Categories: تمدد

لماذا سعت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية لإضعاف ملك الأردن؟

مقدّمة العسّاس |

يبدو أنه بعدما اكتسب بنيامين نتنياهو وصف رئيس الوزراء السابق رفقة دونالد ترامب، بدأ ينكشف أسلوبهما الذي انتهجاه بالتعاون مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للترويج لخطة للسلام في الشرق الأوسط، المتضمن ممارسة دبلوماسية من نوع قاسٍ، تمثلت في إحدى جوانبها بالضغط على العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني.

كيف تم ذلك؟ وما علاقة هذا الضغط باعتقال ولي العهد الأردني السابق خلال الشهور الماضية؟

هذه المادة تكشف التنسيق الكبير بين السعودية و”إسرائيل” الولايات المتحدة ودورهم في ممارسة ضغوط معينة على الأردن من أجل دعم خطة ترامب للسلام المسماه بـ “صفقة القرن”.

إعداد العسّاس |

كان رئيس الحكومة الإسرائيليّة السابق، بنيامين نتنياهو، شريكًا بالضغوطات التي مارستها السعوديّة والولايات المتحدّة خلال الثلاث سنوات الأخيرة على الأردن، التي تهدف من ضمن الكثير من الأمور، إلى إضعاف الملك الأردني، عبد الله الثاني، والمسّ بمكانة.

ويأتي ذلك بحسب المحادثات التي أجرتها صحيفة واشنطن بوست ونقلتها صحيفة هآرتس، مع المصادر الأمريكيّة والبريطانيّة والأردنية، إضافة إلى السعوديّة والإسرائيليّة، التي كانت جزءً من الترويج لصفقة القرن والسياسات الخارجيّة للرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط.

ويذكر المقال المنشور المحادثات مع أكثر من عشرة مصادر، كانت أو ما زالت على علاقة وتشغل منصبًا في الحكم بالولايات المتحدة. أحد المصادر الأمريكيّة المذكورة، التي تعتبر قريبة جدًا من الملك عبد الله، صرّحت بأنّ الملك الأردني كان يعتقد أن صفقة القرن التي جاء بها ترامب إلى الشرق الأوسط تهدف، إضافة لأمور أخرى، إلى تهميش مكانة الأردن وإضعاف دورها كمسؤولة عن الأماكن المقدّسة في القدس، على حساب تقوية وتمكين المملكة السعوديّة ووريث العهد محمد بن سلمان.

إقرأ أيضًا.. الأردن والسعودية والوصاية على القدس

قاد مخططات ترامب زوج ابنته ومستشاره، جيرارد كوشنر، الذي كان بدوره مقربًا من بن سلمان، وبحسب أحد الخبراء الكبار في وكالة المخابرات المركزيّة الأمريكيّة سابقًا، فإن ترامب آمن بأن الملك عبد الله يعيق مخططاته في الشرق الأوسط.

كما يذكر المقال أيضًا، أنّ الرئيس الولايات المتحدة، ولي العهد السعودي ونتنياهو لم يحاولوا فعليًا إسقاط الملك الأردني عن عرشه، إنما عمِلوا على إضعاف مكانته وشجّعوا ودعموا خصومه.

على سبيل المثال، كان اعتقال الأمير حمزة في نيسان – أبريل 2021، عقب الشكوك بمحاولة انقلاب حاول تنفيذها، يتبع للضغوطات التي مارستها واشنطن والرياض على عمّان.

في ذلك الوقت، اعتقل الأمير حمزة وإلى جانبه اثنين من المقربين له وهم: رجل الأعمال ومسؤول رئاسة الديوان الملكي الهاشمي سابقًا باسم عوض الله، وابن عمّ الملك، شريف حسن بن زيد.

ويتطرق المقال إلى تقرير أردنيّ بحسبه لم يخطط الثلاثة إلى تنفيذ انقلاب فعليّ، بل حاولوا ضعضعة الاستقرار في المملكة وتحريض الشعب، ومن جهة أخرى وذكر التقرير أنّ باسم عوض الله حاول للترويج لصفقة القرن وإضعاف موقف الأردن والملك تجاه القضيّة الفلسطينيّة والحفاظ على الأماكن المقدّسة في فلسطين.

