مقدّمة العسّاس | رغم المكاسب الدبلوماسية والاقتصادية الكبيرة التي حققها الاحتلال الإسرائيلي بعد التطبيع مع الإمارات، يبدو أن أزمة كورونا تزداد سوءًا بين دبي وتل أبيب ، إذ أصبحت دبي المصدر الخارجي الأول لفيروس كورونا بسلالتها الجديدة إلى الأراضي المحتلة.
هذه المادة تتحدث أزمة كورونا المتفاقمة في “إسرائيل” بسبب الرحلات بين دبي وتل أبيب بعد اتفاق التطبيع.
شقّت اتفاقيّة التطبيع المُوقّعة مؤخرًا بين “إسرائيل” والإمارات الطريق أمام السياحة المُتبادلة، وتجاوزت ذلك لتوقيع اتفاقيّات سياحيّة تقتضي بإعفاء السُياح من التأشيرة وتسهيل السفر جوًّا وتنظيم الرحلات والترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير.
وكانت الأرقام الصادرة عن شهر ديسمبر لوحده لافتةً جدًا؛ فبفضل دبي، ينتهي ديسمبر 2020 في مطار بن غوريون بزيادة في عدد المسافرين مقارنة بنفس الشهر من العام السابق.
كما أن القطاعات التي سُجّلت فيها زيادة هي الرحلات الخاصة ورحلات الشحن، وكثيرٌ منها كان إلى الإمارات، وأرقام وجهة المُسافرين لشهر ديسمبر أتت كالتالي: الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بحركة مرور 67 ألفَ مسافرٍ، تليها مع فجوة كبيرة الولايات المتّحدة بحركة مرور 28.7 ألف مسافر وتركيا بحركة مرور 27 ألفَ مسافر. (1)
رغم هذا “الاستشراس” في تمتين العلاقات السياحيّة، يبدو أن تأثير فايروس كورونا يعمل بدأب شديدٍ على تعكيرها،
إذ بدأت رحلة كورونا في التعكير مع التزايد المُطّرد للمُصابين بالوباء جراء الوصول من الخارج، مما حدا بالحكومتين إلى اتخاذ إجراءاتهما بهذا الصدّد بعد أن بات الخطر مُحدّقًا أكثر من أي وقت مضى.
وصدر عن الإمارات تعليمات جديدة للسياح القادمين من عدد محدود من الدُول من بينها “إسرائيل”، تقتضي بإخضاعهم لفحص كورونا عند هبوطهم في المطار.
ويتوجب على الركاب تقديم تصريح طبيّ حول فحص أُجري في غضون 96 ساعة قبل الرحلة. (2)
أمّا الجانب الإسرائيلي فقد بدأ تعبيره عن القلق يتخذ شكل صراعات داخليّة، لا سيّما وأنّ عدد الفحوصات الإيجابية لمرضى كورونا العائدين من الإمارات في ارتفاع تدريجي، وقد طُلِب من وزارة الصحّة عقد اجتماع لفريق مُختصّ مكون من مسؤولي وزارة الصحة والخارجية وممثلين حكوميين آخرين لمناقشة تحويل الإمارات لمنطقة حمراء، إلّا أنّ ضغوطًا سياسيّة ترفض ذلك وتقترح تحويل كافّة دول العالم لحمراء لتفادي تحويل الإمارات لوحدها. (3)
وقد لاقت هذه الخطوة امتعاضًا شديدًا، لا سيما أنّها ستُلزم كلّ من يعود من أيّ دولة بالحجر لمدّة 14 يومًا بدلًا من يومٍ واحد، وكان الاعتراض الأكبر من قبل شركات الطيران والسياحة التي قدّمت اعتراضها لوزيرة المواصلات ميري ريغيف من حزب الليكود. (4)
كان هذا عرضًا موجزًا لما أدى لانتشار مهول للمصابين العائدين من دُبي مما قادَ لأزمةٍ كبيرة، فقد دَلّت التقارير على نسب مُرتفعة من المُصابين القادمين من دبي حصرًا، كان أوّلها التقرير الذي قدّمته، رئيسة قسم خدمات الجمهور الصحيّة للجنة التشريع في الكنيست، شارون الروعي برايس، في تاريخ 28/12/2020 الذي استدلّ بمجموعة مُكوّنة من 20 شخص عادت من دبي ومن بين أفرادها 14 مُصابًا.
وأضافت برايس: “نحن في ظل انتشار مُضاعف للوباء ولعدد الذي يرزحون تحت أجهزة التنفّس، وكذلك في دول لازلنا نعدّها دولًا خضراء”. (5)
وتصاعَد التوتر في “إسرائيل” إزاء رحلات دُبي بعد تقرير موقع “كلكاليست” المُعتمد على نتائج وزارة الصحّة الذي بيّن أن ما يزيد عن ثُلث المُصابين من العائدين للبلاد من جميع دول العالم كان من دُبي وبفارق كبير عن الولايات المُتحدة التي ساهمت ب 15% من المُصابين العائدين للبلاد. (6)
اقرأ أيضًا.. الإسرائيليون في الإمارات: لا حديث بالسياسة!
