مقدّمة العسّاس |

وسط تطورات عديدة على المجالات المختلفة، جاء مؤتمر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي السنوي، ليناقش ملفات متعلقة بسوريا وإيران وحزب الله والعلاقة مع الدول العربية، ومدى تأثيرها على “إسرائيل”.

 تعرف على هذه الملفات، وكيف تنظر “إسرائيل” بشكل استراتيجي لها؟

هذه المادة تلخّص وتشرح نتائج المؤتمر السنوي، لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، الذي عقد مطلع عام 2020.

إعداد العسّاس |

ناقش مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، في مؤتمره السنوي الذي عقده نهاية يناير / كانون الثاني الماضي، عددًا من المواضيع والتحديات التي يراها الأبرز والأهم على الساحة الإسرائيلية، من بينها تحديات العلاقات الخارجية والأمن، في الشرق الأوسط وغيره.

ويستضيف المؤتمر كل عام نخبة من أبرز الشخصيات الأمنية والنخب السياسية الإسرائيلية وسفراء ومحللين من دول مختلفة، وفي هذا المؤتمر، طرحت العلاقات مع الدول العربية في المنطقة والتطورات التي شغلت الساحة مؤخرًا، وكذلك المخاطر الأمنية التي تحيط بـ “إسرائيل” من مختلف الجهات. (1) 

سوريا والمستقبل

في نقاش حول مستقبل سوريا وتأثيره على “إسرائيل”، تطرقت الجلسة إلى عدد من المحاور، منها التدخل الروسي والإيراني وشكل الدولة التي ستكون، إذ أشارت الباحثة في المركز والمختصة بالشأن السوري، كارميت فالينسي، إلى إن سوريا ستواجه “حربًا من نوع آخر في العقد المقبل، وهي حرب على السيادة يكون فيها على النظام السوري التعامل مع لاعبين إقليميين مثل: تركيا وروسيا وإيران وآخرين محليين، مثل: قادة العشائر والميليشيات المسلحة.

من جهة أخرى، ستكون هذه الحرب على شكل النظام، إذ ستواجه سوريا صراعات داخلية على السلطة، للإجابة على الكثير من الأسئلة حول: شكل النظام؟ من يقف على رأس النظام؟ ومن المتوقع أن تشكل صراعات القوة، اغتيالات وتصفيات واختفاء شخصيات بارزة.

كما هناك الشعب والمجتمع، فبعد كل ما حدث يكون المجتمع مقسمًا وفق استقطابات عميقة تشمل عداءً متزايدًا للأسد، ومن المتوقع ألا يعود معظم اللاجئين لسوريا وهذا أمر جيد بالنسبة لبشار الأسد.

أما بالنسبة للاقتصاد، فمن المتوقع أن يستمر التضخم في ظل البنى التحتية المهدمة والفقر، وتشير التقديرات إلى أن الفترة المطلوبة لإعادة الإعمار تمتد لـ 50 سنة من اليوم وكلفتها مليارات الدولارات، وعلى سوريا القلق حول من سيدفع هذه الأموال ومن سينفذ المشاريع. والمعركة الأخيرة ستكون معركة دبلوماسية، ستبدأ بطلب استئناف العلاقات مع الدول العربية أولًا والمتابعة بعد ذلك.

واعتبر مدير برنامج الدفاع والأمن في مركز الأبحاث EDAM في إسطنبول، خان كساب أوغلو، أن الحديث عن مستقبل سوريا يجب أن يؤخذ من منظور الخطة الروسية والخطة الإيرانية، مضيفًا “الخطة الروسية تقضي ببناء دولة بمثابة أداة في يد روسيا، تشمل إعادة تشكيل الجيش السوري، في حين تسعى إيران إلى جعل سوريا فرعًا لها، كما هو الحال في العراق، والميليشيات الشيعية هي أداة لتحقيق هذا الهدف، كذلك تهدف الخطة الإيرانية إلى بناء نظام تابع لإيران في كل المجالات، ليس العسكري فقط، بل الثقافي والحضاري كذلك”.

ووافق المختص في الدراسات الاستراتيجية، جوناثان سابير، الذي زار سوريا والعراق وكردستان خلال السنوات الأخيرة، ما قاله كساب أوغلو، مشيرًا إلى أن “التغلغل الإيراني عميق للغاية في الدولة السورية ويشمل قطاع البنى التحتية والقدرات العسكرية وتسليح الميليشيات ومحاولات تغيير سوريا ديمغرافيًا وأيديولوجيًا.

وقال سابير: تملك إيران حكمًا ذاتيًا في مساحات واسعة من الأراضي السورية رغم التهديدات من ثلاث قوى أساسية، روسيا ونظام الأسد و”إسرائيل”، لا سيما أن تضارب مصالح واسع بدأ يظهر بين طهران وموسكو وصراع النفوذ بينهما.

