مقدمة العسّاس | تعمل الحكومة الإسرائيلية باستمرار، وبدعم من الكنيست، على التضييق على المنظمات غير الحكومية العاملة في البلاد بوسائل شتى، كان آخرها قانون التمويل الذي أقره الكنيست في تموز/يوليو 2016، الذي يلزم المنظمات التي تتلقى أكثر من نصف تمويلها من جهات أجنبية بالكشف عن تفاصيل التبرعات التي تتلقاها. المبرر المزعوم لهذا النوع من الإجراءات هو الحد من التدخل الأجنبي والتأثير المحتمل على السياسة الداخلية في “إسرائيل”. في الوقت عينه، تكرس الحكومة، عبر وزارة غير ذائعة الصيت، الأموال والأفراد والخبرات لتنظيم حملات دعائية (هسبراه) حول العالم وتشغيل شبكة من الفاعلين والمنظمات لخدمة مصالحها حتى وإن كان ذلك عبر التدخل في سياسات دولٍ أخرى.
ترجمة العسّاس | يترأس جلعاد أردان، بالإضافة لشغله منصب وزير الأمن في الحكومة الإسرائيلية، وزارة صغيرة وغير معروفة للكثيرين تُعرف بـ “وزارة الشؤون الاستراتيجية والاعلام”. وعلى هذا الأساس غادر في حزيران/يونيو هذا العام للمشاركة باحتفال يؤسس لإطلاق مرحلة جديدة من الدعاية الإسرائيلية. “حان الوقت لقول الحقيقة عن “إسرائيل” هذا ما صرح به أردان في الحفل، مضيفًا أن الحديث يدور عن “تعاون دولي يهدف إلى توحيد جهود عشرات أو حتى مئات الآلاف من مؤيدي “إسرائيل” عبر منصة واحدة وتزويدهم بالبنية التحتية والأدوات اللازمة للمساعدة على “مكافحة الكراهية”.
إحدى الأدوات المهمة لعمل هذه الوزارة هو نوعٌ جديد من الدعاية، ليست دعاية حكومية من النوع الكلاسيكي المباشر، بل وسيلة جديدة وغير مباشرة لإقحام رسائل ومضامين ترغب الحكومة في إيصالها للجمهور عبر الخطاب العام بأسلوب مبطن.
لم تكن القناة التلفزيونية الحكومية الوحيدة التي تلقت أموالًا نظير نشر أخبار تختارها وزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام، فبالإضافة لشراء الإعلانات التقليدية، دفعت الوزارة في الأشهر الأخيرة مبلغًا يعادل 1.5 مليار شاقل لشراء تغطيات صحفية في وسائل الإعلام المختلفة. وإلى جانب العديد من المواد المموّلة التي تم بثها في عدة برامج، قام الوزير بشراء عناصر في موقع ماكو (mako- موقع إسرائيلي شهير) وسلسلة مقالات تم نشرها في صحيفة يديعوت أحرونوت ومنصتها الإخبارية (واي نت) فضلًا عن ملحقٍ خاص في صحيفة “مكور ريشون” من مجموعة “إسرائيل اليوم” (صحفية يمينية).
ومن أجل الوصول لمتحدثي الإنجليزية في الخارج، تم شراء مقالات في صحيفة جيروزاليم بوست (Jerusalem post) وموقع “تايمز أوف إسرائيل” (times of Israel)، هذه المقالات ذكرت بخط صغير جداً أن محتواها هو نتاج “التعاون” مع وزارة الشؤون الاستراتيجية. إن أهداف أردان ووزارته محددة مسبقًا من قبل الحكومة منذ عامين: “محاربة ما تسميه جماعة “الهسبراه” الإسرائيلية “نزع شرعية دولة “إسرائيل”” بما في ذلك مظاهر معاداة السامية وحركة المقاطعة العالمية BDS.
إن نجاح الوزارة يُقاس في مدى قدرتها على مجابهة السردية العالمية المتعلقة بنشر “واقع مشوّه” عن دولة “إسرائيل” تقوم به المنظمات التي تدعو لمقاطعتها. وفي السنوات الأخيرة، استثمرت “إسرائيل” عشرات بل مئات الملايين لإنشاء شبكة واسعة من المنظمات والأفراد لتمثيل “إسرائيل” والعمل كذراعٍ لها في الساحة العالمية وفي الفضاء الإلكتروني. وتتشكل هذه المنظمات في الأساس من مواطنين عاديين، ما يتيح تمويه حقيقة وقوف جهة محددة – وزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام – وراء الدعاية التي يقومون بنشرها، وبالتالي يسهل نشر المحتوى الذي ينتجونه على الصعيدين المحلي والعالمي. وبالإضافة لهؤلاء الأفراد، تتلقى الوزارة المساعدة من وزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد وأذرعها في الخارج.
وهنا يتضح أنه في أثناء قيام نتنياهو بالتحذير من تدخل الحكومات الأجنبية ومحاولاتها التأثير في السياسة الداخلية لـ”دولة ذات سيادة”، فإن الحكومة الإسرائيلية بدورها تمارس هذه الأفعال في دولٍ أخرى وتستثمر الملايين لإنشاء شبكة من المنظمات لتكون “ذراعها الطويلة” في أنحاء العالم.
