مقدّمة العسّاس | مرّت أكثر من 20 سنة على تشكيل حكومة إسرائيلية يمينية أقل تطرفًا من حكومات نتنياهو وشارون وخارج إطار حزبي الليكود وكاديما، إذ كانت آخر حكومة يمينية أقل تطرفًا من نصيب حزب العمل الإسرائيلي عام 2001، بزعامة إيهود باراك.
ماذا حدث لحزب العمل الإسرائيلي؟ وما هو وضعه حاليًا؟
هذه المادة تتحدث عن أسباب انهيار حزب العمال الإسرائيلي، الذي يعد أحد أهم وأقدم الأحزاب في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
حزب العمل الإسرائيلي هو الحزب الذي سيطر على الحكم ولعب دورًا مركزيًا في تشكيل الحكومات الإسرائيلية منذ تأسيسها، وصدر منه أول خمسة رؤساء حكومة في “إسرائيل”، ويُعد حزب مؤسس “إسرائيل”، دافيد بن غوريون.
انتقل الحزب من صاحب أعلى عدد مقاعد في الكنيست الإسرائيليّ إلى المعارضة بعد “انقلاب”، حتى وصل إلى حافة نسبة الحسم ومن ثم إلى التهديد باختفائه التامّ من الساحة السياسيّة في الانتخابات القريبة حسب الاستفتاءات؛ ماذا حصل في حزب العمل الإسرائيليّ؟ (1)(2)
تأسّس حزب العمل في يناير/كانون الثاني عام 1968، نتيجة لاتحاد حزبي “مباي” و”رافي” و”اتحاد العمل- صهيون”؛ وكان مقربًا من الهستدروت، أي الاتحاد العام لنقابات العمال، وقام على أسس أيديولوجيا صهيونيّة اشتراكيّة معتدلة.
في تسعينيّات القرن الماضي، نقل توجّهه الاقتصاديّ الاجتماعيّ إلى التوجّه الاجتماعيّ الديموقراطيّ الحديث، ضمن دولة رفاه تهتمّ لشؤون العمّال والضعفاء فيها.
أمّا بالنسبة للجانب الدينيّ، تباين الحزب بين آرائه الأيديولوجيّة وبين رغبته في عدم الاصطدام مع الأحزاب الدينيّة، شركاؤه في الائتلاف؛ ولكن بعد “انقلاب” 1977 الذي خسر فيه أمام حزب الليكود، عرض حزب العمل آرائه بحرية أكبر في هذا المجال.
وعلى مرّ السنين، اتّجه الحزب نحو تيّار اليسار أكثر، فقد كان الحزب الأوّل الذي يتفاوض مع “أشاف” (تنظيم تحرير فلسطين) ويدعم “حلّ” الدولتين.
كما أنّ إيهود براك آخر رئيس حكومة تابع للحزب، اعتبر المسؤول الأوّل عن انسحاب قوّات الجيش الإسرائيليّ من الحزام الأمنيّ في لبنان في العام 2000. (1)(2)(3)
في بادئ الأمر، اتّحدت “مباي” مع “اتحاد العمل- بوعالي تسيون” (عمال صهيون) عام 1965 لتأسيس حزب العمل، وانضمّ لهما لاحقا حزب “رافي” ليكوّنوا معًا حزبًا واحدًا، إذ كان رئيس الحزب الأوّل هو رئيس الحكومة الإسرائيليّة، ليفي أشكول، وجاء بعده رؤساء الحكومة: جولدا مائير ويتسحاق رابين وشمعون بيرس وإيهود باراك.
في عام 1977، حدث انقلاب سياسي، وانتقل على أثره الحزب لجهة المعارضة ضمن حزب تحت قائمة “همعراخ” بعد أن لقي هزيمته في الانتخابات أمام الليكود، وحتى انتخابات الكنيست عام 1984.
اتّحد حزب العمل بعد ذلك مع حزب الليكود لتشكيل حكومة وحدة قوميّة، وأصبح جزءًا هامًا من الائتلاف الحكومي، عد فشله في تشكيل حكومة في الدورة السابقة.
بعد ذلك، انشقّ ليصبح مستقلّا، ما عدا في دورتين لاحقتين، إذ في 1999 كان الشريك الكبير لقائمة “يسرائيل أحات”، وفي 2015 جاء ضمن قائمة “همحنيه هتسيوني” (المعسكر الصهيوني). (1)
عاد الحزب للحكم عام 1992، عندما حصل على 44 مقعدًا في الكنيست بنسبة 34.7% من الأصوات، وبذلك شكّل ائتلاف برئاسة يتسحاق رابين وعاد لاسمه الأصلي، حزب العمل، كما حصل على تمثيل 13 وزيرًا في الحكومة.
