مقدمة العساس | حرب 1967 | إذا كانت معظم الحروب عبر التاريخ تنشب بسبب عامل اقتصادي، فلابد أن للحرب نفسها العديد من الآثار العميقة التي تؤثر على اقتصاد المنتصر أو المهزوم، وكان هذا مسألة جدلية في “إسرائيل” حتى الوقوف عند نتائج النكسة حزيران 1967 وما لحقها من حروب، أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي الحالي.

هذه المقابلة المترجمة عن موقع كالكاليست، مع البروفيسور يوسي زعيرا، الذي شغل منصب رئيس الجمعية الاقتصادية الإسرائيلية، تناقش الآثار المختلفة لنكسة عام 1967 على الاقتصاد الإسرائيلي.


ترجمة العساس | تحظى حرب الأيام الستة “النكسة عام 1967” بأهمية بالغة في تاريخ “إسرائيل”، إلا أنها لا تعتبر ذات أهمية اقتصادية في نظر البعض، لكن في بحث البروفيسور يوسي زعيرا من الجامعة العبرية في القدس، الذي سينشر ضمن كتاب بحثي عن الاقتصاد الإسرائيلي، يظهر عكس ذلك، إذ أن للحرب تأثيرًا دراميًا على شكل الاقتصاد الإسرائيلي.

ويتضمن بحث زعيرا العديد من الآثار الرئيسية للحرب على الاقتصاد، بما في ذلك ارتفاع الدين الحكومي، الذي ساهم بشكل كبير في التضخم الذي حدث في فترة الثمانينات، ودخول العمال الفلسطينيين في الاقتصاد الإسرائيلي، مما أثر على إنتاجية الاقتصاد ووضع العمال الإسرائيليين من أصحاب الحرف.

حرب 1967 وأزمة الثمانينيات

الانعكاس المباشر للنكسة  عام 1967 هو زيادة ميزانية الأمن، وبهذا الصدد يقول زعيرا: “إذا كانت النفقات حتى الحرب ما بين %8 و%10 من إجمالي الناتج المحلي السنوي، فإنها ستصل إلى %20، وبعد حرب أكتوبر وصلت إلى %30، وفي وقت لاحق فقط انخفضت إلى %6”.

ويوضح زعيرا: “هذا نقطة مأساوية، لو أخذنا العدوان الثلاثي عام 1956 بالحسبان، فهو أيضًا أدى إلى زيادة في الإنفاق على الأمن، لكن يمكننا أن نرى التراجع في الميزانية خلال السنوات التي تليها، بينما بعد عام 1967 ازداد الإنفاق الحكومي على الأمن، لأن “إسرائيل” بقيت في المناطق التي احتلتها، وأن القفزات في النفقات الأمنية العسكرية كانت بالتوازي مع الصراع العربي الإسرائيلي”.

وبحسب زعيرا، فإن الزيادة في الإنفاق على الأمن أدت إلى تغيير حاسم على مستوى الاقتصاد الكلي من نمو الدين الحكومي، وطرق سداده، ويضيف: “الزيادة في الإنفاق لم تصاحبها زيادة مقابلة في الإيرادات، وفي هذه الحالة يكون العجز الحكومي واضحًا”.

ويُبين: “عندما يتضاعف العجز، تدفع الحكومة عليه الفوائد بشكل أكبر، ومن نفقات على عجز %2 من الناتج المحلي وصلنا إلى %10 و%12، وموّلت الحكومة ثلثي العجز عن طريق القروض، والثلث الأخير عن طريق طباعة النقود”.

ويُجيب زعيرا على سؤال ماذا يحدث عند طباعة النقود؟ بأنه سيحدث تضخم، وكل ذلك حصل نتيجة النكسة عام 1967 من زيادة الديون، وزيادة العجز والتضخم، حتى الوصول إلى عدم الاستقرار في عام 1985، موضحًا أن ما أنقذ “إسرائيل” من الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات، كان انخفاض الإنفاق على الأمن الذي جاء متأخرا بعد عقد
اتفاقية سلام مع مصر.

