مقدمة العساس | مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية في أبريل نيسان 2019، تبرز أسماء قليلة تتنافس على منصب رئيس حكومة الاحتلال، وربما دون اهتمام الناخب الإسرائيلي للتيارات أو الأحزاب التي تمثلها هذه الشخصيات، في ظاهرة جديدة تأتي تحت اسم “تراجع الأحزاب”.
هذا المقال المترجم عن المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يناقش فكرة تراجع الأحزاب مقابل الأفراد المرشحين في الانتخابات الإسرائيلية 2019.
ترجمة العساس | تتحكم القواعد المؤسسية للعبة الانتخابية بسلوك الناخبين والأحزاب بشكل عام، كما أن لها التأثير الكبير على الانقسام الشديد وضعف الأحزاب الكبيرة في “إسرائيل”، إضافة إلى أن النظام الانتخابي وعملية تشكيل الحكومة لا تكافئ العضوية للأحزاب أو القوائم الكبيرة.
ولا تعطي عملية تشكيل الحكومة أي ميزة للأحزاب الكبيرة، ومن أجل تشكيل حكومة يجب على الحزب تشكيل ائتلاف يحظى بثقة الكنيست، وهذا يعني أن حجم الحزب ليس هو العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان سيصبح الحزب الحاكم، بل إن الحسم يكون بقدرته على تشكيل ائتلاف واسع النطاق.
في معظم الحالات، تقع مهمة تشكيل الحكومة على رأس أكبر حزب، وكذلك هو من ينجح في تشكيل حكومة، لكن هذا ليس ما يحصل بالضرورة، إذ أنه بعد انتخابات 2009، كلف رئيس “إسرائيل”، بنيامين نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة، رغم أن حزب كاديما هو من حصل على أكبر تمثيل في الكنيست.
على الرغم من أن نسبة الحسم ليست منخفضة كما كانت في الماضي (منذ انتخابات 2015، تشكّل 3.25٪)، فهي ليست عالية بشكل خاص، وتشجع انضمام الأحزاب الصغيرة، التي قد لا تتجاوز نسبة الحسم، والأهم من ذلك، أن “إسرائيل” لديها دائرة انتخابية واحدة فقط مكوّنة من 120 عضوًا منتخبًا، أمّا في معظم الدول يتم قبول الدوائر الانتخابية متعددة الممثلين، أي المناطق التي يتم فيها انتخاب العديد من النواب للبرلمان.
ويخلق هذا الأسلوب “نسبة حسم فعالة” أعلى، ويوفر حوافز للأحزاب الصغيرة والمتوسطة الحجم للانضمام إلى الأحزاب الأخرى لإنشاء حزبٍ واحد كبير، أو كتل حزبية كبيرة، وهو حافز لا وجود له في “إسرائيل”.
في الواقع، يؤدي اندماج طرفين أو أكثر في قائمة مشتركة إلى نتائج جيدة أحيانًا، وسيئة في أحيانٍ أخرى، ووفقًا للظروف السياسية على سبيل المثال انضم الليكود و”إسرائيل بيتينو” إلى قائمة مشتركة في انتخابات عام 2013، وحصلت على 31 مقعدا، مقارنة بـ 42 مقعدًا لقائمتين منفصلتين في انتخابات 2009، وهذا ما شكل خيبة أمل، في حين أثبت انضمام حزب العمل إلى حزب الحركة العكس، حيث حصلت قائمة المعسكر الصهيوني على 24 مقعدًا، مقابل 21 مقعدًا لكلا الطرفين بشكل منفصل في 2013.
ويوجد تفسير مركزي آخر يتعلّق بتبني طريقة الانتخابات المباشرة لرئيس الحكومة التي اعتمدت أول مرة عام 1996، ثم في عام 1999 وصولًا إلى عام 2001، إذ شجعت هذه الطريقة الناخبين على فصّل أصواتهم: فيتم التصويت في بطاقة لصالح رئيس الحكومة المفضّل لهم، وفي بطاقة أخرى لحزب يمثّل بالنسبة لهم موقفًا أيدولوجيًا أو هوية ما.
وأضعفت هذه الطريقة الأحزاب الكبيرة لأنها عزّزت الطابع الشخصي للسياسة، فالأحزاب ووسائل الإعلام والجمهور أهملت بدرجة ما الأحزاب، لاسيما الكبيرة منها، وركزت أكثر على المرشحين لمنصب رئيس الوزراء.
جنبًا إلى جنب مع الانتخابات المباشرة، ساهمت العمليات الديموغرافية والاجتماعية أيضًا في تجزئة وإضعاف الأحزاب الكبيرة، إذ اعتاد الناخبون الإسرائيليون على نظام الانتخابات المباشرة لرئيس الحكومة، ولم يصوتوا بأعدادٍ أكبر للأحزاب الكبيرة، فقد صوتوا لوفقا لقطاعات معينة، فصوّت المهاجرون لحزب “يسرائيل بيتنو”، والحرديم الذي ارتفع عددهم صوّتوا للأحزاب التي تمثلهم.
كما أن ضعف الأحزاب الرئيسية نشأ أيضًا بسبب مشاكل داخلية، ولقد عانى حزبي العمل والليكود من التشرذم والفساد والصراعات الداخلية منذ التسعينيات، إلا أن حزب العمل عانى بشكلٍ خاص من فشل عملية أوسلو، والتي أفقدته العديد من الناخبين، في ظل غياب قيادة مستقرة ومسيطرة، بينما تأثر الليكود بشدة بعد انقسام بعض أعضائه إلى كاديما، رغم أنه انتعش بشكل أفضل من حزب العمل.
العمليات التي جرت في “إسرائيل” هي جزء من الاتجاه العالمي، الذي يفاقم الانقسام في الحزب، وعمل على إضعاف الأحزاب الكبرى في العقود الأخيرة.
وتأتي هذه العمليات كجزء من ظاهرة تعرف باسم “تراجع الأحزاب”، وهي ظاهرة متنوعة من الجوانب الأخرى المتعلقة بتراجع عضوية الحزب، وانخفاض التماهي مع الأحزاب السياسية والثقة بها، وزيادة الأصوات المتنقلة بين الأحزاب، وتعزيز الشخصنة السياسية (التركيز على القادة الأفراد على حساب الأحزاب)، وتطور في الحركات المناهضة للمؤسسة، والشعبوية، إضافة إلى تراجع إقبال الناخبين بشكلٍ عام.
وينبع كل هذا من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية التي حدثت في الديمقراطيات، سيما في الدول الغربية في العقود الأخيرة، وأدت إلى إضعاف العلاقة بين الأحزاب والمجتمع.
المصدر: المعهد الإسرائيلي للديموقراطية
عنوان المادة الأصلي:عقب اتحاد غانتس- لابيد: “إسرائيل” تعود لنظام الحزبين
تاريخ نشر المادة: 21.02.2019
رابط المادة: https://bit.ly/2TrSvWl
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…