مقدّمة العسّاس |
تعتبر “إسرائيل” رائدة عالميًا في مجال التطعيم ضد فيروس كورونا، وتم الإشادة بتجربتها في عدة تقارير، إلا أن ذلك يتم بانتقائية عنصرية، لعدم شمول الفلسطينيين في التطعيم الواجب توفيره، وفق القانون الدولي، من قبل الجهة المحتلة.
كيف استغلت “إسرائيل” تطعيم كورونا لصالحها؟ وما المكاسب التي حققتها حتى الآن؟
هذه المادة تتحدث عن قضية التطعيمات المضادة فيروس كورونا، وكيف تعتبر مثالًا حيًا على ممارسة الاحتلال للفصل العنصري.
أطلقت “إسرائيل” في الشهور الماضية حملة تطعيمات واسعة بعد صفقات أجرتها الحكومة الإسرائيلية لشراء كميات هائلة من التطعيمات، ورغم سيطرة “إسرائيل” على معابر الضفة وحصارها لغزة، وفي الوقت الذي لا توفّر فيه الحكومة الإسرائيلية جهدًا في توزيع اللقاح على مواطنيها، لم يكن توفير التطعيمات للفلسطينيين من أولوياتها.
وتتداول الصحف العالمية مقالات يتساءل فيها أصحابها عن سبب عدم توفير “إسرائيل” اللقاح للفلسطينيين رغم أنّ تعليمات المحكمة الدولية تقضي بأنّ من واجب أي قوة محتلة أن تهتمّ بأوضاع الصحة العامة للشعب الذي تحتلّه.
وتقدّمت جهات عدة من بينها “أطباء لحقوق الإنسان” و”منظمة العفو الدولية” (أمنستي) لوزارة الصحة وللحكومة الإسرائيلية بشكل عام للمطالبة بتوفير اللقاح للفلسطينيين، إذ بحسب البند 56 في اتفاقية جنيف الرابعة يجب أن تتخذ القوة المحتلّة كافة الإجراءات اللازمة لمنع انتشار الأمراض المعدية.
وادّعى وزير الصحة الإسرائيلي، يولي ادلشتاين، أنّ من مصلحة “إسرائيل” القومية أن يحصل الفلسطينيون على اللقاح، لكنّ “إسرائيل” غير ملزمة بتوفيره لهم. (1)
مؤخرًا، توجه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بالنقد لحكومة “إسرائيل”، مطالبًا إياها بالاهتمام بواجبها في توفير اللقاح للفلسطينيين.
كردّ على توجيهاته، أوصت الحكومة الإسرائيلية بتوفير اللقاح للفلسطينيين، لكنّ الحقيقة أنّ “إسرائيل” وافقت على إرسال كمية رمزية من اللقاحات لتطعيم الكوادر الطبية في فلسطين يبلغ عددها 5000 وحدة لقاح. (2)
في المقابل، أعلنت “إسرائيل” بأنّها ستعطي آلاف وجبات اللقاح إلى دول أخرى مثل هندوراس وغواتيمالا وتشيكيا، والمشترك بين هذه الدول التي ستحظى بالهدايا الإسرائيلية، هو أنّها من الدول التي نقلت أو صرّحت بالموافقة على نقل سفاراتها إلى القدس المحتلة.
على هذه الخطوة قالت عضوة حزب اليسار الإسرائيلي “ميرتس”، تمار زاندبيرغ: “رغم أن الاهتمام بالدول الأخرى قد يكون مباركًا، لم تقم “إسرائيل” بواجبها نحو الفلسطينيين بعد”، وأضافت: “إسرائيل” والضفة وغزة هي وحدة وبائية واحدة، وعلى “إسرائيل”، كدولة تسيطر على هذه المساحة، توفير اللقاح للفلسطينيين”. (3)
ورغم الإجماع العام من قبل جميع الأطراف أنّ من مصلحة “إسرائيل” توفير اللقاح للفلسطينيين بحكم الاختلاط الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبحكم المساحة الجغرافية الواحدة المشتركة، لا تزال “إسرائيل” تهمّش موضوع توفير اللقاحات للفلسطينيين.
