حرب النكبة: عندما استخدمت “إسرائيل” الحمام الزاجل

مقدمة العساس | استراتيجية الحرب الناجحة لا تتعلق فقط بضخامة القوة النارية والبشرية، إنما بالقدرة على إدارة هذه الموارد بسرعة وسلاسة في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية، ربما من أجل ذلك اهتم الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب النكبة بالحمام الزاجل كوسيلة اتصال فعّالة ومستدامة، وأنشأ لهذا الغرض وحدات عسكرية خاصة.

هذا المقال يتحدث عن توظيف الاحتلال الإسرائيلي للحمام الزاجل قُبيل حرب النكبة، ويوضح فعالية ذلك في ظل عدم وجود تواصل لاسلكي موثوق حينها.

استخدام الحمام في حرب النكبة

ترجمة العساس | ساهم استخدام طيور الحمام بشكل كبير في حماية المستوطنات الإسرائيلية الأولى في فلسطين، وباعتبار أن الحمام وسيلة تواصل سريعة وسرية معروفة منذ القدم، قرر أهرون لآرنسون استخدام الحمام لنقل المعلومات إلى بريطانيا عقب إنشاء فرقة نيلي الطلائعية عام 1915 مع نهاية الحكم العثماني.

اقرأ أيضًا.. إنتاج “إسرائيل” الحربي: قوّة اقتصادية جديدة

خسر لآرنسون في المرة الأولى أربع حمامات من أصل ست، ثم توقف عن هذه الطريقة نهائيًا في سبتمبر/أيلول عام 1917، بعدما هبطت حمامة في بيت الحاكم التركي في قيسارية، وتسببت بإرشاد الأتراك إلى أفراد من فرقة نيلي.

منذ عام 1939 حتى النكبة، تم استخدام الحمام البريدي بشكل واسع بعدما احتلت عصابات الهجاناة والبلماح وسط البلاد، أمّا في القدس فقد تم إنشاء قسم “يوني”، بقيادة “أفراهم عتزهدار” الذي أحضر الحمام من بلجيكا، بينما كان “تسفي ليفين” المسؤول عن الحمام بشكل عام في معظم المناطق.

ليلية الجسور عام 1917، وهي الليلة التي فجّرت فيها العصابات الصهيونية جسر ألنبي، وكان بحوزتها زوجين من الحمام بمسؤولية حاييم بارليف، تم إطلاقها وهي تحمل ببلاغات حول نتائج العملية، وبالفعل وصلت إحداهما إلى مستوطنة كفار مناحيم.

أمّا في الأحداث التي رافقت القافلة المرسلة إلى المستوطنة المحاصرة يحيعام (المقامة على أراضي قلعة جدين المهجرة 1948)، تم قتل 14 حمامة مدربة جيّدا، بالإضافة 74 جنديًا على مفرق الكابري، بينما في يوم المعركة الأخير لمقاتلي مستوطنة غوش عتصيون وقبل إلقاء القبض عليهم أرسلوا زوجين من الحمام برسالة تتضمن أنهم محاصرون بدبابات وبحاجة لقوة جوية لتخليصهم.

وفي 14 مايو/أيار، وصلت حمامة من مستوطنة عتروت إلى القدس في 14 دقيقة في ظروف طقس عاصفة وماطرة، أما في العملية الأخيرة من حرب النكبة واحتلال أم الرشراش (إيلات) عام 1949، تم إرسال حمامة لكفار مناحيم على بعد 240 كم، وفي عام 1948 كان فيلق الاتصالات في الجيش الإسرائيلي يضمّ 58 جنديًا للحمام قاموا بتشغيل حوالي 800 حمامة في خدمتهم.

وحدة لمراسلات الحمام

وأقيمت أول وحدة لمراسلات الحمام في قاعدة التدريب السابعة في “تسرفين”، وكان شمعون هندلر (أفيدور) أول قائد لهذه الوحدة، وهو أحد أهم الشخصيات المختصة في الحمام ضمن الجيش الإسرائيلي، ومن المنسقين الإقليميين في الناصرة وبئر السبع والقدس وإيلات، وضابط وحدة المظليين 890 كالمان ماجن.

وفي عام 1953، تم استخدام الحمام في العمليات العسكرية الخاصة بوحدة المظليين 890، إلا أن ذلك تراجع سريعًا مع دخول أجهزة الراديو للاستخدام، وفي عام 1956 تم تفكيك وحدة الحمام وبقيت بشكل رمزي كتراث للاتصالات في الجيش الإسرائيلي. (1)

الحمام الزاجل في خدمة الاستخبارات الإسرائيلية

امتلكت “إسرائيل” وحدة خاصة بتشغيل الحمام مهمتها ربط العملاء بالوكلاء الذين يعملون عبر الحدود والقوات الخاصة، لاسيما أن فروع الاستخبارات كانت منتشرة عبر قواعد عسكرية عدة، كما أن جنود الحمام الزاجل الذين تخصصوا في تشغيل هذه الخدمة درّبوا وبعثوا الحمام للقيام بمهام خاصة خارج خطوط العدو، لكن مع حلول سنوات السبعينيات تم تفكيك هذه الوحدة أيضًا. (2)

المصادر:

(1) إسرائيل ديفينس : https://bit.ly/2V9vdBA

(1) مركز تراث المخابرات : https://bit.ly/2FcWYUp

فريق الترجمة

فريق الترجمة لموقع العسّاس

Recent Posts

طائرة القنابل: صنعت خصيصًا للفلسطينيين

طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…

سنتين ago

تهجير المسيحيين بعيد الفصح

يستعدّ المسيحيون  للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…

سنتين ago

شهاداتهم عن تهجير حيفا

قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…

سنتين ago

مسيرة الرقص الاستيطاني

باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…

سنتين ago

10 أعوام من تاريخ منع الأذان

يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…

سنتين ago

وحدة الوعي.. رادار لاعتقال المقدسيين

لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…

سنتين ago