بغطاء قانوني: العمل الحقوقي مُقيّد

مقدمة العساس | يُروّج الاحتلال الإسرائيلي نفسه كواجهة ديمقراطية في الشرق الأوسط، في حين تحاول مؤسساته الرسمية السيطرة على المنظمات الحقوقية التي تعمل على كشف صورته الحقيقية، من خلال سن قوانين واتخاذ إجراءات تساعده على تحقيق غايته بأقل الخسائر، بينما تقوم أذرعه الخفية بعملها بأسلوب أشد تطرفًا، مثلما حدث مع منظمة العفو الدولية “أمنستي” عندما قام مجهولون يُعتقد أنهم من جماعة “تاغ محير” بإرسال تهديدات بالقتل لمكاتب المنظمة في تل أبيب.

هذه المادة تُعرّف بالقوانين والإجراءات الإسرائيلية التي تُقيّد عمل مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء العمل الحقوقي داخل “إسرائيل”.

ترجمة العساس |

قانون مراقبة مؤسسات المجتمع المدني:

بحسب القانون الإسرائيلي الذي تمت المصادقة عليه في تموز/يوليو 2017، يجب على كل منظمة مجتمع مدني تتلقى دعمًا ماليًا من جهاتٍ أجنبية، كالاتحاد الأوروبي وأمريكا، أن تسجّل مصادر الدعم عند مسجّل الجمعيات الذي سينشر هذه المعلومات على الإنترنت. وعليه، تكون الجمعيات مُلزمة كذلك بنشر أسماء مموليها في رسائلها الموجهة للجماهير. أما الجمعيات التي لا تلتزم بهذا القانون، تعاقَب بدفع غرامة مالية بقيمة 29 ألف شيكل. وتخضع لهذا القانون 25 جمعية حقوق إنسان من أصل 27 جمعية تنطبق عليها معايير نفس القانون.

في ظل ذلك، يعتقد نتنياهو أن هذا القانون بصيغته الحالية ضعيف للغاية ويجب تحسينه، بحيث تُمنع جمعيات المجتمع المدني من تلقي تمويل الدول الأجنبية، وقد قال في هذا السياق: “استطاع القانون وقف تمويل نرويجي لصالح منظمة نسوية فلسطينية على اسم دلال المغربي التي نفذت عملية الشاطئ وقتلت 35 إسرائيليًا عام 1978”. (1)

ومن بين الجمعيات الخاضعة لهذا القانون: “المرصد”، وهو المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان، ومنظمة “بتسيلم”، وهي مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، و”بمكوم”، من أجل حقوق التخطيط، ومركز “جيشا” للحفاظ على الحقّ في التنقّل، إضافة إلى اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في “إسرائيل” والخط الساخن للاجئين والمهاجرين وصندوق التعاون الاقتصادي والتلفزيون الاجتماعي لتعزيز أجندة اجتماعية في “إسرائيل” وغيرها من المنظمات الحقوقية. (2)

قانون يمنع حركة “نكسر الصمت” من دخول المدارس:

في كانون أول/ ديسمبر عام 2012، صادق الكنيست على قانون يمنع منظمة “نكسر الصمت” (شوفيريم شتيكا) من الدخول إلى المدارس، بسبب سعي المنظمة الحقوقية إلى مقاضاة جيش الاحتلال جرّاء انتهاكاته المختلفة، من ناحيتها قالت المنظمة إنها تدعو إلى رصد انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي ولا تدعو إلى مقاضاته دوليًا على هذه الانتهاكات، يذكر أنه في وقت سابق أجرى الكنيست تعديلًا على القانون قبل إقراره النهائي، يتيح تطبيقه على من ينشط خارجيًا ضد السياسة الإسرائيلية، إذ كان هدف التعديل أن يسري القانون أيضًا على مدير عام منظمة بتسيلم الذي أدلى بشهادته مرة في مجلس الأمن ضد انتهاكات الجيش الإسرائيلي.

حظي هذا القانون في ذلك الوقت بمباركة نفتالي بينيت، وزير التربية والتعليم السابق، الذي صرّح بأن خدمة التعليم تتطلب التركيز على دعوات الالتحاق بالخدمة العسكرية والمدنية.
وقد بادر لسن هذا القانون كلّ من: بتسلئيل سموتريتش، وشولي معلم رفائيلي من حزب البيت اليهودي ويائير لابيد رئيس حزب “يش عتيد”. (3)

محاربة لجنة جولدستون 2:

بالعودة إلى عام 2014، منعت “إسرائيل” لجنة تحقيق أممية تابعة لمجلس حقوق الإنسان (لجنة شاباس) من الدخول إلى “إسرائيل”، للتحقيق في انتهاكات الجيش الإسرائيلي في حرب غزة 2014. وأطلق على اللجنة اسم لجنة جولدستون 2، تيمنًا بلجنة جولدستون التي حققت في انتهاكات الجيش الإسرائيلي في حرب غزة 2009، إذ بقي أفرادها عالقون في الأردن دون الدخول إلى “إسرائيل”. (4)

