مقدمة العسّاس | جمعيات الاستيطان
تمارس الجمعيات الاستيطانية مختلف أنواع التهويد وسلب الأراضي الفلسطينية في مدينة القدس، كما أنها قد تعد الأخطر في هذا المجال، إذ لا تحكمها السياسات الإسرائيلية التي تراعي في بعض الأحيان الضغوط والمتغيرات السياسية الدولية.
هذه المادة تُعرّف بأبرز الجمعيات الاستيطانية التي تعمل على تهويد مدينة القدس، وتكشف دورها في حملات الاقتحامات الواسعة.
إعداد العسّاس |
تعمل حركات وجمعيات الاستيطان يهوديّة وصهيونيّة عديدة في مدينة القدس، قوميّة ودينيّة، وفقًا لأيديولوجيا كل منها، لتحقيق أهدافها بين نشر الفكر الدينيّ والقوميّ، والاستيلاء على الأرض والممتلكات والحرم المقدّس والاستيطان فيها، من أجل السيادة على المدينة وتهويدها.
ويسكن شرق القدس ما يزيد عن 220 ألف مستوطن يهوديّ في الوقت الحالي، وتحديدًا في المنطقة المحيطة بالبلدة القديمة وفيها، إذ تنقسم البلدة القديمة إلى أربعة أحياء؛ الحيّ الإسلاميّ، والأرمنيّ، واليهوديّ، والمسيحيّ.
ويعد أكبر هذه الأحياء هو الحيّ الإسلاميّ من الناحية السكانية، إذ تسكنه غالبية مسلمة، وما يقارب نصف عدد سكان الربع اليهوديّ من اليهود.
بهذا الشأن، تسلّم “إسرائيل” مصلحة الاستيطان اليهوديّ في منطقة البلدة القديمة لجمعيّات أيديولوجية مختصّة، التي بدورها عملت في السنوات الأخيرة على إسكان مئات اليهود في المنطقة، وأسّست عشرات المؤسّسات الدينيّة والتربويّة فيها.
ودفع “المصنع” الاستيطانيّ في الربع الإسلاميّ من البلدة القديمة، ثمنًا بالدم لإبقائه هناك، وذلك بسبب عمليّات مقاومة وجوده واستمراره، فيما يعتبره الإسرائيليّون بأهميّة “مدينة داوود” جنوب المسجد الأقصى.
لذلك، يستوطن في الحيّ الإسلاميّ يهود من الجيل الثاني والجيل الثالث للمحرقة النازية (أبناء وأحفاد الجيل الأول، الذي نجى من المحرقة)، حيث يعتبرون أنفسهم فيها، لأول مرة منذ ثمانين عاما، مستوطنين (ساكنين) وليسوا مقيمين.
ويبحث هذا “المصنع” لنفسه عن أب، الأمر الذي لا تلبّيه حكومة نتنياهو التي لا تقدّم الدعم الكثير، فمنذ حكومات “أشكول” و”جولدا”، التي حاولت في حينها الاستيلاء على البيوت والأراضي في البلدة القديمة بواسطة جناح “إيجوم” لتشغيل الموارد من أجل إدارة الأملاك والأراضي، لم تهتمّ أيّ حكومة أخرى بالأمر، وتُرك للجمعيات والمجموعات الاستيطانية في القدس. (1)
من أشهر جمعيات الاستيطان في مدينة القدس، التي تعنى بشكل أساسيّ في استيطان اليهود في شرقيّ المدينة، والاستيلاء عليها لفرض السيادة اليهوديّة على المدينة المقدّسة، هما جمعيّتا “عطيرت كوهنيم” و”إلعاد” المتطرّفتين.
أنشئت جمعيّة “إلعاد” عام 1986، وتهدف بالأساس إلى “تطوير” مدينة القدس وتوطيد علاقتها مع “شعب إسرائيل” والعالم، وإلى تركيز الوجود اليهوديّ فيها، وتحديدًا في حيّ سلوان، الذي تستولي فيه على البيوت لاستيطان اليهود فيها عن طريق شرائها أو عن طريق استئجارها من شركة “عميدار”.
وتعمل لتحقيق هدفها عن طريق غرس الهويّة الصهيونيّة والرابط اليهوديّ للمدينة في مجالات عديدة كالتربية، الإرشاد والأبحاث، كما وتعمل على “تطوير” المواقع ذات الأهمّيّة القوميّة والعالميّة في هدف زيادة حاجة الجمهور إليها.
وتحصل هذه الجمعية على تمويلها عن طريق خدماتها العامة والتبرّعات التي تصلها من الخارج، إذ تستعملها في مشاريع “تطويريّة” في أماكن سياحيّة عديدة، وفي “عير دافيد” التاريخيّة (الموجودة في سلوان)، في العمل على الحفر وتنقيب الآثار فيها، بهدف جذب السيّاح للمكان.
