مقدمة العساس | يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد دفع أثمان سياسية كبيرة في المستقبل لحلفاء حاليين لا يساعدونه إلا بالحفاظ على حكومة مضطربة حتى نوفمبر تشرين الثاني 2019، فقرر حلّ الكنيست بنفسه والتحرّر من أي التزامات ووعود سابقة، والتوجه إلى انتخابات مبكرة في مارس آذار المقبل.
ترجمة العساس | ما الذي دفع نتنياهو إلى تقديم موعد الانتخابات عوضًا عن الاستمرار لعدة شهور مع الائتلاف الحالي؟ يمكن تلخيص الاحتمالات في ستة أسباب:
تمتع نتنياهو منذ عودته للحكم قبل عقد من الزمان، بشعبية لا مثيل لها في أوساط الجمهور الإسرائيلي، الذي لا
يتعرف بأي بديلٍ أو وريثٍ لرئيس الحكومة، إذ كان هو الجواب الأول في كل استطلاعات الرأي الموثوقة.
الآن، يريد نتنياهو من الحملة الانتخابية الحالية التركيز على قيادته، وليس على المعتقدات والأفكار والسياسات، فهذا
هو ملعبه، وهو يتمتع بأفضلية التجربة على كل منافسٍ محتملٍ آخر.
وتمنع أو على الأقل تصعّب الانتخابات السريعة، على أحزاب المعارضة مهمة التوحّد حول ركيزة ومرشح معتمد
أمام نتنياهو والليكود، وتدفع بني جانتس المعروف كمنافس محتمل للقيام سريعًا من جلسته المريحة ليقرر برنامجه،
هل هو قائمة مستقلة؟ أم إعادة إحياء الهيكل المنهار لحزب المعسكر الصهيوني؟
ومن خلال تبكير موعد الانتخابات، يريد نتنياهو جعل المعسكر المعارض له مجرد أحزاب صغيرة تتنافس على
عطاياه بعد الانتخابات، وهكذا يتخلص من الخطر الذي قد تشكله عليه.
ويُبعد الوضع الحالي أيضًا، قرار المستشار القضائي للحكومة، وكومة الملفات الموجّه ضدّ نتنياهو، الآن يصعُب
التصديق أن أفيخاي مندلبليت البطيء بطبعه سيتدخل بسرعة في الحملة الانتخابية، وأنه سيعبر عن موقفه حول نزاهة
نتنياهو، الذي يرشح نفسه لفترة ولاية خامسة، من خلال نشر إشعار نيته تقديم لائحة اتهام ترافقها جلسة استماع.
وستدخل رسالة كهذه إلى لُب النزاع فورًا: فاليمين سيدعي أن هناك “انقلابًا من الدولة العميقة”، بينما اليسار سيصرخ
أن “الجمهور يستحق المعرفة حول تورط رئيس الحكومة بالفساد”، بينما سيستطيع المستشار أن يفلت من الارتباك،
والأخبار حول نتنياهو ستأخذ حيّزا هامشيًا في برامج الأخبار، حتى لا تؤثر على صورته بعيون ناخبيه.
ووسط وعود من البيت الأبيض منذ سنتين بتقديم “صفقة القرن” لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يبدو أن نتنياهو
غير متحمس، بل خائفًا مما سيُفرض عليه هناك، حتى لو كان قريبًا من موقف اليمين الإسرائيلي أكثر من مقترحات
السلام الأمريكية في الماضي، هذا سيدمر شراكته السياسية مع المستوطنين، وسيخلق فجوة في الليكود.
بالإضافة إلى ذلك، سيسهل تقديم الانتخابات على نتنياهو عملية إخبار الرئيس ترامب أنه سيجتمع معه في نهاية مارس
آذار 2019، وهذا سيترك له المجال للراحة، كما ستختفي القضية السياسية من الحملة، ما يُغيّب مرساة لنتنياهو حول
خطة سلام يتطور النقاش حولها.
ويتفاخر نتنياهو منذ عودته للحكم بالازدهار الاقتصادي، وتدني معدلات البطالة، وارتفاع الحدّ الأدنى للأجور في
“إسرائيل”، لكن حاليًا الأمور اختلفت، والبورصات العالمية تهوي، والأسعار في “إسرائيل” ترتفع، وهذا يظهر أن
التوقيت مناسب للذهاب إلى الانتخابات قبل الشعور بكامل قوة الأزمة.
اقرأ أيضًا.. نتنياهو: خلق الأزمات بهدف النجاة
كما أن ناخبي الليكود على وجه الخصوص حساسون تجاه الكساد الاقتصادي، ومن المؤسف أن يهربوا من نتنياهو
إلى خصومه، إذا تحركت مؤشرات الاقتصاد من الأخضر إلى الأحمر.
وعد نتنياهو في رسالة سابقة حول تقديم الانتخابات أنه في حال فوزه سيقيم حكومة مع نفس النواة من شركائه في
الائتلاف كي يقودوا “إسرائيل” على نفس الطريق، وخلال السنوات الأربع الأخيرة قاد نتنياهو ثورة يمينية ركزّت
على ضمّ استيطاني زاحف لأراضٍ في الضفّة الغربية.
وعمل نتنياهو على تغيير النخب الإسرائيلية، فالمحكمة العليا تغيّرت، والأكاديميات والمؤسسات الثقافية قُمعت،
واليسار والعرب عرّفوا على أنهم “خونة” وداعمين “للإرهاب”، أمّا الإعلام فأصبح أكثر تدينًا ويمينية.
رغم هذا، إلا أن عمله لم يكتمل، وسط السير الكسول للبناء في المستوطنات، والقيادة العسكرية والأمنية تواصل
إظهار سلطة الماضي، بدلاً من تسخير كامل قوتها لتحقيق أحلام اليمين.
لهذه الأسباب، لا يزال هناك الكثير لعمله من أجل تعزيز وتعميق الثورة، لكن على الرغم من تصريحات نتنياهو، فإنه غير ملزم بحكومة تكون يمينية، ويستطيع إنشاء ائتلاف مختلف بعد الانتخابات، يكون معتدلًا ومركزًيا أكثر، إمّا مع جانتس كوزير للأمن أو وزير للخارجية، أو مع البيت اليهودي بصفة هامشية مقارنة بسيادة نفتالي بينيت وأيليت شاكيد في الحكومة الحالية.
ويعطي تقديم الانتخابات نتنياهو فرصة من أجل بث النشاط في تشكيلته التي ستصعد معه إلى المعلب، كما سيحصل على فرصة لتقييد خصومه، على اليمين واليسار، جراء رغبتهم بمكانٍ جيدٍ على الخط لتوزيع الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة.
المصدر: هآرتس
تاريخ النشر:24.12.2018
رابط المادة: https://bit.ly/2ENJQ9P
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…