مقدمة العساس | تسبب الخلاف الأخير بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير أمنه السابق أفيغادور ليبرمان، بأزمةٍ سياسيةٍ كبيرة وصلت حتى اللجوء إلى الانتخابات المبكرة. ومع تحديد موعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في أبريل نيسان 2019، ازدحمت الساحة السياسية بأحزاب جديدة بقيادة شخصيات خدمت طويلًا في الجيش، ما يعزز النظرية حول التأثير العسكري الكبير على صنع القرار في “إسرائيل”.
هذا المقال يُسلّط الضوء على القيادات الإسرائيلية خدمت في منصب رئاسة أركان الجيش، ثم خاضت تجربة العمل السياسي.
ترجمة العسّاس | خطف رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ السابق، بيني غانتس، الأضواء السياسيّة بعدما أعلن تأسيسه لحزب جديد، وبهذا ينضمّ إلى سلسلة من رؤساء الأركان الّذين خلّعوا زيّهم العسكريّ، وانضموا إلى مهنٍ سياسيّة.
نعرض هنا لمحةً شاملة عن مسيرة عمل رؤساء الأركان منذ تنحّيهم عن عملهم في الجيش، وحتّى دخولهم في عالم السياسة.
ياعكوف دوري – رئيس معهد التخنيون
كان ياعكوف -دوستروفسكي- دوري رئيس هيئة الأركان العامّة للهاجانا في السنوات 1939 – 1946، وعند تأسيس “إسرائيل” أصبح أوّل رئيس أركان للجيش الإسرائيلي، وخلال حرب الـ 1948 عانى وعكة صحيّة دفعته إلى تقسيم مهامه مع يجئيل يادين، الّذي كان آنذاك رئيسًا لقسم العمليّات الحربيّة.
لم يحصل ياعكوف دوري على مناصب في الكنيست أو الحكومة، إلّا إنّه خدم في سلسلة من المناصب العامّة؛ أولها رئاسة القسم العلميّ في مكتب رئيس الوزراء عام 1950، ثم عمل كرئيس لمعهد التخنيون في حيفا، وكان عضوًا في لجنة أولشان – دوري الّي حقّقت في “قضيّة العار”، وأخيرًا شارك في لجنة الطاقة الذريّة. (قضية العار: العمليّة الّتي أدارت شركة تجسّس إسرائيلية في مصر في سنوات الخمسينات)
رغم ذلك، دخل دوري إلى السياسة حين حاول الترشّح عن حزب رافي لرئاسة بلديّة حيفا عام 1965، ولكنّه خسر أمام رئيس البلديّة “الأسطوريّ” أبا حوشي، واكتفى حينئذٍ بمنصب نائب رئيس البلديّة.
يجئيل يادين – نائب رئيس الوزراء
خدم يجئيل يادين كرئيس لأركان الجيش الإسرائيليّ في نوفمبر عام 1949، حين كان يبلغ من العمر 32 عامًا فقط، وتميّزت فترة عمله بالصراعات الكبيرة حول السلطة مع رئيس الوزراء ووزير الأمن آنذاك – ديفيد بن غوريون.
في عام 1952 وبعد ثلاث سنوات من توليه المنصب، اختلف الاثنان حول اقتراح خفض الميزانيّة المخصّصة للأمن، وقرّر بن غوريون حينها خفض الميزانيّة، الأمر الذي دفع رئيس الأركان يادين إلى تقديم استقالته.
بعد هذه الأحداث، كرّس يادين نفسه للبحث الأثريّ في “إسرائيل”؛ اشتملت أبحاثه منذ الخمسينات على دراسة مخطوطات “صحراء يهودا” الّتي كان والده أيضًا قد بحثها مسبقًا، وقام بشراء أربع مخطوطات منها لصالح “إسرائيل”، أمّا في عام 1955 أنهى لقب الدكتوراه في الجامعة العبريّة، ثمّ أصبح بروفسور بشكل رسمي ضمن هيئة التدريس عام 1963.
قرار يادين حول الدخول إلى عالم السياسة جاء في عام 1976، حيث أسّس الحركة الديمقراطية، التي اندمجت لاحقًا مع حركة “شينوي” (تغيير) وأصبحت تُدعى “الحركة الديمقراطيّة للتغيير”، وأصبح هو الأمين العام لها وترأسها في انتخابات الكنيست.
وفي سنة 1977، غيّرت الحركة واقعها السياسيّ بشكل مفاجئ حين حصلت على 15 مقعدًا في الكنيست، وصار يادين نائب رئيس الوزراء، ليستبدل مناحيم بيغن في حكومة “الثورة”، ورغم هذا الإنجاز، تفكّكت الحركة الديمقراطيّة للتغيير خلال سنوات معدودة وترك يادين السياسة بلا أثرٍ وراءه.
