مقدمة العساس | التصدعات في المجتمع الإسرائيلي | سيطر اليهود القادمون من أوروبا الشرقية “الأشكناز” على الحكم في “إسرائيل” منذ أحداث النكبة عام 1948، متمثلين بحزب العمل ضمن توجه اشتراكي، ثم بدأت التحولات على الساحة السياسية منذ النكسة عام 1967، وتسارعت مع حرب أكتوبر عام 1973، حتى وصلنا إلى نقطة التحول الكبرى عام 1977، عندما فاز حزب الليكود اليميني بالانتخابات البرلمانية.

هذا المقال المترجم عن المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يناقش أنواع التصدع المختلفة في المجتمع الإسرائيلي، ويقيس تأثيرها على المجريات التاريخية خلال العقود الأخيرة.


ترجمة العساس | يُصنّف خطاب بن غوريون وريفلين الواضح، المجتمع الإسرائيلي منذ بدايته، كمتعدد المجموعات التي يوجد بينها توترات واختلافات، وهذا يجعل المجتمع الإسرائيلي مجتمع عميق التصدّع.

التصدعات في المجتمع الإسرائيلي

وينقسم التصدّع لأربع أقسام، وهي القسم القومي الذي يضم العرب واليهود، والقسم الديني وفيه العلمانيين والمتدينين، والقسم الطائفي الذي يتضمن سفراديم ومزرحييم، وأخيرًا قسم إيديولوجي يتكون من توجه يميني ويساري.

(سفراديم: يهود غربيين ومن المغرب العربي، مزرحييم: يهود شرقيين).

في فترات الهجرة، كان التصدع يتعلق بالمهاجرين مقابل المستوطنين، بينما في السنوات الأخيرة، وعلى ضوء عدم المساواة، انقسم المجتمع الإسرائيلي طبقيًا إلى أغنياء مقابل الفقراء، وتتمثل الطبقات الفقيرة بالحريديم واليهود الشرقيين والعرب.

التصدع القومي

يتكون المجتمع الإسرائيلي من اليهود بنسبة 79%، وما نسبته %20 من العرب، ولا يقتصر التصدّع بينهم على القومية والدين والثقافة، بل يمتد إلى الجغرافيا، والفصل في الأنظمة التعليمية، ومسارات حياة لا يوجد فيها الحيّز المشترك.

هذا التصدّع قائم على عدم المساواة العميقة بين اليهود والعرب في العديد من المؤشرات ومنها: تخصيص الموارد، ومستوى المعيشة، ومستوى التعليم، ومعدلات البطالة والفقر، والبنية التحتية، والعمل والدخل، وحتى المؤشرات الصحية مثل متوسط العمر المتوقع ووفيات الرضع.

التصدّع الديني

وُجدَ التصدّع الديني عمليًا قبل قيام “إسرائيل”، وهو التوتر حول مكانة الدين، إذ انعكس من خلال رسالة بن غوريون ورؤساء الوكالة اليهودية على رؤساء أحزاب “أجودات يسرائيل” عام 1947، وعلى حروب السبت والطعام الحلال (الكاشير) وتربية الخنازير، وهذه كلها مسائل رافقت قيام “إسرائيل”.

فعليًا هذا ليس تصدّع ثنائي، بل هو بين مجموعات دينية متفاوتة التديّن، إذ لم يطرأ تغييرات على حجم هذه المجموعات الدينية، باستثناء زيادة في معدل أولئك الذين يعرفون أنفسهم بالحريديم، وتراجع نسبة اليهود التقليديين.

على المستوى السياسي، هذا التصدّع هو الأكثر اتساعًا، لأن الأحزاب الدينية والحريدية كانت منذ الكنيست الأول في الائتلاف الحكومي تقريبًا، ومنذ تأسيس قضايا الدين والدولة التي شكلت أزمات في الائتلاف الحكومي.أمّا في عام 1951، كان هناك أزمة تحيط بمسألة التعليم في مخيمات المهاجرين اليهود، وفي عام 1952 برزت قضية تجنيد الفتيات المتدينات في الجيش الإسرائيلي، ومازالت مسائل الدين والدول قضايا جدلية حتى يومنا هذا.

التصدّع الطائفي

التصدّع العرقي بين الجاليات هو خلل في فكرة “بوتقة الانصهار” التي سادت في العقدين الأوليين بعد قيام “إسرائيل”، وكانت حينها وسيلة بناء الشعب، وتهدف الفكرة إلى دمج العديد من مجموعات المهاجرين اليهود من كل أنحاء العالم الليبرالي والاشتراكي واليميني والذين يتحدثون الكثير من اللغات، في دولة واحدة.

هؤلاء المهاجرون لم يندمجوا في قلب المجتمع “الإسرائيلي”، والكثير منهم استوطنوا مستوطنات بعيدة عن المركز، وهذه المسافة الجغرافية والثقافية خلقت بعدًا وانفصالًا عن مركز الوعي الاجتماعي، وتسبب ذلك في تركيز المهاجرين على الهوامش الجغرافية والاجتماعية والثقافية لـ “إسرائيل”، فضلاً عن السياسات الأبوية تجاههم وزيادة اعتمادهم على مؤسسات الحزب السياسي في ذلك الوقت (ماباي والهستدروت).

وبسبب ذلك، تشكل التصدّع الطائفي، وبالتالي نشأت مجموعتين ثنائيتين هما: المجموعة الآسيوية – الأفريقية (مزرحييم)، وتلك ذات الأصول الأوروبية -الأمريكية (أشكناز/سفراديم)، أو المهاجرين من الدول الإسلامية مقابل تلك ذات الأصل الغربي.

التصدّع الأيديولوجي

شكلت حرب الأيام الستة (النكسة) نقطة تحوّل في التصدّع الأيديولوجي المركزي في “إسرائيل”، وفي أول عقدين من تأسيس الدولة، كان التصدّع بين اليمين واليسار قائمًا على الأيديولوجيا الاقتصادية بين المعسكرين في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ضمن اقتصاد اشتراكي مقابل اقتصاد ليبرالي.

بعد النكسة انقسمت “إسرائيل” لمعسكرين، الأول طالب بكامل الأرض، والآخر تفاوض على الأرض مقابل السلام، وكان هذا التصدّع أرضًا خصبة لنمو حركات اليمين (الصقور) وحركات السلام (الحمام)، أمّا بعد عام 1977، بدأت موازين القوى تخلخل اليسار الذي كان يشكل غالبية “إسرائيل” منذ تأسيسها، وبات الآن أقل قوة مقابل اليمين الذي تزداد قوته تدريجيًا.

التصدّع الطبقي

في الخمسينيات كانت “إسرائيل” دولة رفاه اجتماعي تقوم على المساواة الاجتماعية تحت ستار الأيديولوجية الاشتراكية، وحتى سنوات السبعينات كانت إحدى الدول الراعية للحقوق الاجتماعية، ولكن في أواخر الثمانينات حتى وقتنا الحاضر بدأت الهوة تزداد بين الفقراء والأغنياء، ومع اتساع نطاق عدم المساواة وتزايد الوعي، ازدادت حدة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

المصدر:المعهد الإسرائيلي للديموقراطية
عنوان المادة الأصلي: التصدعات القديمة والجديدة في المجتمع الإسرائيلي- نظرة من استطلاعات الرأي العام
تاريخ نشر المادة:16.04.2018
رابط المادة:https://bit.ly/2UATO2F

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on