مقدمة العساس | في أكثر من مناسبة هددت السلطة الفلسطينية بـ وقف التنسيق الأمني مع “إسرائيل” ردًا على مختلف الانتهاكات الإسرائيلية، حتى جاء القرار أخيرًا في مايو/أيار 2020، إلا أنه رغم ذلك يبقى القرار، بحسب العديد من المراقبين، مجرد تهديد أو خطوة سياسية تفتقر قدرة التنفيذ.

كيف قرأت “إسرائيل” قرار وقف التنسيق؟ وما مدى جديّة السلطة الفلسطينية؟

هذه المادة تتحدث عن قرار وقف التنسيق الأمني مع “إسرائيل”، وأبعاده التي يُمكن أن تحصل حال تطبيقه بشكل حقيقي.

إعداد العساس | 

وقف التنسيق الأمني وردّ فعل مشكّك

صرّح مسؤولون إسرائيليون أنه رغم إعلان الفلسطينيين وقف التنسيق الأمني، إلا أن التنسيق بين الطرفين من المتوقّع أن يستمرّ عبر قنوات سرّيّة، إذ أن عبّاس أبرق للقيادة الإسرائيلية أنهم لا ينوون “كسر الأدوات، ولن تتطور الأزمة إلى أحداث عنف”.

رغم ذلك، هناك تخوّف لدى أجهزة الأمن في “إسرائيل” أن حركة حماس تستغل الوضع وتسعى لزيادة عملياتها، إذ جاء ردّ “إسرائيل” بأنه بوضع كهذا “لا نسمح لحماس بأن ترفع رأسها”. (1)

ويحافظ المستوى الرسمي في “إسرائيل” على الصمت، ويمتنع عن إحراج السلطة الفلسطينية مع السماح لمحمود عبّاس بلعب دور “الغاضب” لكيلا تتفاقم الأوضاع. 

كذلك تسود الضبابيّة مسألة إلغاء تصاريح “VIP” لمسؤولي السلطة الفلسطينية وتصاريح العبور لرجال الأعمال الفلسطينيين “BMC”،  اذ اشارت وسائل اعلام اسرائيلية الى امتناع “إسرائيل” عن ذلك، وعلى ما يبدو هناك مصالح مشتركة بين “إسرائيل” ورئيس السلطة الفلسطينية بعدم تفكيك السلطة وعدم وقف التنسيق الأمني كلّيًّا. 

اقرأ أيضًا.. التنسيق الصحي: ليس لسواد عيونك!

كما أشارت أن “إسرائيل” وعباس لا يريدان أن تسيّطر حركة حماس وتسقط السلطة الفلسطينية، إذ أن الطرفين يديران أزمة مُحكَمة.

مضيفة أن إسرائيل”  تحرص على عدم التصادم مع محمود عباس بشأن إعلان التنسيق الأمني، كي لا تحرجه أمام أبناء شعبه، وحاليًا يسود الأمن والهدوء الضفة الغربية، وتواصل السلطة الفلسطينية القيام بوظيفتها كالمعتاد، وهو الأمر المهم بالنسبة لـ “إسرائيل”. (2)

ردود فعل مختلفة حول وقف التنسيق الأمني

بدوره، قال الوزير من حزب الليكود زيف إلكين: “لو لم يكن هناك التنسيق الأمني، من غير المؤكّد أن “أبو مازن” وجماعته سيحكمون مدن الضفة الغربية، لا يمكنهم تهديدنا بمصلحتهم الشخصية”. (3)

أمّا رئيس منتدى دراسات الفلسطينيين في مركز موشيه ديّان التابع لجامعة تل أبيب، ميخال ميلشتاين، قال: إن التنسيق المدني لا يمكن وقفه مرة واحدة، فدونه ليس هناك وجود للسلطة، وليس لها وسيلة لإدارة حياة سكانها من تنسيق ومعابر والحصول على علاج طبيّ وجباية الضرائب، وليس هناك تصاريح عبور لكبار الشخصيات.

وأضاف ميلشتاين “إذا كان أبو زمان جديًا فهو مسجون في رام الله ولا يمكنه الخروج منها إلا بتنسيق إسرائيلي”، هناك فرصة بأن يعدل عن قراره لو استخدمت “إسرائيل” سطوتها وقوتها ومنعت دخول أموال المقاصة. (4)

في حين كتب عضو الكنيست، موشيه بوجي يعالون على حسابه في تويتر: ” لقد أضرّ الحديث وإعلانات الضمّ أو السيادة على مناطق مختلفة من منطقة الضفة الغربية بالعلاقات مع الأردن، والآن مع السلطة الفلسطينية. لماذا ندفع ثمن الحديث بدلاً من الأفعال؟ لاعتبارات سياسية للمتهم نتنياهو.. حتى متى؟”.