بالإضافة إلى مهرجانات سنويّة في جبل الزيتون وأماكن أخرى في المدينة. (2)
أمّا بالنسبة لجمعيّة “عطيرت كوهنيم“، فهي جمعية خليفة لجمعية وحركة “عطيراه ليوشنا”، التي عملت في سنوات السبعين من القرن الماضي، على بحث وتحديد الممتلكات التي كانت مسجّلة بملكيّة يهود في الربع الإسلامي من البلدة القديمة، ومن ثمّ نقلها لأيد يهوديّة عن طريق شرائها أو بمساعدة القضاء. (3)
كما تعمل “عطيرت كوهنيم” على عدة محاور من أجل تعزيز استيطان اليهود في البلدة القديمة في القدس وفي شرقها عمومًا، إذ تستولي الجمعية على البيوت العربيّة في الحيّ الإسلامي في البلدة القديمة عن طريق شرائها أو استئجارها من الشركات الحكوميّة، ليستوطن فيها اليهود.
كما تعمل على تعزيز قدسيّة ووحدة ساحة ما يُسمة “الكوتل” (الاسم العبري لحائط البراق) الغربيّ، وتنظّم جولات دائمة في منطقة البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وتعتمد الجمعية على تمويلها من التبرّعات الخارجيّة، كما وأنها تحصل على تمويل للخدمات التأمين للعائلات التي تسكن ممتلكات الجمعية. (4)(5)
بالإضافة لـ جمعيات الاستيطان التي تعمل من أجل الاستيطان في القدس، هناك أيضًا جماعات وحركات وتنظيمات سياسيّة، دينيّة متطرّفة تعمل بشكل أو بآخر من أجل فرض السيادة اليهودية على المدينة عن طريق اقتحامات حرم المسجد الأقصى لتهويده و”تطهيره” لبناء الهيكل الثالث على أرضه.
وتقوم معظم هذه الجهات باقتحامات دوريّة لحرم المسجد الأقصى وتؤمن بوجوب هدم مسجد قبّة الصخرة من أجل بناء الهيكل الثالث على أنقاضه، ومنها حركة “تجديد الهيكل”، وهي حركة مهتمة بحشد الجمهور وإثارة رأي الجمهور فيما يتعلق بالهيكل وتهويد الحرم المقدسيّ، حركة “معهد الهيكل”، يرأسها الرابي “يسرائيل أريئيل”، التي تعمل في تعليم الشبيبة والبالغين حول الهيكل وزيادة وعيهم عن الأمر.
كما أن حركة “متطوعون لتشجيع الصعود إلى الهيكل”، تعمل من أجل دعم وتشجيع دخول اليهود لجبل الهيكل، وتدعو للاقتحامات، وتنشر حول الشعائر والتعليمات الدينيّة المتعلقة في “الصعود”.
وتشغّل متطوعين لاستقبال اليهود “الصاعدين” للأقصى ونقل الأخبار من المكان، بالإضافة إلى حركة “المخلصون للهيكل”، فتهدف الحركة لتحصيل حقها في “الصعود” لجبل الهيكل بطرق قانونية كحركة “حي وموجود” و “إلى جبل همور”. (6)
ومن الأمثلة المتطرّفة لأعمال هذه الحركات وهذه الجماعات، حركة “عائدون إلى الهيكل”، التي أثارت غضبًا واسعًا، في حملتها التي وزعت فيها قمصانًا كتب عليها “التخلّص من النفايات” مع صورة لبناء الهيكل الثالث وآلات تهدم المسجد الأقصى.
بحسب رئيسها رفائيل موريس: “بناء بيت الهيكل في مكانه هو بمثابة رؤية لكل يهوديّ منذ خراب الهيكل (الأول)، قبل ألفين عام، وقبل مئة سنة، كان من الواضح لكلّ يهوديّ، أنّه ومن بعد قيام الدولة، تأتي مرحلة العمل من جديد في الهيكل”.
ويضيف موريس: “لسبب ما، فقد الشعب رؤيته، ونحن نعمل لإعادتها إلى مكانها (7)
إقرأ أيضًا.. العودة: حق مكفول لليهود فقط
المصادر:
(1) “يسرائيل هيوم”: https://bit.ly/3wfQ6O9
(2) “يسرائيل هيوم”: https://bit.ly/3fstUcT
(3) “عروتس 7”: https://bit.ly/3bFfyoq
(4) “موقع عطيرت كوهنيم”: https://bit.ly/3tZxBw3
(5) “جايد ستار”: https://bit.ly/3u0AFYA
(6) “توراة”: https://bit.ly/33TxaZF
(7) “والا”: https://bit.ly/2QDEaXy
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…