أُغلق المسجد الأقصى خلال الأعوام الماضية مرات عدّة، جلها بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ولأسباب أخرى طارئة، إلا أن الإغلاق الحالي بسبب جائحة كورونا يعتبر غير مسبوق لما يصاحبه من عدم معرفة مدته، وكيف ستكون الصلاة في باحاته بعد الأزمة.
هذه المادة تعرض أبرز الإغلاقات التي حدثت في تاريخ المسجد الأقصى خلال السنوات الأخيرة، وتوثّق أخطر الانتهاكات الإسرائيلية بحقه.
2020:
للمرة الأولى منذ أعوام، يُقرَّر إغلاق المسجد الأقصى طوعًا، إذ أعلنت إدارة الأوقاف الإسلامية، يوم الأحد 15 مارس/آذار2020، إغلاق المسجد القبلي والمصلى المرواني وقبة الصخرة بسبب انتشار فيروس كورونا، والسماح لعددٍ قليلٍ من المصلّين بالصلاة في الباحات مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي واتخاذ تدابير الوقاية لمكافحة انتشار الفيروس. (1)
في 20 مارس/ آذار، خلت مصلّيات المسجد الأقصى من المصلّين، قبل أن يقوم المئات بأداء صلاة الفجر في الباحات وخارج الأسوار مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي، كما تجمهر بعضهم قرب أحد الأسوار منعًا للبلل بسبب الأمطار، مخالفين بذلك تعليمات وزارة الصحة.
ومع اقتراب موعد صلاة الظهر، حاول المئات من عناصر الشرطة الإسرائيلية منع التجمّع وتكرار الصلاة، واستعملوا العنف مع المصلين، ما أدى لاندلاع مواجهات في البلدة القديمة بالقرب من الأسوار، قامت على إثرها الشرطة الإسرائيلية بنشر عناصرها مقابل مداخل المسجد الأقصى، المغلق أساسًا، لمنع دخول المصلين، ثم قامت بفتح ثلاثة بوابات وهي: باب الأسباط والمجلس والسلسلة، وافتتحت أبواب البلدة القديمة لسكّانها فقط. (2)
يأتي ذلك بعد أن اتخذت الحكومة الاسرائيلية قرارًا في 18 إبريل/نيسان الماضي، بالسماح للمستوطنين الذين يسكنون بمقربة 500 مترًا من حائط البراق، بأداء الصلاة في باحته مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي. (3)
2019:
تزامن اليوم الأول من عيد الأضحى هذا العام مع عيد “طو بآب” العبري الذي يوافق 11 أغسطس/آب، وأعلنت يومها السلطات الإسرائيلية في البداية منع المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى؛ خشية المواجهات العنيفة التي قد تندلع بين الفلسطينيين والمستوطنين، لكنها تراجعت عن هذا الإعلان تحت ضغط المنظمات الاستيطانية وداعميها في الكنيست.
ومع اقتحام المستوطنين للمسجد تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، اندلعت مواجهات بينهم وبين الفلسطينيين، أدّت إلى وقوع العديد من الإصابات لدى الطرفين، وقررت السلطات الإسرائيلية بسببها إغلاق المسجد الأقصى ومنع دخول المصلّين إليه لساعات عديدة.
وادّعت الشرطة في حينه أن إغلاق أبواب الأقصى جاء بعد تقييم الوضع الذي أجرته، وأنها لم تكن بناءً على أوامر رئيس الحكومة مثلما تداولت التقارير. وقال قائد لواء القدس في الشرطة الإسرائيلية إنه صاحب قرار الإغلاق، وإن قراره لاقى دعمًا على المستوى السياسي.
كما أعلن الهلال الأحمر في ذلك الوقت عن نقل 61 مصابًا خلال المواجهات إلى مستشفى المقاصد ومستشفى هداسا عين كارم، وكان من بينهم مفتي القدس، الشيخ محمد حسين. (4)
2018:
اندلعت مواجهات بين المصلّين وشرطة الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى، بعد صلاة الجمعة يوم 27 يوليو/تموز 2018، على إثر اعتداء أحد أفراد الشرطة على المصلّين بالضرب والقنابل المسيلة للدموع، إذ اقتحمت الشرطة المصليات والباحات، واعتقلت 24 فلسطينيًا من هناك.