موردخاي ماكليف – مدير شركة الكهرباء
وبعد فترة يادين، جاء موردخاي مكليف، الّذي أعلن أنّه سيشغل منصب رئيس هيئة الأركان لسنة واحدة فقط، خلالها أمر بإنشاء وحدة النخبة 101، وعمل على تحسين مستوى وحدات المشاة.
لاحقًا، بعد تنحّيه عن المنصب، خدم في العديد من المناصب العامّة، مثل إدارة شركة الكهرباء الإسرائيليّة، والإدارة التنفيذيّة لمصانع البحر الميّت، وإدارة مجلس تسويق الحمضيّات، والإدارة العامّة لشركة الكيماويات الإسرائيليّة.
موشي ديّان – وزير الأمن ووزير الخارجيّة
ترشح موشيه ديّان للمرّة الأولى لقائمة “ماباي” في الكنيست حين كان جنديًّا، وفضّل مواصلة مسيرته العسكريّة ليصبح لاحقًا رئيسًا للأركان عام 1953، خلال فترته، خفّض ديّان تحديد العمر الأقصى للقيادات العليا، ودعم تطوير وتوسيع القوّات المدرّعة والمظليّين ووحدات الطيران، بالإضافة إلى ذلك، قاد الجيش الإسرائيليّ في حملة الحرب على سيناء (العدوان الثلاثيّ)، عام 1956.
بعد ذلك، انتُخب ديّان للكنيست في دورته الرابعة عام 1959، وبقي عضوًا فيه حتّى وفاته عام 1981؛ وفي إطار مسؤوليته كوزير للزراعة، عمل على زيادة أرباح المزارعين، وتوسيع صناعات التصدير، وزيادة الإنتاج في المستوطنات الناشئة.
ومع استقالة بن غوريون من منصب رئاسة الوزراء، استقال ديّان من منصبه عام 1965، وانضم إلى رفيقه ضمن حزب “رافي”، وانتُخب عنه للكنيست في جولته السادسة، وبعد عامين وقٌبيل حرب الأيام الستّة عام 1967، وبسبب ضغط اجتماعيّ وسياسيّ، عُيّن ديّان كوزير للأمن ممّا أكسبه صيتًا عالميًّ، ثمّ في عام 1986 تعاون مع شمعون بيرز في مساعي إعادة معظم أفراد حزب رافي إلى صفوف حزب العمل.
عاد ديّان إلى الكنيست في جولته التاسعة عن حزب العمل، لكنّه غادر بعد مدّة لينضمّ إلى حكومة الليكود برئاسة مناحيم بيغن، ويصبح وزيرًا للخارجيّة، وفي إطار عمله في هذا المنصب، ساهم بإجراء مفاوضات مصريّة – إسرائيليّة، نتج عنها اتفاقية كامب ديفيد.
استقال ديّان من منصبه عام 1980، بسبب اختلافه مع بيغن حول مفاوضات إعطاء الفلسطينيين حكمهم الذاتيّ، وفي النهاية انتُخب في الكنيست في جولته العاشرة عن حركة أسسها اسمها “تلام”، (حركة التجديد الوطنيّ) والتي فازت بمقعدين فقط، وبقيت في المعارضة حتّى وفاته.
حاييم لاسكوف – مدير هيئة الموانئ
أصبح حاييم لاسكوف رئيسًا لأركان الجيش عام 1985، وتميزت فترة رئاسته بالهدوء النسبي على المستوى الأمنيّ، باستثناء حوادث إطلاق النار مع سوريا، خلال سنوات رئاسته، استثمر جلّ جهوده في تعزيز قوة الجيش الإسرائيليّ بالتشديد على القوّات المدرّعة.
عندما ترك لاسكوف منصبه عام 1961، أصبح مديرًا لهيئة الموانئ وأنشأ حينها ميناء أسدود، وكان أيضًا عضوًا في لجنة أجرنات (الّتي درست الفشل في حرب 1973)، أمّا في عام 1972، شغل منصب أمين المظالم للجنود حتّى وفاته.
تسفي تسور – عضو كنيست لمدّة أسبوعين ونصف
عُيّن تسفي تسور كرئيس لأركان الجيش عام 1961، وكانت فترة رئاسته هادئة نسبيًا أيضًا، ولذلك استثمر معظم جهوده في تزويد الجهة العسكريّة بأسلحة متطوّرة وحديثة، حيث أُنشئ أول سرب مروحي، وتمّ استيراد أول مروحة ميراج (مروحة فرنسيّة فوق صوتيّة)، وأيضًا عُرِضَ أول حاسوب تابع للجيش الإسرائيليّ.