هبوط معدلات البطالة ونمو الصناعة العسكرية

كانت النكسة  عام 1967 نهاية الركود الذي أصاب “إسرائيل” عام 1964، وفي ذروتها وقبيل الحرب ارتفع عدد
العاطلين عن العمل إلى 100 ألف شخص، حينها شكلوا نسبة %10.

وكشف بحث أجراه الدكتور عوديد ليفيتان من بنك “إسرائيل” أن الزيادة في الاستهلاك الحكومي، والتي لم تنجح في
إخراج الاقتصاد من الركود حتى يونيو/حزيران، أدت في نهاية المطاف إلى نمو بنسبة %10.6 في النصف الثاني
من العام و%14 في العام التالي، أما السنوات التي تلت الحرب زاد الاستهلاك الفردي، مما قلّل عدد العاطلين عن
العمل بنسبة %20، وتميزت السنوات التي تلت الحرب بالنمو والتفاؤل الاقتصادي، وحتى عام 1972 وصل معدل
البطالة إلى %2.7 فقط.

اقرأ أيضًا.. الزراعة الإسرائيلية.. عصب الأمن القومي

الجزء المفاجئ في بحث ليفيتان هو في تحليل قيمة الصادرات “الإسرائيلية” قبل وبعد الحرب، أو بشكل دقيق تحليل
قيمة تأثير احتلال الأراضي الواسعة، حتى عام 1967 تركزت الصادرات الإسرائيلية بالأساس على منتجات مثل
الخشب الرقائقي والإطارات والمنسوجات، والصادرات الزراعية على الحمضيات.

العمال البسطاء دفعوا الثمن

في حين تحسن الوضع الاقتصادي للعديد من الإسرائيليين بسبب الحرب، إلا أن العمّال غير الحرفيين تضرّروا نتيجة
النكسة عام 1967، بسبب استبدالهم التدريجي بعمال من الضفة الغربية وغزة، ووفقًا لدراسة ليفياتان في عام
1970، كان هناك 20 ألف شخص فقط، أي حوالي %2 من المستوعبين في الاقتصاد، يعملون في المناطق التي تم
احتلالها قبل ثلاث سنوات، وفي عام 1980، ذكر أن معدلها قد وصل بالفعل إلى %7 واستمرّ في الارتفاع حتى
الانتفاضة الأولى على الأقل.

ووفقا لدراسة ليفيتان فإن توظيف العمال من الضفة الغربية وغزة لم يضرّ بالعمال الإسرائيليين غير المهنيين فقط بل
أضرّ بالاقتصاد كله، وكانت هذه الصفقة بمثابة حافز سلبي لأصحاب العمل للاستثمار في المعدات والآلات لأنه على
حساب آلة باهظة الثمن مع عامل إسرائيلي مكلف، يمكنهم توظيف أربعة فلسطينيين للقيام بالعمل ذاته بتكلفة أقلّ.

هذه النتيجة التي توصّل إليها ليفيتان في بحثه الذي أجراه عام 1987، يردد صداها حتى يومنا هذا باعتبارها أحد
الأسباب الرئيسية لتأخر العامل الإسرائيلي في إنتاجية العمل مقابل زملائه في البلدان المتقدمة.

وليس من المستغرب أن العلاقة بين عدد العمال غير المهنيين من الضفة وانخفاض إنتاجية العمل ونقص الاستثمار
في رأس المال أصبحت بارزة بشكل خاص اليوم، سيما في قطاع البناء، مما يؤدي إلى توظيف عمال من الضفة في
“إسرائيل”.

المصدر: كالكاليست
عنوان المادة الأصلية:وهكذا، غيّرت حرب الأيام الستة الاقتصاد الإسرائيلي
تاريخ نشر المادة:01.06.2017
رابط المادّة: https://bit.ly/2TKreiX

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on