في أواخر شباط اجتمعت جهات إسرائيلية وفلسطينية عن وزارات الصحة للبلدين لتقدير الحال ووضع خطة للعمل المشترك على مكافحة الوباء والسيطرة عليه.
وقد جاء في البيان الصادر بعد الاجتماع: “من منطلق أنّ “إسرائيل” والفلسطينيين يعيشون في بيئة واحدة، والحقيقة أنّ تفشّي مرض كورونا في السلطة الفلسطينية قد يؤثر على وضع المرض بين مواطني “إسرائيل”، التقى مسؤولون في الوزارة بمسؤولي الخدمة الصحية واستمعوا إلى تقديرات الوضع الصحي لمرضى كورونا في مناطق السلطة الفلسطينية، وإلى معطيات المرض، والأبحاث التي تتم حول المرض”.
من جهتها، صرّحت وزارة الصحة الفلسطينية أن “إسرائيل” وافقت على توفير مئة ألف وجبة لقاح للفلسطينيين، أمّا في “إسرائيل” فقد صرّحوا بأنّ خطوة كهذه يجب أن تحصل على موافقة من القيادة السياسية. (4)
رغم الروح الإيجابية للاتفاق وبدء العمل به بتاريخ 7.3.2021، إلّا أنّ الاتفاق يحدّد فقط أنّ من سيحصل على اللقاح هم فقط العمّال الفلسطينيون الذين يعملون بتصريح عمل داخل “إسرائيل”، مما يعني أنّ “إسرائيل” لا تزال تهمّش موضوع توفير اللقاح للفلسطينيين داخل الضفة وغزة.
وأصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية تصريحًا بتاريخ 03.03.2021 جاء فيه: “بدءًا من يوم الأحد 07.03 ستنطلق حملة تطعيمات للعمال الفلسطينيين الذين يملكون تصريح عمل في “إسرائيل” والمستوطنات، وفقًا لموافقة الكابينت السياسي وبهدف المحافظة على صحة الجمهور وعلى استمرارية الأداء الاقتصادي”. (5)
وبحسب إحصائيات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يعمل في “إسرائيل” 130 ألف عامل فلسطيني،(6) من بينهم سيحصل 92 ألف عامل فلسطيني ممن يعملون داخل “إسرائيل” و32 ألف فلسطيني ممن يعملون في المستوطنات الإسرائيلية على التطعيم بحسب تقدير منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية”. (7)
وذلك يعني أن ما اتّفق على توفيره من اللقاح للفلسطينيين سيذهب بشكل أساسي للعمال الفلسطينيين الذين يعملون ضمن سلك الاقتصاد الإسرائيلي.
ويختلط الفلسطينيون و”الإسرائيليون” بشكل يومي في أعمالهم وفي حركتهم، وينتقل الناس بين جهات المعبر في الضفة و”الخط الأخضر” بشكل متواصل، غير أنّ “إسرائيل” لا تزال تهمّش موضوع توفير اللقاح للفلسطينيين وتركّز فقط على العمال الذين يعملون لتحريك الاقتصاد “الإسرائيلي” لمنع توقفه بسبب الأضرار الناجمة عن الوباء.
المصادر:
(1) “مركز دراسات الأمن القومي”: https://bit.ly/2PFbQn5
(2) (3) “هآرتس”: https://bit.ly/3mx2aHq
(4) “هآرتس”: https://bit.ly/31OosL6
(5) “gov.il “: https://bit.ly/324JAwZ
(6) “مركز دراسات الأمن القومي”: https://bit.ly/31Sklxy
(7) “الشرق الأوسط”: https://bit.ly/2Pwy0Ij
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…