مقدمة العساس | يوافق الـ 29 أكتوبر تشرين الثاني من كل عام، ذكرى مجزرة كفر قاسم التي ارتكبها الجيش “الإسرائيلي” بحق 50 شخصًا من المدنيين خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر، وكان المسؤول المباشر عنها هو العميد يسخار شدمي.

هذا المقال يتحدث عن مجزرة كفر قاسم من منظور منفذيها ويعرض المبررات “الإسرائيلية” التي أدت لحدوثها.

ترجمة العساس | يسخار شدمي: أحد كبار القادة “الإسرائيليين” ولد عام 1922 في نتانيا، وتعلّم في مدرسة كادوري إلى جاني يتسحاك رابين، حيث تجنّد للهاغاناة وخدم في البلماح والباليم (الجناح البحري للبلماح) في حرب الاستقلال (النكبة)، كما خدم كضابط للكتيبة الخامسة لواء هرئيل، وفي وقت لاحق تم تعيينه قائدًا للكتلة السابعة لواء النقب وشارك في عملية حوريف في سيناء، ثم كان في وقت لاحق من حياته العسكرية ضابطًا في مدرسة ضباط لواء جولاني، وضابط في سلاح المشاة والمظليين.

مجزرة كفر قاسم

في الـ 29 أكتوبر عام 1956، وهو اليوم الأول من العدوان الثلاثي، أطلقت قوّات حرس الحدود “الإسرائيلي” النار تجاه سكان كفر قاسم الذين عادوا لمنازلهم من عملهم، وقتلت 50 شخصًا منهم، وكان شدمي في تلك الفترة الضابط المسؤول عن القطاع في القيادة المركزية، حيث كان يستعد لاحتمال التصعيد ضد الحدود الأردنية، في ذلك اليوم أمر شدمي بتبكير ساعة حظر التجوال في منطقته بما في ذلك كفر قاسم، لكن سكان القرية الذين كانوا يعملون في ذلك الوقت في “بتاح تكفا” لم يعرفوا حول تغيير الموعد، وحين عادوا إلى ديارهم تم إطلاق النار عليهم وقتلهم على أيدي جنود شرطة الحدود الذين كانوا تحت أمرته.

وعند عقد المحاكم العسكرية عقب المجزرة ادّعى قائد كتيبة حرس الحدود شموئيل ملينكي، أن شدمي أمره بفرض حظر التجوّل بواسطة إطلاق النار، مدعيًا أنه سأله: “ما هو مصير السكّان العائدين لكفر قاسم بعد حظر التجوال”، بينما أجابه شدمي: “الله يرحموا”، واعتبر ملينكي بذلك إطلاق النار على السكان مسموح، وهذا ما أنكره شدمي ووصف هذه الأقوال بـ “الكاذبة”.

محاكمة شدمي

وجرّاء هذه الأحداث حُوكم شدمي بتهمة القتل، ولكنه تمت تبرئته، وذكر الحكم أن الاتهامات لا أساس لها من الصحّة وأن القتل لم يتم بسبب الأوامر التي أعطاها، لكنه أُدين أخيرًا بتهمة خرق السلطة “بحسن نية”، كونه أمر بفرض حظر التجوال دونما أمر الحاكم العسكري، وفرضت عليه غرامة مالية رمزية قيمتها عشرة قروش (المترجم: “قرش شدمي” بات مثلا على لسان أهل كفرقاسم كناية عن أشياء تفقد قيمتها). إضافة لذلك سُجّل توبيخ في ملفه الشخصي لعدم اتخاذه التدابير اللازمة لمنع “حادث خطير”.

اقرأ أيضًا.. كيف غيرت مجزرة الحرم الإبراهيميّ وجه مدينة الخليل؟

وعندما غادر شدمي قاعة المحكمة رفع يده وكان يحمل عشرة قروش، وتم توثيق هذا المشهد بواسطة صحافيين، والذي تم استخدامه فيما بعد كنقد ضده وضد للحكم.

وفي محاكمة منفصلة، حكم على الجنود بالسجن ولكن تم أطلق سراحهم بعد فترة فصيرة جرّاء حصولهم على عفو رئاسي، ومن خلال هذا الإجراء القانوني ولد مصطلح “أمر غير قانوني بشكل واضح”، وكتب شدمي في مذكراته: “قضية كفر قاسم، دست على لغم”، مثل كلّ معاقي الجنود الذي يكافحون ببسالة من أجل تأهيلهم وإعادتهم للحياة والعمل، هكذا أنا في تحدٍ أن لا أنكسر، وأن أستمرّ في الخدمة، رغم وصمة العار التي ألحقتها بي الصحافة وقسم من الجمهور بخصوص قضية كفرقاسم”.

المصدر: هآرتس
تاريخ النشر: 29.09/2018
رابط المادّة: https://bit.ly/2Sw0Sgm