بينما صرّح مسؤول إسرائيلي أن رسالة السلطة كانت “غامضة ومضامينها العملية غير واضحة، ومجمل الرسائل التي وصلت للمنسق كميل أبو ركن كانت تحمل ذات صياغة مضمون خطاب أبو مازن”. (5)

 السيناريوهات المتوقعة

أشار محللون اسرائيلون أن على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنبيه القيادة السياسية بأنها تجرّ المنطقة نحو تصعيد
محتمل، إذ ترى قيادة لواء المركز أن تجدّد المفاوضات لن يتم إلا في حال تراجع نتنياهو وغانتس عن خطة الضمّ. 

حيث من المتوقع مع وقف التنسيق بين الفلسطينيين و”إسرائيل” الذي يطبق على عدة أصعدة ومستويات منها: المدني
ودخول العمّال الفلسطينيين من الضفة إلى الداخل أو دخول مرضى لتلقي العلاج الطبيّ في المستشفيات الإسرائيلية،
وكذلك التنسيق الأمني وتنسيق دخول قوّات الاحتلال وإتاحة الحرية العسكرية لها داخل الضفة الغربية، إذ أنّ المسّ
بالتنسيق الأمني، من جانبهم، يقود لصدام فوري. (6)

وأشارت تحليلات أخرى أن وقف التنسيق الأمني سيحرم مئات الفلسطينيين من الضفة وغزة من العلاج الطبيّ في
المستشفيات الإسرائيلية، إذ أن منظمات حقوق الإنسان تقول إنها تتلقى عشرات الطلبات في اليوم من مرضى في
الضفة وغزة، يتحدّثون بأن الجهات المختصّة بالتنسيق الأمني في الجانب الفلسطيني أوقفت العمل على طلبات تلقيهم
العلاج في الداخل. (7)

وفي جانب آخر نقلت وسائل إعلام اسرائيلية انه ورغم إعلان توقف التنسيق الأمني، إلا أن قوّات الأمن الوقائي
الفلسطيني في السلطة الفلسطينية أحبطوا في الأيام الأخيرة عملية ضدّ قوّات الجيش الاحتلال في جنين.

 وأفادت تقارير، بأن المسؤولين في قوّات الأمن الفلسطينية أعلموا جيش الاحتلال بأن وقف التنسيق الأمني  حتى
إشعار جديد، ولكن لا يشمل التنسيق المدني والاستخباراتي. (8)

تقرير المعهد القومي

وألمح تقرير “للمعهد الإسرائيلي لدراسة الأمن القومي” إنه من غير الواضح صلاحية تصريحات عباس، كما أن
عريقات صرّح بأن تصريحات عبّاس ستدخل حيّز التنفيذ فورًا، وأن وقف التنسيق الأمني لا يعني إعطاء الضوء
الأخضر للعمليات ضدّ “إسرائيل” وأن قوّات الأمن الوقائي الفلسطينية ستتصدى فورًا لمثل هذه العمليات.

وصرّح مسؤولون فلسطينيون بأنه لن توجد لقاءات مشتركة مع مسؤولين إسرائيليين، بينما على المستوى الميداني
الأمر يعني: خروج القوّات الفلسطينية من مناطق (ب) لأن وجودهم كان منوطا بالتنسيق الأمني، ولا يوجد حديث
حتى اللحظة عن تفكيك قوّات الأمن الوقائي أو السطلة ومجلسها التشريعي وتسريح الوزراء من مناصبهم.

ينطوي على وقف التنسيق الأمني وصول “إسرائيل” لحكم الضفة الغربية وإدارة حياة السكان بطريقة مباشرة. (9)

المصادر:

(1) “يديعوت أحرونوت”: https://bit.ly/30KylKD
(2) “مركز القدس للشؤون العامة”: https://bit.ly/30Lw9lN
(3) “كان على تويتر”: https://bit.ly/37yU7SF
(4) “جلوبس”: https://bit.ly/2AFMHkB
(5) “قناة 13”: https://bit.ly/2YGv0JE
(6) “واللاه”: https://bit.ly/2C4xji1
(7) “هآرتس”: https://bit.ly/2Y0Jzc2
(8) “الموقع الإخباري الحريدي”: https://bit.ly/37x0u97
(9) “المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة”: https://bit.ly/2B9mScM