وفرض ذلك على اللجان المُختصّة في الكنيست مُناقشة ضرورة إخضاع جميع العائدين من دُبي للحجر في فنادق خاصّة على غرار البرازيل وجنوب أفريقيا، إلّا أنّ العدد الكبير للمُسافرين يحول دون ذلك، إضافةً للمباشرة بمراجعات قانونيّة تُخوّل سلطات مطار بن غوريون إجراء فحص كورونا لكل من يهبط على أرض المطار من خارج البلاد خاصّةً من دُبي.
ويُشار إلى أنّ إحدى الشركات فازت لاحقًا بمناقصة لإجراء الفحوصات في المطار، إلّا أنّ إغلاق المطار حال دون مُباشرتها العمل. (7)
الجزء الثالث من مسلسل إرهاصات دُبي وكورونا قد افتُتِحَ في “ذي ماركير” ضمن المُلحق الاقتصادي لصحيفة هآرتس تحت عنوان: “حفلة عدوى كبيرة: ماذا حدث في دبي؟”، إذ وضع التقرير طبيعة انتشار العدوى في دبي في البارات والمقاهي وعدم التزام السيّاح بإجراءات الوقاية. (8)
وكانت ذُروة أحداث هذا الجزء مع بدء انتشار الطفرات الجديدة للفايروس إذ أعلنت وزارة الصحة الإسرائيليّة اكتشاف خمس حالات أخرى لمرضى بالطفرة الجنوب أفريقية من الفيروس بين الركاب العائدين من جنوب إفريقيا أو دبي، أو الأشخاص الذين كانوا على اتصال بهم، وتمّ حتّى الآن اكتشاف الطفرة الجنوب أفريقية من الفيروس في 27 مريضًا تم التحقق منهم. (9)
أمّا القشّة التي قسمت ظهر البعير، فقد كان الفحص الوبائي الذي أُجري على أحد العائدين من دُبي قبل ثلاثة أسابيع لتتبّع سلسلة العدوى وقد أظهر بدوره أنّه قد نقل العدوى لما يزيد عن 180 شخصًا، ويتم في هذه الأثناء أخذ عيّنات من 14 شخصًا من هذه السلسلة لفحص إمكانيّة إصابتهم بواحدة من الطفرات الجديدة للفايروس، وذلك في ظل حالات عديدة تم اكتشافها لمُصابين بالطفرة البريطانيّة وطفرة كاليفورنيا. (10)
وفرض ذلك على رئيسة قسم خدمات الجمهور الصحيّة شارون برايس إطلاق تصريح عبر القناة 13 قالت فيه حرفيًا: “عدد المُتوفّين بسبب دبي خلال أسبوعين من السّلام أكثر من عددهم بـ 70 سنّة من العداء”، وأكدت “رفضها القاطع والتامّ لأيّ رحلة جويّة من وإلى دُبي”.
وعلى ما يبدو فإنّ نهاية مُسلسل صب كافّة تُهم العدوى لدُبي قد شارف على الانتهاء مع قرار الحكومة الإسرائيليّة إغلاق مطار بن غوريون بشكل نهائيّ وغير ومسبوق كما وصفه موقع “واينت” بعد ترك عدد كبير من الإسرائيليين خارج البلاد يعيشون مُعضلة العودة دون حلول تلوح في الأفق.
كما تمّ إيقاف كلّ الرحلات الجويّة عدا الرحلات الخاصّة لأسباب قانونيّة، بينما في السابق اُغلِق المطار لبضعة أيام، أمّا الآن فالحديث عن إغلاق قد يستمر لأكثر من أسبوعين (11)
هذا ويُذكر أنّ قرار إغلاق المطار من عدم إغلاقه أدى لحالة من المُناكفة الشديدة بين الأحزاب الإسرائيليّة كان أشدّها بين وزيرة المواصلات الليكوديّة ميري ريغيف، التي كانت من الرافضين لإغلاق المطار ورئيس حزب “يمينا” نفتالي بينيت الذي استخدم الموضوع في حملته الإعلاميّة وهاجم رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الصحّة يولي أدلشتاين ووزيرة المواصلات ريغيف بشدّة، وكان أبرز هذه الهجمات خطابه في الهيئة العامّة في الكنيست حين وجّه حديثه لهم بشكل مُباشر. (12)
المصادر:
(1) “غلوبس”: https://bit.ly/39P2TPk
(2) “غلوبس”: https://bit.ly/3au9nCm
(3) “ذي ماركر”: https://bit.ly/3oStr6y
(4) “ذي ماركر”: https://bit.ly/36Iiy10
(5) “ذي ماركر”: https://bit.ly/36Hsvvo
(6) “كالكاليست”: https://bit.ly/2LpwmGk
(7) “غلوبس”: https://bit.ly/2LkqQET
(8) “ذي ماركر”: https://bit.ly/3pSCt4P
(9) “هآرتس”: https://bit.ly/3oP6S2s
(10) “واينت”: https://bit.ly/3jjHeC3
(11) “واينت”: https://bit.ly/2O1s8W5
(12) “نفتالي بينيت على فيسبوك”: https://bit.ly/2NYaQsY
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…