وأمر قائد لواء القدس في الشرطة الإسرائيلية في حينه، يورام هليفي، عناصره باقتحام المسجد الأقصى وإخراج المرابطين من داخله بالقوة وإغلاق بوّاباته، ما أوقع الكثير من الخسائر والأضرار في المكان؛ بسبب استعمال السلاح والعنف الشديد والقنابل ودخول الشرطة للمصليات بأحذيتهم العسكرية.
استمر الإغلاق لساعات عدّة، اضطرت بعدها عناصر الشرطة للانسحاب وفتح بوابات المسجد أمام المرابطين هناك، واعتبر مفتي الديار المقدّسة السابق، عكرمة صبري، هذه الاعتداءات كمحاولة إسرائيلية للانتقام من النصر الفلسطيني بعد إجبارهم على إزالة البوابات الإلكترونية قبل عام. (5)
2017:
بتاريخ 14 يوليو/تمّوز، أغلقت قوات الاحتلال المسجد الأقصى بعد تنفيذ ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم عملية فدائية في باحاته، أسفرت عن استشهادهم ومقتل جنديين إسرائيليين، وكان هذا الإغلاق هو الأطول منذ فرض الاحتلال إغلاقاته المتتالية على المسجد.
واستمر إغلاق الأقصى حتى يوم 27 يوليو/تموّز، لكن لم تكن كل تلك الفترة بقرار مباشر من الاحتلال، إذ كان للأوقاف الإسلامية والهيئات المقدسية المختلفة دور كبير في قيادة احتجاج جبار، سببه قرار الاحتلال نصب بوابات وأجهزة إلكترونية على مداخل الحرم القدسي، وأجبر هذا الاحتجاج سلطات الاحتلال على التراجع وإزالة البوابات.
وبدأ الاحتجاج خلال اليوم الأول للإغلاق بعد العملية، وفي اليوم الثاني، أصدرت إدارة الأوقاف الإسلامية بيانًا قالت فيه إنها فقدت السيطرة على المسجد الأقصى بشكل كامل بعد إجراءات الاحتلال وإغلاق المسجد لليوم الثاني على التوالي.
وأعلنت الأوقاف أن قوات الاحتلال اعتدت على مكاتبها ومن ضمنها مكتب مفتي الديار المقدسة والمحكمة الشرعية التي تحوي مخطوطات ووثائق تاريخية عن القدس.
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاج، أعلنت السلطات الإسرائيلية نيّتها فتح البوابات في اليوم التالي، بعد نصب بوابات إلكترونية لتفتيش الداخلين إليه، لكن الوقف وكل الجهات ذات العلاقة رفضت ذلك. (6)
وأعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في حينه، جلعاد إردان، أن: السيادة على المسجد الأقصى تابعة لـ “إسرائيل”، بدون علاقة لمواقف الدول الأخرى، وأصر على نصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد.
جاءت هذه التصريحات بعد احتجاج أردني رسمي وتوتر في العلاقات مع “إسرائيل” بسبب الإغلاق، وتأكيد على السيادة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، لكن إردان قال: إن المسؤولية الأمنية للجميع تقع على عاتق “إسرائيل” فقط. (7)
وبعد هذا القرار، بدأت احتجاجات واسعة شملت رفض دخول المصلّين ومفتي الديار المقدسة ومدير الأوقاف وجميع المؤسسات والهيئات الفاعلة في القدس إلى المسجد الأقصى من خلال البوابات الإلكترونية، واعتصموا أمام البوابات وأقاموا الصلوات هناك رفضًا لقرار السلطات الإسرائيلية.
وتخللت الاعتصامات مواجهات مع شرطة الاحتلال في القدس، ومظاهرات في النهار والليل، وخاصة بعد صلاة العشاء في كل يوم وبعد صلاة الجمعة، حتى رضخت سلطات الاحتلال وأمرت بإزالة البوابات يوم 27 تمّوز 2020. (8)
المصادر:
(1) “القناة 13”: https://bit.ly/2Z23et5
(2) “هآرتس”: https://bit.ly/3fQ6rSf
(3) “كيكار شابات”: https://bit.ly/2WYd9Np
(4) “واللا”: https://bit.ly/2AtaDaB
(5) “واينت”: https://bit.ly/3fOdwmr
(6) “واللا”: https://bit.ly/3cBxBdK
(7) “إذاعة الجيش”: https://bit.ly/3dO1sjt
(8) “القناة 13”: https://bit.ly/2LpBmqI
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…