خلفية عن قضية خطف أطفال اليمن البلقان والشرق

بين العام 1945 والعام 1948 وصل إلى “إسرائيل” أكثر من 50 ألف يهوديًا من اليمن، وتم تحويلهم إلى تجمّعات المهاجرين الجدد في منطقة روش هعاين وبارديسيّا وكيبوتس عين شيمر وعتليت. خلال هذه السنوات، تجمّعت إفادات وشهادات عديدة  حول خطف أطفال ورضّع من أبناء المهاجرين اليمنيين ( واحد من كل ثمانية أطفال)، دون دليلٍ أو إشارةٍ لمصيرهم. قالوا لذويهم أنّ الإبن قد مات، واتضح فيما بعد- في الكثير من الحالات- أنّ الأطفال قد نُقلوا للتبنّي أو تمّ تحويلهم لمؤسسات رعاية.

التشابه بين الإفادات والشهادات العديدة، يدل على نهج متكرر: الطلب من العائلة المهاجرة الموجودة في تجمّع المهاجرين إخراج أطفالهم من الخيم إلى حضانات من أجل الحفاظ على صحتهم، وأحيانًا قيل للأهل إن الأطفال مرضى وبحاجة لنقلهم إلى المستشفى. لقد سُمح للأهل بزيارة أطفالهم في حضانات الأطفال، وطُلب من الأمهات إرضاع الأطفال، لكن، في حالات كثيرة- وبحسب آلاف الشهادات- ما أن وصل الأبوان لزيارة طفلهما، حتّى تمّ إبلاغهم بوفاة الطفل بعد تدهور حالته الصحيّة.

اقرأ أيضًا.. الأطفال اليمنيون في إسرائيل: من المسؤول عن ضياعهم؟

تقريبًا، ولا بأيّ حالة من هذه الحالات جرى تسليم جثّة الطفل أو السماح للأهل حتى برؤيته، ولم يتمّ السماح لهم بدفن طفلهم. في حالات معدودة، ظهر الأطفال فجأة بعد أن احتجّت العائلة بالقوّة، وفي حالات أخرى، وُجد أطفالٌ بعد سنوات عديدة من الإعلان عن وفاتهم، بكامل صحّتهم لدى عائلات أخرى.

إنّ هذه القضيّة الشائكة والخطيرة عادت مجددًا إلى العناوين عندما وصلت أوامر تجنيد للخدمة العسكريّة لعائلات هؤلاء الأطفال، بعد أن كانت دولة “إسرائيل” قد أخبرت الأهالي في السابق أنّ الأطفال قد توفوا. ونتيجة ضغط الرأي العام الإسرائيلي، أقيمت لجنة تحقيق برلمانية عام 1967 (سُمّيت بلجنة بهلول مينكوفسكي)، وبعدها لجنة “شيلغي” في السنوات 1988-1994، لكنّ نقدًا لاذعًا وجُّه لعمل هاتين اللجنتين. حيث في العام 1995، وعلى إثر تحصّن عوزي مشولام ورفاقه، أقيمت لجنة تحقيق نشرت استنتاجاتها عام 2001، إلّا أنّ القضيّة لم تنته بذلك، إذ عملت هذه اللجنة- كما سابقاتها- في خدمة إرادة الدولة بطمس القضيّة، وبادعاء انعدام وجود أدلّة وعدم وجود ذراع موجّهة.

مقارنة دولية حول خطف أطفال اليمن

في السنوات الأخيرة، ظهرت في العالم الغربي قضايا مشابهة لخطف أطفالٍ من ذويهم، وتحويلهم إلى مؤسسات رعاية أو للتبنّي؛ ففي كل من كندا وأستراليا وسويسرا تم نقل أطفال من عائلاتهم من مجموعات عرقّية “ضعيفة”
للتبنّي أو لمؤسسات رعاية، كجزءٍ من سياساتٍ ممنهجة “للاستيعاب” التي هدفت لإعادة تربيّة هذه المجموعات بهدف
القضاء على وجودها الروحيّ والثقافيّ.

في الأرجنتين، اختُطف مئاتُ الأطفال من أبناء العائلات المعارضة للحكم، وتم نقلهم لعائلاتٍ “لها أحقيّة أكبر” بنظر
الحكومة. في إسبانيا اختُطف مئات الأطفال فور ولادتهم، وتم بيعهم للتبنّي بعد إبلاغ الأهل عن وفاة أطفالهم، وقد
تورّط في هذه القضية أطباء وممرضات مستشفيات خاصة وراهبات. في أغلب هذه الحالات، أدّى نشر القضية إلى
ضجّةٍ اعلاميّة كبيرة أدت بدورها إلى الاعتراف وتحمّل المسؤولية من قبل الدولة. في الوقت الذي تحمّلت دول العالم
مسؤوليّتها عن قضايا مماثلة، تستمر الحكومة الإسرائيليّة في العام 2015 بالتعتيم والإنكار.

موقف جمعية أطباء لحقوق الإنسان

تتحمل المجموعة التي تمتلك القوّة والسلطة، مثل: الطواقم الطبيّة، مسؤوليّة الاعتراف بجرائمها. مهنتنا تمنحنا آليات
ومهارات هائلة مُتعلقة بجسم الإنسان وروحه، لهذه القوّة تضاف الثقة والصلاحيّة الممنوحة من قبل الدولة، مثل: تقديم
موقفٍ طبي أمام القضاء وأوامر العلاج وإخراج من البيت وغيرها. من هنا، واجبٌ علينا الحدّ من هذه القوّة، ليس فقط
من خلال أخلاقيّات المهنة والقوانين- والتي هي ليست وليدة الحاضر فقط-  بل من خلال رفع الوعي. لهذا علينا أن
ننظر بصدقٍ إلى إخفاقات وجرائم الماضي والحاضر، وعلينا أيضًا أن نتضامن مع المجموعات الّتي ألحقنا بها
الضرر، وأن نطالب بمطالبهم : الاعتراف والإصلاح.

من الإفادات القليلة التي انكشفت من لجنة التحقيق الأخيرة، ظهر نمط عمل أطباء، وممرضات وعاملات اجتماعيات،
إذ أقرّت في حينه سياسةً ممنهجة لإرسال عشرات ومئات الأطفال من المشافي لحضانات أطفال بعيدة عن أهلهم ومن
ثم للتبنّي.

بسبب تعتيم وقمع هذه القضية، بدون أيِّ اعتراف أو إصلاح، علينا أن نعمل من أجل الاعتراف بها، وقد كان من
واجب الطواقم الطبيّة أنْ تطالب بنشر إفادات الأطباء المتورطين في الخطف، فبالإضافة للجانب الجنائي لهذا التورّط،
فهنالك خرق لأنظمة أخلاقيات المهنة الطبية. ومع أن كل ما قيل وسيقال الآن متأخر وقليل، علينا كطواقم طبية
الاعتراف بأخطائنا والوقوف إلى جانب العائلات.

ورقة موقف صادرة عن “أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل” بمناسبة يوم رفع الوعي لقضيّة “خطف أطفال اليمن والبلقان”

رابط المصدر:

http://www.phr.org.il/default.asp?PageID=362&ItemID=2030