مقدمة العساس | زراعة التمور | تمتلك جذور النخيل خصائص تمكنها من الانتشار في التربة لمسافاتٍ عميقة تصل إلى 8 أمتار، وتمتد أفقيًا لتصل أحيانًا إلى 16 مترًا، ما يجعلها راسخة في الأرض ومقاومة لمحاولات الاقتلاع، هذه حقيقة من علم النبات يحاول الاحتلال الإسرائيلي تلفيقها إلى الجغرافيا والتاريخ، عبر صنع جذور قوية له في فلسطين، من خلال تبني زراعة النخيل وإنتاج التمور وتصديرها إلى العالم.
هذا المقال يٌعرّف بكيفية دخول “إسرائيل” إلى مجال إنتاج التمور، ويشرح طرق سرقة الأصناف النادرة من الدول العربية والإسلامية خلال ثلاثينيات القرن الماضي.
ترجمة العساس | بدأت الحركة الصهيونية منذ عام 1924 بزرع النخيل في مستوطنات طبريا، ونهلال، ودجانيا، وعين حرود، من أصنافٍ مصرية جلبها رئيس بعثة الاستيطان التابعة للهستدروت الصهيونية يوسيف فيتس، دعمًا لادعاء أن فلسطين كانت تقريبًا خالية من التمور.
ويرتبط تطوّر ونمو التمور في “إسرائيل” بشكلٍ كبير بشخصية بن تسيون يسرائيلي، الذي كان مولعًا بفكرة زرع “إسرائيل” بالتمور على خلفية دينية يهودية، وهذا ما دفعه عام 1933 إلى السفر نحو العراق في مهمة سرّية
وخطيرة، لأن الدول في تلك الفترة حافظت على التمور باعتبارها منتجًا وطنيًا ومركبًا هامًا في الاقتصاد المحلي.
من أجل حملته، قرأ بن تسيون كتاب دافيدسون، وهو إنجليزي درس تمور العراق، ثم عاد رفقة شموئيل ستولر بـ 4
فسائل نخل نادرة من جنوب العراق، ثم استطاع تهريب 700 فسيلة نخل من النوع ذاته بمساعدة يهودي محلي عبر
الحدود العراقية الإيرانية، ونقلها بواسطة أربع شاحنات إلى فلسطين الانتدابية، إلا أن إحداها هذه الشاحنات احترقت
في الطريق ولم تصل.
ويوجد إنتاج هذه الفسائل في الوقت الحالي على طول غور الأردن حتى البحر الميت، وهذا رغم الاعتراض السابق
للحركة الصهيونية وأولى المستوطنات على تهريب التمر من الدول العربية مثل مصر العراق وإيران، بسبب
اعتبارات سياسية، منها عدم تعريض يهود تلك الدول إلى الخطر.
أمّا في عام 1934، سافر بن تسيون إلى كردستان، حيث استطاع بمساعدة يهودي محلي أن يحضر إلى فلسطين 50
فسيلة نخل “بري” تنتج ما يُعرف باسم “التمر الأصفر”، بينما في عام 1935 عاد إلى العراق في الخريف حتى
يُشاهد مراحل نموّ التمر، إلا أن العراقيين منعوا خروج الفسائل من أراضيهم هذه المرة.
شابه بن تسيون التقاء نهري دجلة والفرات بنهر الأردن، وخطّط لمراحل الاستيطان في بيسان (مستوطنة بيت شان
اليوم)، باعتبارها مكانًا ملائمًا لتنمية وزراعة التمور، ثم في عام 1938 ذهب إلى العريش بعد تعرّفه على يهودي من
السكان المحليين، وهرّب إلى طبريا 7000 فسيلة (حياني) باستخدام الجمال.
ومع حلول عام 1949، وصلت 800 شتلة نخل عبر جمعية الاستعمار اليهودي في فسطين، وفي ذات العام وصلت
فسائل تمر المجهول من كاليفورنيا الأمريكية إلى “إسرائيل”.
اقرأ أيضًا.. الزراعة الإسرائيلية: خطر الانهيار يقترب
إلى جانب بن تسيون برز رجلان آخران، الأول يدعى آبيداف، والثاني شاؤول آبيجور، وكان بن تسيون وآبيداف قد
عرفا أن التمور الإيرانية غير ملائمة للزراعة في فلسطين، وأن التمور العراقية فقط هي الملائمة، وعن طريق هذا
اليهودي الإيراني وآخر عراقي تم تهريب التمر إلى فلسطين.
