مقدمة العساس | أصبح مصنع بسجوت للنبيذ بمنتجاته العالمية، أفضل مصنع نبيذ في “إسرائيل” لعام 2018، باختيار مجلة “ورلد فاينانس”، وتحققت هذه المكانة على حساب الفلسطينيين وأراضيهم المصادرة التي تم تأسيس المصنع عليها قرب مدينة رام الله في الضفة الغربية، عام 2013.
هذا المقال المترجم عن صحيفة هآرتس، يتحدث عن صناعة النبيذ الإسرائيلي وازدهارها عالميًا على حساب مصادرة الأراضي الفلسطينية، كما يشرح الحراك اليهودي لمواجهة المقاطعة في هذا المجال.
ترجمة العساس | يعرف سكان منطقة البيرة الجبل الموجود شرقي بيوتهم باسم الجبل الطويل، ويذكره كبار السن باسم جبل الكويتي بسبب لجوء السياح الكويتيين إلى قمته الباردة هربًا من صيف الخليج الفارسي الملتهب، بينما بنى البريطانيون مجمع مياه على قمته ليغذي ما بين السليمة إلى رام الله.
في الستينيات امتلكت بلدية القدس، التي كانت خاضعة للسلطات الأردنية حينها، الأراضي وبدأت تنشئ في المكان بنية تحتية لمنشآت سياحية، إلا أن هذه المخططات توقفت نهائيًا مع سيطرة “إسرائيل” على المكان بدوافع أمنية عام 1979.
وبعد مرور سنتين، قررت حكومة بيغن إنشاء “مركز إقليمي بسجوت”، ومنحته لليهود كجزء من التعويض قبل الإخلاء المخطط لشبه جزيرة سيناء في 1982.
عام 1979، كان مهمًا في حياة مائير بيرج، وهو من رواد الاحتلال الزراعي في مستوطنة بسجوت، إذ هاجر إلى “إسرائيل” من الولايات المتحدة، وانتقل فيما بعد إلى العيش في المستوطنة الناشئة، وتظهر الصور الجوية أن المستوطن الجديد القديم تمكن من السيطرة على قسائم بملكية سكان البيرة، من أجل زراعتها.
لم يكن بيرج وحيدًا، فقد استعان بقرض حصل عليه من وحدة الاستيطان لشراء ماكينة رش، وبمخصصات حصل عليها من سلطة المياه، وعلى هذه الأسس المسروقة، سيبني الابن الطموح ياعكوب، السائر على درب والده وبشكل غير قانوني مصنع بسجوت للنبيذ العائلي، وبقربه أيضًا منزله الفاخر.
مع حلول عام 2003 وفي ظل الانتفاضة الثانية، تم إقامة جدار كهربائي حول مستوطنة بسجوت، وهكذا ازدادت الـ 140 دونم التي اقتطعها الجيش الإسرائيلي للمستوطنة مع بداية الثمانينيات إلى 650 دونم، وتعود ملكية أكثر من 500 دونم منها إلى أشخاص من البيرة.
هذه الأراضي بقيت حبيسة الجدار الذي أقيم حول المستوطنة، ما مكّن أصحاب مصنع النبيذ من السيطرة بغضون سنوات على 80 دونم وزراعتها بكروم العنب، رغم أن بيرج الابن هو الجيل الثاني من سارقي الأراضي، ولم يتعرض للقمع من قبل وحدة الاستيطان، بل إنها وضعت في حوزته قرضين من أجل إنشاء مصلحة عائلية.
وعلى ضوء نجاح هذه الطريقة، بدأ مصنع نبيذ بسجوت بشراء عنب من المستوطنات المجاورة ومن بؤر استيطانية أخرى يحترف مستوطنيها السطو العنيف على الأراضي، مثل مستوطني بؤرة “كيدم” ومستوطنة “ألون موريه” و”براخا”.
وهكذا بغضون سنوات، تحول مصنع النبيذ بسجوت من مصنع عائلي متواضع إلى مصنع ينتج مئات آلاف زجاجات النبيذ في السنة، ويصدر أيضًا إلى الاتحاد الأوروبي.
وجاءت هذه النتيجة بعد المرور بالعديد من المشاكل والمعيقات، التي كان أهمها قوانين الاتحاد التي تفرض كتابة توضيح على كل منتج عن مكان إنتاجه، وبما أن بسجوت موجود خارج المناطق الإسرائيلية، طالب الاتحاد الأوروبي يطالب أن يكتب على الزجاجات بشكل واضح أنها جاءت من “المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة”.
ويتضح أن رواد نهب الأراضي في بسجوت هم أيضًا طلائعيون في مجال القضاء، إذ في 2018 قدم “مصنع النبيذ” بمساعدة منظمتين يهوديتين من فرنسا والولايات المتحدة تتخصصان في “محاربة معاداة السامية”، التماسًا ضدّ وزير الاقتصاد الفرنسي، وطالبت بإلغاء أمر الإشارة إلى مصدر الزجاجات في أوروبا.
وتم الادعاء في الالتماس أنه لا يوجد أي واجب قانوني للإشارة إلى اسم الدولة (خلافا للمكان) الذي جاء منه المنتج، كما أنه ليس هناك واجب للإشارة إلى أن نبيذهم تم إنتاجه في مستوطنات الضفة الغربية.
يبدو أنه من السهل على هذه المنظمات تشخيص “معاداة السامية” في أوروبا، إلا أنها تتجاهل سرقة الأراضي التي يقوم بها المستوطنون اليهود في الضفة الغربية بشكل علني.
وجمدت المحكمة الفرنسية بشكل مؤقت تعليمات الإشارة إلى المنشأ، وحولت الملف كي تبت فيه المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي، والتي قامت بمناقشته في 9 نيسان أبريل، وهذا نفس اليوم الذي منح فيه الجمهور في “إسرائيل” 35 مقعدًا للحزب الذي يترأسه سارق متسلسل في أعمال الفساد والذي وعد بضم المستوطنات.
قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ حتى الآن، وحتى اتخاذ القرار المراد هو اقتراح أن الكتابة على الزجاجات أن مصدر النبيذ هو أراض محتلة، وببساطة يكتب عليها أن النبيذ أنتج من عنب نمى على أرض استولي عليها بالقوة من سكان في الضفة الغربية الفلسطينية، وهذا مثير للاهتمام إذا قبلت به عائلة بيرج.
المصدر: هآرتس
عنوان المادة الأصلي: ما هو مخفي في مصنع نبيذ بسغوت؟
تاريخ النشر:09.05.2019
رابط المادة: https://bit.ly/2VTTrFe
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…