في فترة تلك الرئاسة، عقدت اتفاقيّة أوسلو مع السلطة الفلسطينيّة، واتفاقيّة سلام مع الحكومة الأردنيّة، وانتهت الفترة بمقتل رئيس الحكومة رابين عام 1995، ثم تولّى المنصب بدلًا منه ويزر الخارجية “شمعون بيرس” حتى انتخابات عام 1996. (1)(2)
في 1999، فاز رئيس حزب العمل حينها، إيهود باراك، في الانتخابات الرئاسيّة المباشرة، وبهذا عاد الحزب كطرف أساسيّ في حكومة الائتلاف.
ومنذ 2003 بدأت تضعف قوة الحزب شيئًا فشيئًا، فحينها انخفضت نسبة التصويت إلى 15.1% من عدد الأصوات وعدد المقاعد إلى 19 مقعد، وكذلك الأمر في 2006 وحتى 2011 كان الحزب شريك ثانوي لحكومات مختلفة برئاسة “الليكود” و”كديما”، وبقي في المعارضة بعد ذلك.
وواصل الحزب الانخفاض حتى وصل إلى 6 مقاعد في 2019 مع نسبة تصويت 4.4%، وإلى 3 مقاعد فقط في 2020 كجزء من قائمة “هعفودا-جيشر-ميرتس”. (1)(2)
بحسب الاستفتاءات الأخيرة حول الانتخابات القائمة، أصبح حزب العمل العريق ضمن الأحزاب الصغيرة مثل ” هبايت هيهودي” و”جيشر”، التي تعدّ كبقايا أحزاب وأجزاء قوائم، وحتى قبل سنوات قليلة، لم يكن من الممكن تصوّر فكرة الساحة السياسية الإسرائيليّة دون حزب العمل، وكانت هذه الفكرة تشبه تصوّر بريطانيا دون حزب العمال “لايبور بارتي” وأمريكا دون الحزب الديموقراطي. (4)
يرجّح الصحافيّ، مناحم هوروفيتش، أنه لا يمكن الحصول على ثقة الجمهور في القدرة على التماهي مع المضامين المعقّدة، وإنما بإيجاد هويّة وتقارب ودّيّ، والذي يقوم بذلك بأفضل صورة هو الليكود، أو بنيامين نتنياهو بشكل أدقّ.
اقرأ أيضًا.. كيف انهار حزب العمل الإسرائيلي؟
ويشرح هوروفيتش أن انهيار الحزب ليس انهيار متعلّق بأيديولوجيا أو مبادئ، وإنما هو شأن تسويقي، فهذا انهيار للعلامة (الماركة) التسويقيّة التي تدعى حزب العمل. (4)
بدوره، لا يتوقع رئيس حزب العمل سابقًا، يتسحاق هرتسوج، أن يستطيع الحزب السيطرة على الحكم من جديد، فالحكم ينبع من المصدر الذي أتى منه الحزب بالأساس، تيار أقرب إلى المركز من اليسار، ولكنه سار نحو اليسار دون جاهزيته لملاءمة نفسه للتيارات اليساريّة الكبيرة، التي تعنى باليهودية من نوع آخر، يهودية متنوعة وإسرائيلية بحتة. (5)
وأعلن حزب العمل عن إقامته انتخابات داخلية (يصوت فيها أعضاء الحزب والمنتسبين له) لاختيار رئيس للحزب، وترتيب المقاعد في الكنيست، وقد حصلت فيها عضوة الكنيست، ميراف ميخائيلي، على 77% من الأصوات وبفارق كبير بينها وبين باقي المرشحين، وبذلك هي من تترأس الحزب.
يذكر أن ميخائيلي كانت الوحيدة من بين ممثلي الحزب التي رفضت الاتحاد مع حكومة غانتس أو نتنياهو وفضلت البقاء في المعارضة، إلا أنه من المتوقع أن تتحد مع أحد أحزاب تيار مركز-يسار والمحاولة للتغلب على حكومة نتنياهو والعودة للساحة السياسية. (6)(7)
“مباي”: عمال أرض “إسرائيل”
“رافي”: قائمة عمال “إسرائيل”
“اتحاد العمل-بوعلي تسيون”: اتحاد العمل- عمّال صهيون.
المصادر:
(1)”المعهد الديموقراطي الإسرائيلي”: https://bit.ly/3oAbHNd
(2) “موقع حزب العمل”: https://bit.ly/3pCHgHp
(3) “معاريف”:https://bit.ly/3pNXuxL
(4) “إن 12”: https://bit.ly/2L4UEFg
(5) “واينت”: https://bit.ly/3pDyNUp
(6) “يسرائيل هيوم”: https://bit.ly/39B8ecZ
(7) “كيكار هشبات”: https://bit.ly/3r7Vctl
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…