على إثر ذلك، قامت مصادر إسرائيليّة من جهاز الشاباك والموساد بالتواصل بصورة شخصيّة مع الملك الأردنيّ للتوضيح له بأنّهم لم يكونوا جزءً من مخطط الأمير حمزة وباسم عوض الله، بينما أوضح الوكلاء للملك عبد الله أن “هذا لم يأتي منّا، بل جاء من فوقنا”، في إشارة إلى نتنياهو بذاته بحسب المقال.

نتيجة صفقة القرن، استطاعت “إسرائيل” توقيع اتفاقيات التطبيع بينها وبين الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، كما أن ترامب وكوشنر كانوا معنيين بتحقيق اتفاق مشابه بين القدس والرّياض، ولأجل ذلك حاولوا ممارسة الضغوطات على الملك عبد الله، التي كانت بلاده على مدار السنوات حليفة مقربة للولايات المتّحدة.

ليس ذلك فحسب، إذ يروي المقال أنّ كوشنر حاول حتى اليوم الأخير لحكم ترامب تحقيق الاتفاق بين “إسرائيل” والسعودية، في ظل العلاقات الوطيدة تربط كوشنر وابن سلمان، الذي عُيّن بمنصب وليّ العهد عندما استلم أبوه الملك سلمان الحكم عام 2015. ثلاثة سنوات بعد ذلك، بدأ الملك عبد الأردني الله بالقلق من المكانة البارزة وتأثير ابن سلمان في المنطقة ومسّه بقوّة الأردن بحسب التقارير التي جاءت من عمان في فبراير 2018. وفي ذات السنة أعلن ترامب عن نقل السفارة الأمريكيّة في “إسرائيل” من تل أبيب إلى القدس.

حينها، عارض الملك الأردني نقل السفارة، وبعد شهر من وقتها أدّت تلك الخطوة إلى إشعال الاحتجاجات في عمان ضدّ الحكومة، وعلى إثر الأزمة الاقتصاديّة في المملكة الأردنيّة، أبدت السعوديّة ودول الخليج رغبتها بالمساعدة وتعهّدوا بتحويل 2.5 مليار دولار كميزانيّة مساعدة طارئة، وتقول الأردن إن معظم المبلغ لم يتم تحويله حتّى اليوم.

عبّر كوشنر آنذاك عن أمله بأنّ المساعدة الماليّة والاقتصاديّة بإمكانها المساهمة بإقناع الأردن والسلطة الفلسطينيّة بدعم صفقة القرن، وبعد مرور سنة على ذلك، وتحديدًا في يونيو/حزيران 2019، عُرض الملحق الاقتصادي لمخطط ترامب في قمّة البحرين.

في ذات العامّ من شهر مارس/آذار، زار الملك عبد الله البيت الأبيض واطلع على تفاصيل المخطط، وبعد ذلك عبّر بصورة واضحة عن انتقاداته للصفقة وصرّح بأنه لن يوافق يومًا على التنازل عن مسؤوليّة الأردن على الأماكن المقدّسة في القدس.

ويذكر أنه من المتوقع أن يقوم الملك الأردني بزيارة البيت الأبيض واللقاء مع الرئيس الحالي جو بايدن نهاية هذا شهر حزيران/يونيو 2021.

المصادر:

(1) “هآرتس”: https://bit.ly/3jcazAv

سجى أبو فنّة

خريجة بكالوريوس في الإعلام والعلوم السياسيّة من جامعة حيفا، وطالبة ماجستير في الإعلام.

Recent Posts

طائرة القنابل: صنعت خصيصًا للفلسطينيين

طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…

سنتين ago

تهجير المسيحيين بعيد الفصح

يستعدّ المسيحيون  للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…

سنتين ago

شهاداتهم عن تهجير حيفا

قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…

سنتين ago

مسيرة الرقص الاستيطاني

باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…

سنتين ago

10 أعوام من تاريخ منع الأذان

يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…

سنتين ago

وحدة الوعي.. رادار لاعتقال المقدسيين

لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…

سنتين ago