وبيّن أن هذا الوضع سيستمر مع ضعف نظام الأسد، ولن تتمكن “إسرائيل” من القضاء على التهديد الإيراني من خلال المعلومات الاستخبارية والضربات الجوية فقط، أما روسيا فقد تحولت إلى وسيط أو وكيل لكل الصراعات في سوريا وإيران و”إسرائيل”، وبين تركيا والأكراد والأسد والثوار، وفي النهاية كل هؤلاء يهرولون نحو موسكو. (2)

إيران

في جلسة حول محاكاة الحرب، اعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، أن “إيران أقوى بكثير من حزب الله أو الميليشيات الشيعية أو فيلق القدس، لكن قدرتها على المس بـ “إسرائيل” تقل كثيرًا عن قدرة حزب الله”.

وأضاف آيزنكوت “عملنا على الردع ومنعنا التموضع الإيراني في سوريا، ودمرنا مشروع الأسلحة الدقيقة في لبنان وقضينا على خطر الأنفاق، وساهمنا في القضاء على تنظيم الدولة (داعش)، بالإضافة إلى الحرب اليومية على الإرهاب، وعلينا مواصلة العمل وفق هذه السياسة حتى نقضي على الخطر الاستراتيجي الأكبر، وحتى ذلك الحين علينا مواصلة النزال واستغلال تفوقنا الاستخباراتي وقدرتنا العسكرية”.

أمّا في سياق الرد على سؤال ما هي النتيجة المرضية لـ “إسرائيل”؟ قال آيزنكوت: إن “إيران هي رأس المحور المعادي لـ “إسرائيل”، ولها أهداف استراتيجية رئيسية وهي: ترسيخ النظام لأمد بعيد وهيمنة إقليمية وتصنيع قنبلة نووية أو الوصول لمرحلة قريبة منها لتأمين نفسها، وعلى “إسرائيل” تنفيذ كل عملية تلحق الضرر بهذه الأهداف”. (3)

حزب الله

فيما يخص حزب الله، رأى مدير جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية CIA السابق، ديفيد بتراوس، أن “حزب الله لن يخوض حربًا ضد “إسرائيل” إلا في حال اضطر لذلك، إذ لا يمكن لحزب الله إلحاق الضرر بها بصورة جدية كما في السابق، بسبب أنظمة الدفاع الجوي الحديثة التي تستعملها حاليًا”. (4)  

في حين اعتبر مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، الجنرال تمير هايمان، أن “ثقة أعدائنا في السنوات الأخيرة ضعفت بسبب العمليات الإسرائيلية، إذ تم الكشف عن أنفاق حزب الله واغتيال عدد من القادة والجنود في سوريا والضاحية الجنوبية واغتيال قيادات في قطاع غزة، ما أثبت أن لا أحد يملك الحصانة أو الأمان أمام العمليات الإسرائيلية”. (5)  

العلاقة مع الدول العربية

وخلال جلسة تحت عنوان، نظرة إلى “إسرائيل” من الشرق الأوسط، استضاف المؤتمر سفيرة الولايات المتحدة السابقة في الإمارات العربية المتحدة، باربرا لييف، التي شغلت مناصب حساسة كثيرة في وزارة الخارجية الأميركية تتعلق بالشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية قبل توليها منصب سفيرة، بالإضافة إلى استضافة سفيرة الولايات المتحدة في قطر، دانا شيل سميث.

حول نظرة الإماراتيين لمستقبل القضية الفلسطينية، قالت لييف: إن “فجوة شاسعة تكمن بين رؤية الأجيال المختلفة في الإمارات للموضوع، إذ يمثل الجيل الجديد قوة داعمة للفلسطينيين وحلمهم في تحقيق الدولة، في حين تطمح فئة رجال الأعمال فوق سن الأربعين لإقامة علاقات تجارية واستثمار مع “إسرائيل” في مختلف المجالات، ولا يمكن التكهن بما سيحدث لاحقًا”.

وأشارت إلى أن “تقارب الإمارات ودول عربية أخرى مع “إسرائيل” لا ينبع من تخليهم عن الفلسطينيين، وخير دليل على ذلك هو حضور سفراء عرب إعلان ترامب لصفقة القرن، في حين علينا البحث عما غاب والأسباب التي جعلته يغيب، وعلى رأسهم الأردن ومصر لأنهما الدولتين التي ترتبطان بمعاهدات سلام وعلاقات طبيعية بـ “إسرائيل”.

وعن أخذ قطر دور في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قالت السفيرة سميث: إن “هناك أمور أخرى كثيرة تشغل الناس عن الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فحقيقة أن قطر وجدت نفسها محاصرة من قبل جاراتها، وفرضت عليها الكثير من الأمور التي باتت على رأس سلم أولوياتها، إذ وجدت نفسها محاصرة كذلك بين السعودية وإيران، وهذا ما يفسر علاقتها بتركيا”. (6)

المصدر:

* “مركز أبحاث الأمن القومي”
(1) https://bit.ly/3bWPAug
(2) https://bit.ly/2UPEW2W
(3) https://bit.ly/2UTD2OT
(4) https://bit.ly/39Q7kGf
(5) https://bit.ly/2UTmw1c
(6) https://bit.ly/2JUBkGp