قانون مكافحة الإرهاب:

بينما في عام 2016، بادرت وزيرة القضاء الإسرائيلية حينها، أيليت شاكيد، باقتراح قانون لمكافحة الإرهاب بدعمٍ من الشاباك والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية. يوحّد القانون بين كلّ القوانين السابقة لمحاربة الإرهاب، ويوسّع تعريف الإرهاب والمنظمة الإرهابية ونشاطها، ويتيح هذا القانون للشاباك مراقبة أي شخص يُشتبه بأنه على صلّة بما يسمى “الإرهاب” خلال مناقشته في لجنة سن القانون، قدّم 150 تحفظًا ضد هذا القانون المثير للجدل وذلك على مدار 30 جلسة، يذكر أن القانون يسري فقط في الداخل المحتل ولا يشمل الضفة الغربية. (5)

قضية الهان عمر ورشيدة طليب:

اجتمع مجلس الأمن القومي مؤخرًا ليقدّم توصية لنتنياهو حول السماح لكل من رشيدة طليب وإلهان عمر، نائبتي الكونغرس الأمريكي الداعمتين لـ BDS  بالدخول إلى “إسرائيل” خلال الزيارة التي تنويان عقدها في أغسطس/آب الجاري.

برغم وجود قانون يمنع دخول الداعمين لحركة المقاطعة، يُمكن أن توصي وزارة الخارجية الإسرائيلية لوزارتي الأمن الداخلي والشؤون الاستراتيجية بالسماح للمسؤولين الكبار من الدخول إلى “إسرائيل”، في حال كان المنع سيضرّ بالعلاقات الخارجية لـ “إسرائيل”.

(تأتي زيارة إلهان عمر ورشيدة طليب إلى فلسطين في سياق موازِ للرد على الزيارة الدورية التي ينفذها أعضاء الكونغرس الجدد إلى “إسرائيل” كل عامين). (6)

بذات السياق، قدمت منظمة إسرائيلية يمينية التماسًا إلى المحكمة المركزية في القدس ضد أرييه درعي، وزير الداخلية الإسرائيلي، يطالب بمنع إلهان عمر من الدخول إلى “إسرائيل” كونها تدعم حركة المقاطعة، بينما أعلنت السفيرة الإسرائيلية لدى واشنطن أن “إسرائيل” لن تمنع دخول طليب وعمر، وبذلك يكون التماس منظمة “شورات هدين” ضدّ القرار الإسرائيلي.

وادعت منظمة “شورات هدين” أن الالتماس يتضمن أدلة من بينها مشروع القانون تقدّمت به إلهان عمر رفقة رشيدة طليب لإعطاء حركة المقاطعة مزيدًا من الحرية لتعزيز نشاطها. (7)

قضية عمر شاكر:

في نيسان/أبريل 2019، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماس مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية عمر شاكر حول إلغاء تصريح إقامته في “إسرائيل”، وطالبته بالرحيل مطلع مايو/أيار عام 2019، وبالفعل تم إلغاء تأشيرة عمر شاكر الأمريكي من أصل عراقي من قبل وزير الداخلية أرييه درعي، بناء على توصية وزير الشؤون الاستراتيجية جلعاد أردان.

ووفقًا لما صدر من مكتب أردان، فقد شكل رؤية شاملة حول شاكر وأنشطته في BDS، والتي نشط فيها قبل أن يبدأ في إدارة المنطقة الإسرائيلية الفلسطينية ضمن منظمة هيومن رايتس ووتش، إذ تم إلغاء التأشيرة على ضوء قانون “الدخول إلى إسرائيل”. (8)

إلا أن عمر شاكر تقدم بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي أجلت البت بشأن بقائه حتى أيلول/ سبتمبر 2019. (9)

قضية لارا القاسم:

بحسب نفس القانون، تم إيقاف الطالبة الأميركية من أصل فلسطيني لارا القاسم في مطار بن غوريون قبل دخولها إلى “إسرائيل”، بسبب كونها ناشطة سابقة في حركة National Students for Justice in Palestine المناهضة لـ “إسرائيل”. إلا أنه، وبقرار من المحكمة العليا، سُمِح لها بالدخول، إذ برّر القضاة الحكم بأن المنع يسري على النشطاء الذين ظلوا يمارسون نشاطهم المناهض لـ “إسرايل: وقت تقديمهم لطلب الحصول على فيزا أو تصريح إقامة.