وبعد موت بن تسيون جاء دور شاؤول آبيجور، وتواصل بأمر من بن غريون مع آبيداف الذي اشترى سفينة إيطالية
وتخفى كتاجر أرز وهرّب 75 ألف فسيلة تمر عبر قوارب صغيرة تجمعت على شط العرب من الجهة الإيرانية،
لتصل فيما بعد إلى السفينة الإيطالية مرورًا بالسويس، ثم تغيّر الاتجاه لتصل إلى “إسرائيل”.
رغم هذا المجهود، وصلت الفسائل بوضعٍ صعب وزرعت في بيت شان (بيسان) على أمل أن تمنو، ولاحقًا وصلت
من كاليفورنيا 800 فسيلة نخل من نوع “نور” ذات الأصل الجزائري، وكان الجيش الأمريكي قد سرق هذا النوع من
التمور أثناء الحرب العالمية الأولى.(1)
في العقد الأخير، تركزت الزراعة في وادي عربة على الفلفل التجاري، الذي حقق الملايين للتجار بسبب رواجه في أوروبا، إلا أنه في السنوات الأخيرة زاد التنافس في أسواق غرب أوروبا بسبب مزارعين من دول أخرى في حوض المتوسط، وغرقت القارة القديمة بالمنتجات المحلية بعد الحرب الاقتصادية الروسية ودعوات حركة المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية.
هذه العوامل أدت إلى انهيار سوق تصدير الفلفل، ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى مساعدة المزارعين في وادي عربة، وأصبحت فيما بعد ثمار تمر المجهول بمثابة “الفلفل الجديد”، وتحولت إلى قصة نجاح للمزارعين الإسرائيليين في العالم، بما في ذلك أوروبا الغربية حيث تعمل حركات المقاطعة.
تباع اليوم في العالم العديد من أنواع التمر الإسرائيلي، وعلى رأسها تمر المجهول، بسيطرة إسرائيلية على سوقه عالميًا، إذ يتم زرعه في غور الأردن ووادي عربة، وهذا جنّب “إسرائيل” حمالات المقاطعة، باعتبار وادي عربة يخضع إداريًا للأردن.
ومن مجمل الاستهلاك العالمي لصنف تمر المجهول البالغ حوالي 40 ألف طن سنويًا، تنتج “إسرائيل” 30 ألف طن بحسب هيئة مزارعي النخيل في “إسرائيل”، أي أنها تمتلك 75% من سوق إنتاج هذا الصنف حول العالم.
ويبلغ حجم سوق التمور العالمي حوالي 8 مليون طن، نتنج “إسرائيل” منه حوالي 40 ألف طن، بتركيز تبلغ نسبته 80% على صنف المجهول الذي يعود موطنه الأصلي إلى المغرب العربي مرورًا بأمريكا ووصولًا إلى “إسرائيل”.
في هذ الصعيد تشكل الهند بديلًا مناسبًا، ويقول أحد المزارعين إن: “السوق الأوروبي كان يريدنا قبل عامين، اليوم يبتعدون عن الفاكهة الإسرائيلية”، بينما يضيف آخر: “إنها المقاطعة الصامتة، ليس هناك طلب من الشبكات الغذائية، هم يفضلون تجنب استفزاز حركة المقاطعة”.
ويقول دوتان: “السوق الأوروبي لم يغلق وهو يحافظ على ثباته، ولكننا نريد الهرب من هناك بسبب المقاطعة والاكتظاظ”، مضيفًا: إذا لم نخفض الأسعار، يجب علينا فتح أسواق جديدة في الهند وأستراليا وشرق الولايات المتحدة وتركيا، كما أن المسلمين يعتبرون المستهلك الرئيسي للتمر في العالم، ومن المثير رؤية كيف ستؤثر هجرة مليون مسلم وصلوا إلى أوروبا على سوق التمر هناك”.(2)
المصادر:
1. جيلي حاسكين: https://bit.ly/309RPWc
2. ذي ماركر: https://bit.ly/2JaysHp
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…