مقدمة العساس | طالما تردد مصطلح التنسيق الأمني بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إلا أن أزمة وباء كورونا الحالية أنتجت نوعًا جديدًا من التنسيق المتعلق بالصحة العامة، فما هو التنسيق الصحي ؟ كيف يتم؟ وهل الاحتلال حريص فعلًا على صحة الفلسطينيين؟
هذه المادة تتحدث عن التنسيق الصحي بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، الذي يتم لمواجهة فيروس كورونا ومنع انتشاره أكثر داخل الأراضي المحتلة في المقام الأول.
إعداد العساس
مع بدء انتشار وباء كورونا واكتشافه في الضفة الغربية، بدأت “إسرائيل” مساعيها للتنسيق مع السلطة الفلسطينية حتى لا يصل إليها من هناك، وذلك لتسد ثغرة أخرى قد ينفذ منها بعد أن أغلقت المعابر الحدودية مع مصر والأردن.
جاء هذا التنسيق على مستويات عدّة، ومع عدد من المسؤولين في مختلف القطاعات مثل: الاقتصاد والصحة والأمن، وكعادتها وضعت “إسرائيل” مصلحتها فوق كل شيء.
وقالت مسؤولة الملف الصحي في وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة، داليا باسا: إن “الفيروس لا يقف عند الحدود، وانتشاره في الضفة الغربية سيؤدي إلى تهديد حياة المواطنين الإسرائيليين، موضحة أن وحدة التنسيق ووزارة الصحة ستواصلان تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية من أجل مكافحة انتشار فيروس كورونا، من أجل مصلحة “إسرائيل”، ولدوافع إنسانية في المقام الأول.
إضافة إلى ذلك، أشارت باسا إلى إمكانية توسيع العمل وإرشاد الطواقم الطبية الفلسطينية وإمداد النظام الصحي الفلسطيني بالمعدات الطبية اللازمة، ووفق ما تقتضي الظروف. (1)
مع بداية انتشار الفيروس، تحدث كل من وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، مع وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، واتفقا على عدة خطوات لمحاربة الانتشار والحد منه، كما اتفقا على تقديم “إسرائيل” مساعدات طبية تساهم في كشف الفيروس، ومساعدات متعلقة بتحديد المصابين وتتبعهم، وذلك دون تفصيل عن كيفية هذه الآلية.
بعد هذه المحادثة، بدأت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، من خلال المسؤولة الصحية فيها، العمل مع وزارة الصحة الفلسطينية على كشف المصابين بالفيروس من خلال تقديم 2500 وحدة فحص، كذلك بدأ العمل المشترك بين طواقم طبية وخبراء إسرائيليين وفلسطينيين بهدف دراسة الفيروس بشكل مهني، من خلال فحص وأخذ عينات من المصابين به، بغية الوصول لعلاج مناسب.
اقرأ أيضًا.. الشرطة الإسرائيلية: عنصرية بغطاء كورونا
وقامت وحدة التنسيق بنشر تعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية لمواجهة الفيروس على منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية، ووجهتها إلى الفلسطينيين. (2)
خلال المداولات حول مواجهة انتشار الفيروس في قطاع غزة، ناقش مسؤولون إسرائيليون إمكانية نقل المصابين الأوائل في قطاع غزة للعلاج في “إسرائيل”، في محاولة لمنع انتشار الفيروس ضمن أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان في العالم، وذلك خوفًا من انتشاره الواسع وتأثيره بطبيعة الحال على “إسرائيل”.
وكان الدافع الأساسي لهذا الاقتراح، هو خشية “إسرائيل” من أن الانتشار الواسع لفيروس كورونا في قطاع غزة سيؤدي بالضرورة لتعطيل المنظومة الصحة، ما يمكن أن يؤدي لحالة غليان شعبي تدفع بدورها إلى تفاقم الوضع الأمني والتحول لمواجهة “إسرائيل” وكسر الحصار عن غزة.
وبعد جلسة مطولة شملت مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين ودوليين، تم تعيين جيمي ماكغولدريك رئيسًا للهيئة التنسيقية لمكافحة الوباء بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية وحماس، وتبرعت قطر بمبلغ 10 ملايين دولار، والبنك الدولي بـ 7 ملايين دولار لمكافحة انتشار الفيروس.
بعد ذلك، تم تشخيص نقص معدات حماية الطواقم الطبية في المستشفيات من العدوى، كأهم المشاكل التي يجب علاجها في البداية، وذلك من خلال تقديم وسائل الوقاية لهم بأسرع وقت ممكن.
كذلك، أرسلت “إسرائيل” 200 وحدة فحص فايروس كورونا إلى قطاع غزة، لكن خبراء قالوا إن هذا العدد لا يكفي، والنقص الحاد يكمن في الموارد البشرية، إذ لا يتوفر العدد الكافي من الطواقم الطبية التي تستطيع العمل على الحد من انتشار في الوباء، حال تم تشخيص مرضى به.
حتى الوقت الحالي، لم يشخص أي شخص في قطاع غزة كحامل للفيروس، في حين يقبع 1400 مواطن في الحجر
المنزلي بعد عودتهم إلى غزة عبر معبر رفح. (3)
كانت إحدى المشاكل التي واجهت المسؤولين الإسرائيليين خلال نقاش كيفية مواجهة انتشار الوباء في قطاع غزة، هي التقييدات التي يفرضها الحصار، إذ يحتاج الأمر السماح بدخول مواد إلى قطاع غزة تصنفها “إسرائيل” ضمن المحظورة لأسباب أمنية.
وفي ظل اعتبار “إسرائيل” الكثير من المواد “ثنائية الاستخدام”، في إشارة إلى استعمالات مدنية وعسكرية، فإنها تدرس في ذات الوقت كيفية السماح بدخول مثل هذه المواد إلى القطاع مع مراقبة استعمالها.
بهذا الشأن، قال مسؤولون: إنهم يخشون من استغلال الوضع الصحي والإنساني وإدخال هذه المواد واستعمالها لأغراض عسكرية، ومن ضمن هذه المواد كان ماء الأوكسجين، الذي يعتبر مهمًا جدًا للوقاية من فيروس كورونا، وفي ذات الوقت يمكن استعماله للصناعات العسكرية.
ولا تزال “إسرائيل” تدرس إمكانيات الفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين في الضفة الغربية، إذ تشير كافة الدلائل إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الفلسطينيين في الضفة عن المستوطنين، وذلك بسبب وجودهم في ذات البقعة الجغرافية المتداخلة في معظم الطرق والمواصلات، وكذلك العمال الفلسطينيين الذين يعملون في المناطق الصناعية للمستوطنات. (4)
كما تضمنت الجهود المنسقة بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، تعقب مسار السياح الأجانب الذين شخصوا كحاملين للمرض ويشتبه في أنهم نقلوا العدوى لأناس آخرين، إذ عملت هذه الجهود على إخراجهم من المناطق الفلسطينية بأسرع وقت إلى مطار بن غوريون ومن ثم إلى بلدانهم. (5)
المصادر:
(1) “القناة7”: https://bit.ly/2QrZsny
(2) “واللاه”: https://bit.ly/2xPtR93
(3) “هآرتس”: https://bit.ly/2IVmjUr
(4) “هآرتس”: https://bit.ly/392BFBb
(5) “مكور راشون”: https://bit.ly/39Zj9eo
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…