(المترجم: قبلت المحكمة العليا التماس القاسم لأنها لم تنشط مع الـ BDS عندما قدمت طلب الدخول أو بسبب عدم نشاطها مع حركة المقاطعة عند مكوثها، وجاء في الالتماس أن قدوم لارا إلى الدراسة بالجامعة العبرية لا يتسقّ مع الشبهات القائلة أنها ناشطة BDS سرية). (10)

وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، جلعاد أردان، قد وضع قائمة حظر الدخول إلى “إسرائيل”، التي ضمّت منظمات داعمة لحركة المقاطعة تعمل في أوروبا وأمريكا أمريكا اللاتينية مثل: المنظمة اليهودية الأمريكية للسلام (JVP: Jewish Voice for Peace). وفي عام 2016، تم رفض دخول د. إيزابيل بيري، مواطنة من ملاوي تعيش في سويسرا وعضو مهم في المجلس العالمي للكنائس، كما تشمل القائمة السوداء للحكومة الإسرائيلية مؤسسات من أوروبا والولايات المتحدة ومنظمة أمريكية الاتينية، ومنظمة أخرى من جنوب إفريقيا ومنظمات دولية. (11)

قرار ضد المراقبين الدوليين في الخليل:

خلال مطلع العام الجاري، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم تمديد ولاية المراقبين الدوليين في الخليل، وهم الذين يعملون في المدينة منذ 20 عامًا، وقال: “لن نسمح باستمرار وجود قوة دولية تعمل ضدّنا”.

وبعد أن أصدرت منظمة TIPH تقريرًا داخليًا شديد اللهجة تضمّن كل الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة الخليل باعتبارها مدينة خاضعة لاحتلال عسكري واستيطاني، تبيّن أن “إسرائيل” تُقيّد حرية الحركة وحق العبادة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة H2، وهي منطقة مختلطة يعيش فيها الفلسطينيون والمستوطنون معًا.

تأسست منظمة (TIPH: temporary International Presence in Hebron)، بموجب اتفاقيات “واي بلانتيشن” عام 1998، بين ياسر عرفات ونتنياهو. إذ عملت البعثة الأولى من المنظمة عام 1994 بعد مذبحة الحرم الإبراهيمي التي نفذها باروخ جولدشتاين وقتل فيها 29 مصليًا، أما البعثة الحالية من المنظمة فيعمل فيها 64 عضوًا من خمسة دول وهي: إيطاليا والنرويج والسويد وسويسرا وتركيا. (12)

حظر دخول أنصار BDS  إلى “إسرائيل”:

في آذار/مارس 2017، أقرّ الكنيست قانونًا يمنع نشطاء BDS من الدخول إلى “إسرائيل”، تقدّم به أعضاء الكنيست بتسئيل شموتريتش من حزب البيت اليهودي، وروعي فولكمان من حزب يش عتيد، كجزء من المعركة ضد حركة المقاطعة.

ووفق القانون، لن تمنح أي تأشيرة أو تصريح إقامة لأي شخص غير إسرائيلي أو لشخص لا يمتلك إقامة دائمة، في حال كان يعمل لصالح منظمة أو هيئة قد أصدرت أو دعت في العلن إلى مقاطعة عامة لـ “إسرائيل”، إلا أن وزير الداخلية لديه صلاحية منح تأشيرة ورخصة لهذا الشخص لأسباب خاصة. (13)

المصادر :

(1) هآرتس : https://bit.ly/31okiHD
(2) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/2YV9u6p
(3) هآرتس : https://bit.ly/2Yrc8RH
(4) واللاه : https://bit.ly/2Yyu5hu
(5) هآرتس : https://bit.ly/2yH9Xu3
(6) هآرتس : https://bit.ly/2ZC34pJ
(7) يديعوت أحرنوت : https://bit.ly/2KkyKuw
(8) مكور ريشون : https://bit.ly/31pTdDJ
(9) مكور ريشون : https://bit.ly/2YJOk6N
(10) هآرتس : https://bit.ly/2KowLUE
(11) هآرتس : https://bit.ly/2mcSLa7
(12) هآرتس : https://bit.ly/2YHluUM
(13) معاريف : https://bit.ly/2YITHDj

فريق الترجمة

فريق الترجمة لموقع العسّاس

Recent Posts

طائرة القنابل: صنعت خصيصًا للفلسطينيين

طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…

3 سنوات ago

تهجير المسيحيين بعيد الفصح

يستعدّ المسيحيون  للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…

3 سنوات ago

شهاداتهم عن تهجير حيفا

قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…

3 سنوات ago

مسيرة الرقص الاستيطاني

باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…

3 سنوات ago

10 أعوام من تاريخ منع الأذان

يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…

3 سنوات ago

وحدة الوعي.. رادار لاعتقال المقدسيين

لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…

3 سنوات ago