مقدّمة العسّاس | يعتبر جابوتنسكي رائد الصهيونية التصحيحية التي انفصلت عن الوكالة اليهودية، وأدانت الكتاب الأبيض وقرار التقسيم، وطالبت بتكثيف الهجرات غير القانونية إلى فلسطين، وإنشاء كتيبة عبرية في الجيش البريطاني. فمن هو جابوتنسكي، وما تأثيره على ظهور اليمين المتطرف الصهيوني، وما هو الوجه اليساري له؟
هذا المقال المترجم عن صحيفة هآرتس، يُعرّف بزئيف جابوتنسكي، وهو أحد أبرز الشخصيات الصهيونية التي أثرت على شكل “إسرائيل” الحالي.
ترجمة العسّاس | في عام 1937، قال جابوتنسكي: “سيكون هناك دائمًا أبناء شعب آخر غير الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وكتب قبل ذلك حول مسألة الأقليات القومية عام 1912، ” باعتبارها من الأمور الأكثر أهمية في حياة كلّ شعب، وهي تقاضي المُشرّع تدقيقًا بكل تفاصيلها وقواعدها”، وهذا ضمن قناعته بمبدأ أحقية كل أقلية قومية بحكم ذاتي.
حاول جابوتنسكي صياغة الحدود بين سيادة الأغلبية القومية، التي تحدّد طبيعة الدولة وسياستها، وبين حق الأقلية في العيش بطريقتها الخاصة، مع الحفاظ على حياة مستقلة.
ويعني هذا أن الأغلبية تحدد طبيعة الدولة، إلا أنها في الوقت نفسه تسمح بمناطق التقاء واستقلالية واسعة، شريطة ألا تضر بالسلطة، وبناءً على ذلك تتمتع الأغلبية بامتيازات في مجالات مختلفة، لكنها لا تعترف فقط بوجود الأقلية وحقها في التعبير عن تفردها القومي، بل تضمنها أيضًا في قانون الحقوق المدنية المتساوية.
وصاغ جابوتنسكي هذه الفكرة من أجل تنظيم مكانة الأقليات اليهودية في الدولة غير اليهودية، وعليه من الجيد تأمين حقوق الأقلية القومية العربية في الدولة اليهودية، بعد عام 1911 الذي ادعى اليمين البولندي في روسيا القيصرية أن الأقلية اليهودية لا مكان لها في بولندا مستقبلًا.
أسس جابوتنسكي في ذلك الوقت مبدأ: “نعم، بولندا فيها قوميتان، والمدن البولندية، تنتمي إلى كلتا القوميتين، وهذا ما سيعجب أحد الأطراف، ولن يعجب الطرف الآخر، بولندا هي أرض البولنديين واليهود، وبصفة عامة هي أرض كل الأمم التي تعيش فيها”.
في عام 1926، عندما تم سؤال جابوتنسكي عن مسألة الصورة المستقبلية للدولة اليهودية، بعد تمركّز الأغلبية اليهودية فيها، أشار صراحة إلى القضية البولندية – اليهودية كنموذج دستوري يجب اعتماده لتنظيم العلاقات بين الأغلبية القومية اليهودية والأقلية القومية العربية.
اقرأ أيضًا.. توغل الشاباك في مؤسسات الدولة
وقال إن “إسرائيل” المستقبلية يجب أن تكون مبنية من وجهة نظر قانونية كدولة “ثنائية القومية”، وليس في “إسرائيل” فقط، بل كل دولة لديها أقلية عرقية مهما صغرت عليها ملائمة نظامها القضائي لهذا الدور، لكي تصبح دولة بقوميتين أو حتى أربع قوميات.
ويبدو أن جابوتنسكي لم يتراجع عن هذا الرأي حتى نهاية حياته، ويظهر ذلك في كتابه الأخير “جبهة حرب شعب إسرائيل” (طُبع باللغتين العبرية والإنجليزية في عام 1940)، والذي رسم فيه صورة الدولة المستقبلية.
من بين أمور أخرى، ذكر أن “مبدأ المساواة في الحقوق يجب أن يتم دون قيود في جميع مجالات الحياة العامة في “إسرائيل”، لجميع المواطنين من مختلف الأجناس والأديان واللغات والطبقات”، مضيفًا: “في كل حكومة برئيس وزراء يهودي، سيكون هناك نائب عربي، والعكس بالعكس، كما أن اللغتين العبرية والعربية متساويتان في الحقوق والصلاحيات القانونية”.
وجاءت هذه الأفكار في وقتٍ عصيب بالنسبة للشعب اليهودي، عندما كانوا “مضطهدين وعاجزين، أمّا الآن فقد تم سن قانون القومية الحالي من قبل سلطة قوية، وهذا ما جعله يعكس انعدام الأمن الجوهري الذي يسعى القانون لمداوته من خلال سلسلة من التصريحات الرمزية.
على سبيل المثال، لا يكتفي القانون بالتأكّد من أن الأغلبية اليهودية في دولة “إسرائيل” تحدّد طبيعتها، لكن يُطلب منها ابتكار تعريف جديد لا يتعلق فقط بتاريخ الصهيونية، بل يتعدى إلى تاريخ الشعب اليهودي ودولته القومية، دون أن يسألوه إذا ما كانت دولة “إسرائيل” هي دولته القومية.
إذا كان أولئك الذين أقسموا باسم جابوتنسكي يزعجهم قراءة كتاباته وقراءة كلماته حول الالتزام بتعريف حقوق الأقلية في القانون، فإنهم سوف يدينونه بأنه “يساري”، وإذا افترضنا أن جابوتنسكي نظر إلى رؤساء الليكود الآن وهم يفخرون به فإنه سيقول لهم: “أنتم لست أبنائي”.
المصدر: هآرتس
العنوان الأصلي: في “إسرائيل” اليوم سيعتبر جابوتنسكي يساريا
تاريخ النشر: 15.08.2018
رابط المادة: https://bit.ly/2JDiaab
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…