئيس لهيئة الأركان العامة.
ويعتبر باراك من المسؤولين المباشرين عن مختلف الاغتيالات السياسية للقادة الفلسطينيين، إذ اغتال خليل الوزير أبو جهاد، وكمال عدوان في عملية عرفت باسم “ربيع الشباب”، حيث تنكر بزي نسائي لتنفيذ الاغتيال، ثم في عام 1992 خطط لاغتيال رئيس الأمانة العامة لحزب الله عباس موسوي، في حين قاد عام 1993 المعركة ضد حزب الله في جنوب لبنان، وكان له دورًا في مفاوضات السلام مع الأردن عام 1994.
ويحمل باراك شهادة البكالوريوس في الفيزياء والرياضيات من الجامعة العبرية في القدس، وحصل على الدراسات العليا في تحليل نظم المعلومات من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وأنهى حياته العسكرية عام 1995 مع أوسمة رفيعة منها: وسام الشرف، وثلاثة أوسمة للشجاعة والتميّز في المعركة، وحصل على وسام شرف من رئيس هيئة الأركان العامة أربع مرات.
وفي ذات العام، توجّه باراك إلى مجال إدارة الأعمال الخاصة والسياسة، ثم عيّنه يتسحاك رابين في عام 1995 كوزير للداخلية، ثم عيّنه شمعون بيرس كوزير للخارجية، بينما في عام 1996 انتخب للكنيست الـ 14 عن حزب العمل.
في عام 1999، نافس باراك على رئاسة الكنيست وفاز على بنيامين نتنياهو وخاض الانتخابات بقائمة موحدة اسمها “إسرائيل واحدة” تضم حزب العمل برئاسته رفقة حزبي جيشر وميماد. (7)
مع حلول الألفية الجديدة، وعلى أثر الانسحاب من لبنان والذهاب إلى حل مع الفلسطينيين في اتفاقية كامب ديفيد عام 2000، التي فشلت في نهاية الأمر، بدأ الكنيست بالتفكك لأسباب وشتى، ما ترك باراك بلا ائتلاف حكومي ودون أغلبية مؤيدة، وفي انتخابات عام 2001 تفوق شارون عليه بفارقٍ كبير وفاز برئاسة الكنيست عن حزب كاديما، حينها توجه باراك إلى اعتزال الحياة السياسية.
وبعد ثلاثة سنوات، عاد باراك إلى حزب العمل والحياة السياسية وترشح لرئاسة الحزب ولكنه تراجع عام 2005 عن خوض المعترك السياسي، ثم في عام 2007 خاض الانتخابات التمهيدية لحزب العمل وفاز برئاسة الحزب وكذلك أصبح وزيرًا للأمن في حكومة إيهود أولمرت، بينما في عام 2009 أصبح وزيرًا للأمن في حكومة نتنياهو.
أمّا في عام 2011 أعلن باراك الانفصال عن حزب العمل بعد مناوشات بين أعضاء الحزب، وأنشأ حزبًا جديدًا أسماه “الاستقلال”، إلا أنه في عام 2012 وبعد الحرب على غزة أعلن تنحيه عن الحياة السياسية مرة أخرى. (8)
المصادر :
(1) ماكو : https://bit.ly/2K5IhV1
(2) واللاه : https://bit.ly/2y6ySqr
(3) يديعوت أحرونوت : https://bit.ly/2LEwS1I
(4) يسرائيل هيوم : https://bit.ly/2SzG48b
(5) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/32OS8Hd
(6) معاريف : https://bit.ly/2YgqsHC
(7) همخلول : https://bit.ly/2Gvh9xM
(8) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/30XmGoG
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…