في عام 1965، انتُخب تسور للكنيست عن حزب رافي واستقال بعد أسبوعين ونصف فقط، ومن ثمّ في عام 1967 عيّنه موشيه ديّان كمساعد لوزير الأمن برتبة نائب الوزير، وركّز جهوده على تعزيز وتزويد الجيش الإسرائيلي بالأدوات، كما شارك في حرب “يوم الغفران” ضمن جهود تجنيد الجسر الجوّيّ من الولايات المتّحدة، والّتي زوّدت “إسرائيل ” بالأسلحة والأدوات الّتي يحتاجها، واستمرّ في هذا المنصب حتّى عام 1974.
لاحقًا، انتقل تسور إلى القطاع الخاصّ، وعمل في شركة كلال للتأمين، كما عُيّن في عدّة مناصب ضمن قطاع الأعمال، والقطاع العام، بما في ذلك مناصب رئاسة شركة مكوروت للمياه، ورئاسة شركة بيزك للاتصالات، ورئاسة شركة الصناعات الجويّة الإسرائيليّة، ورئاسة شركة زيم للشحن، إضافة لرئاسة ثانويّة لمجلس محافظي المسرح الوطني الإسرائيلي، ومدير عام للعديد من الشركات.
إسحاق رابين – رئيس الوزراء
صار رابين رئيسًا لأركان الجيش عام 1964، في فترة حافلة تضمنت العلميات المسلحة من قيادة حركة فتح، والمحاولات السوريّة لتحويل مصادر نهر الأردن (الحرب على الموارد المائيّة)، وحرب الأيّام الستّة، واُعتبر رابين من أنجح رؤساء أركان الجيش الإسرائيليّ، حيث نجح في فترة رئاسته بإنجاز ثورة تنظيميّة وفكريّة في الجيش الإسرائيليّ تأهُبًا لاحتمال المواجهات العسكريّة مع الدول العربيّة.
بعد العمل العسكري، تم تعييين رابين سفيرًا لـ “إسرائيل” في الولايات المتّحدة عام 1968 حتى 1973، وفي نفس العام 1973 انتُخب رابين كعضو في الكنيست في جولته الثامنة عن حزب العمل، وشغل منصب وزير العمل في حكومة جولدا مئير، الّتي استقالت من منصبها كرئيسة الوزراء في نيسان 1974 عقب تداعيات “حرب يوم الغفران”؛ وبهذا أصبح رابين رئيسًا للحزب.
فازت حكومة رابين بالكنيست عام 1974، ليصبح رئيسًا للوزراء، وأول من يحصل على المنصب من مواليد “إسرائيل”، عقب ذلك أمر رابين بعمليّة إنتبي للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في أوغندا عام 1976، وقام لاحقًا في نهاية العام بحلّ الائتلاف مع الحزب القوميّ الدينيّ (هامفدال) بعد امتناعهم عن التصويت على قرار لحجب الثقة، والذي طرحه حزب “أغودات يسرائيل”، بسبب “تدنيس السبت”(المحرّر: من المحظور وفقا للديانة اليهودية العمل يوم السبت) ضمن الحفل الّذي أُقيم في قاعدة سلاح الجوّ، بمناسبة وصول طائرات F15.
عقب أزمة الائتلاف، استقال رابين ليدفع الحكومة إلى إجراء انتخابات مبكّرة، وإقامة حكومة انتقاليّة بقيادته، وخلال هذه الفترة، نُشرت قضيّة حسابات ليئا رابين زوجة إسحاق رابين في الولايات المتّحدة، إذ استقال رابين على إثرها من منصبه كرئيس لحزب العمل.
لاحقًا، في الفترة ما بين 1977 وحتّى 1984، كان رابين عضوًا في الكنيست، وعضوًا في لجنة الشؤون الخارجيّة و”الدفاعيّة”، ثمّ في عام 1984 شُكّلت أول حكومة ائتلافيّة وشغل رابين فيها منصب وزير الأمن لمدّة أربع سنوات، واستمرّ في الحكومة الائتلافيّة الثانية بذات المنصب حتى آذار 1990.
في عام 1992 انتُخب رابين مجدّدًا ليشغل منصب رئيس الوزراء لمدّة 3 سنوات، حتّى اغتياله في الرابع من تشرين الثاني عام 1995.
المصدر:يديعوت أحرنوت
تاريخ النشر:28.12.2018
رابط المادة:https://bit.ly/2ToJQk2
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…