“نحن في مواجهة مع شبكة خصوم متطورة وذكية تعرف كيف تنتقي جمهورها” أفادت المديرة العامة لوزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام، “لهذا يجب أن ننشيء شبكة مضادة تكون قادرة على مواجهتها”. ستكون وظيفة هذه الشبكة نقل “إسرائيل” من موقع الدفاع إلى الهجوم بمساعدة أفراد ونشطاء حملة “الهسبراه” الحكوميين وجمهورها الواسع.
أما عن المنظمات التي تشارك في هذه الشبكة، فأضافت المديرة العامة للوزارة: “بإمكانك أن تكون أكبر الناقدين للحكومة أو أكبر المحبين لها، هذا لا يشكل فارقاً”. ومع أن احتمالية مشاركة المنظمات المعارضة للحكومة في هكذا مشروع تبقى ضعيفة، إلا أن بعضها قد انضم بالفعل للشبكة ولكنها تحرص على عدم الكشف عن نفسها لأن ذلك سيضر بسمعتها.
ما يميز عمل الوزارة هو اعتمادها سياسة عدم تبني أي شعار “NO LOGO” في الأعمال التي تقوم بها، ويبقى التمويه والعمل في الخفاء ما يميز أسلوب عملها. وهنا تجدر الإشارة إلى مصادقة الحكومة الإسرائيلية في حزيران الفائت على القراءة الأولى لمقترح قانون يقضي باستثناء أغلبية أعمال وزارة الشؤون الاستراتيجية من قانون “حرية المعلومات”.
منظمات مجنّدة للدعاية الإسرائيلية
على المستوى العالمي، ينشط ما يعرف بـ”التحالف العالمي من أجل إسرائيل” (GC4I) الذي أقامته الحكومة بمساعدة العديد من المنظمات اليهودية حول العالم. ومع رفض الوزارة التصريح بقائمة المنظمات الأعضاء في هذا التحالف، يتبيّن من خلال منشورات سابقة أنّ أحد أكبر المنظمات المشاركة هو المؤتمر اليهودي العالمي (WJC) الذي يرأسه المليونير رون لاودر. وقد استثمرت الوزارة في العام الفائت مبلغ 20 مليون شاقل لدعم المؤتمر، الذي قاد بدوره حملة للتبرع لصحيفة “يديعوت أحرونوت” حين عقدت مؤتمرًا لمحاربة مقاطعة “إسرائيل”، وشارك هذا المؤتمر في السابق مع وزارة الخارجية في تطوير تطبيق يحفز متصفحي الشبكة العنكبوتية على دعم “إسرائيل” تحت مسمى Act for Israel.
إضافة لذلك تم تجنيد منظمة “المركز المتعدد المجالات للمبادرة والقيادة” المعروف اختصاراً باسم (ICYL) ويديره يتسحاق ألدان، مسؤول سابق بوزارة الخارجية. وهنا يذكر أن وزارة الشؤون الاستراتيجية خصصت 2 مليون شاقل لتدريب طلاب المدارس الثانوية الإسرائيلية على بث الدعاية الإسرائيلية ولمحاربة نزع الشرعية عن “إسرائيل”، في شبكات التواصل الاجتماعي وخلال المؤتمرات، بما في ذلك عن طريق إنتاج فيديوات دعائية لتحسين صورة “إسرائيل”، إضافة لإنشاء شبكة اجتماعية تضم “السفراء بالشبكة”.
تشّغل وزارة الشؤون الاستراتيجية أيضاً شركات علاقات عامة واستشارات خارجية. إحداها شركة “كرمر-دافيدوفيتش (GCS) للاستشارة الإعلامية والاستراتيجية، بإدارة إيلي دافيدوفيتش ويفتاح كرمر، وقد منحت هذه الشركة 390 ألف شاقل في حزيران 2017 من أجل مشروع “بناء وتنفيذ خطة استراتيجية إعلامية لمشاريع الوزارة”. ويضاف لذلك شركة أخرى وهي ” ” التي تعمل على ترتيب زيارات لشخصيات مؤثرة وإعلاميين إلى “إسرائيل”، وكل ذلك بتمويل حكومي يبلغ مئات آلاف الشواقل.
منظمات أخرى تعمل على خدمة الدعاية الإسرائيلية: زمالة الطلاب اليهود (AEPi) الممولة بالأساس من الملياردير شلدون إديلسون، والاتحاد العالمي للطلاب اليهود (WUJS) ومنظمة “هيلل” الطلابية أيضاً وحركة “حاباد” الحسيدية اليهودية المعروفة، ومنظمات الدعاية (الهسبراه) الإسرائيلية “Students Support Israel” و “Israel on Campus Coallition”.
دور نقابة المحامين
جنّدت وزارة الشؤون الاستراتيجية نقابة المحامين الإسرائيلية أيضاً. ففي سبتمبر 2017 خصصت الوزارة 450 ألف شاقل لعقد ندوة تضم رجال قانون وممثلين عن منظمات إسرائيلية وأجنبية بداية 2018. هدف الندوة هو تأسيس “شبكة خبراء قانون” تساعد في محاربة حركات نزع الشرعية عن “إسرائيل” عبر رصد ومشاركة المعلومات حول الحراك القانوني الدولي بهذا الموضوع. نقابة المحامين عرّفت على أنها “عنصر استراتيجي ومهم في مكافحة حركة المقاطعة العالمية”، إضافة لمنظمة “المنتدى القانوني الدولي”، وهي منظمة إسرائيلية تحارب المقاطعة في 20 دولة بالعالم وتتواصل مع شبكة مكونة من أكثر من 1000 محامي حول العالم.
المصدر: https://www.the7eye.org.il/272146
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…