أجرت ورشة عمل متقدّمة في مجال التخطيط تجربة لفهم الاستقطاب بين سكان جنوب تلّ أبيب، والعلاقة بين طالبي اللجوء الذين يسكنون في هذه الأحياء والسّكان المحليين، وكيفية التخفيف من الحساسية.

وتشير النتائج إلى أنّ المجموعتين مختلفتان في تصوّرهما وفهمهما لـلفضاء الحي، وللدولة والعلاقة بين المصطلحين؛ فبما أنّ المجموعة المحليّة تتعامل مع ذاتها على أنّ وجودها مفهوم ضمناً وأنّها صاحبة السّلطة في هذا المكان، فإن تعاملها مع الدولة والمساحة ينعكس على تعريف طالبي اللجوء بطريقة النفي (“انهم يختلفون في لون بشرتهم، ولقد دمروا الدولة”) ومن منطلق الملكية والسيطرة (“كنت أطرد غير اليهود”). تنظر المجموعة المحلية إلى العلاقة بين الدولة والمساحة كعلاقة جوهرية-رمزية وتمنح للحي معاني شخصية (“هذا بيتي”)، ومعاني لها طابع ثقافي-ديني (“يوم السبت لا تريْن شخصاً واحداً أبيض هنا، كلّ الشارع مليء بالسود”)، أو معاني قومية (“هم أصلًا لا يحبّون اسرائيل”). تُعرّف نفسها المجموعة المحلية مع المساحة وتُظهر علاقة عاطفية تجاه التغيير الذي طرأ على الحي (“كان الوضع مختلفاً”، “خطر جدًا، أصبحت تلّ أبيب مثل شيكاغو”).

بالمقابل، تنظر مجموعة طالبي اللجوء إلى مصطلح الدولة على شكل طبقات، فالعلاقات التي تقيمها مجموعة طالبي اللجوء مع الدولة تتلخص في البعد القانوني والذي يؤثر بشكلٍ كبير على حياتها (“في أوروبا يوجد مدارس، أنا الآن أبلغ من العمر 23 عاماً، وعلي أن أتعلم لا أن أعمل في الترميمات”)، حيث إنّ طالبي اللجوء لا يربطون أنفسهم بالفضاء بشكلٍ رمزي (“يجب ان تسمح كل دولة بالهجرة اليها”). مجموعة طالبي اللجوء لا تنظر إلى منظومة العلاقات مع الدولة والفضاء والسكان غلى أنّها جوهرية، ولا تربط بينهم خلال طبقة جامعة؛ فعلاقة المهاجرين مع الفضاء (المدينة والحي) هي وظيفية بالأساس، سواء كانوا في وسط العاملين (“أفضّل العيش في برديس كاتس، أنا اعمل هناك”)، أو في وسط غير العاملين والذي يستخدم الفضاء العام من أجل قضاء الوقت (“نقضي أوقاتنا في حديقة لفينسكي”).

التعرّف على الفضاء اليومي يصمّم السلوك لدى المجموعتين ويؤثر على نظرة كلّ واحدة لنفسها، وللأخرى، ولأداء الفضاء تجاه باقي أحياء المدينة؛ تتعلق طريقة تعامل كلّ مجموعة مع الفضاء اليومي بأفكار مسبقة وبتوقعات حول الحالة التي يجب أن يكون الفضاء عليها. تشعر غالبية المجموعة المحلية بتغيير سلبي مقارنةً مع الماضي (“كان الوضع أفضل هنا”)، والملومون هنا هم مجموعة اللاجئين.؛ وذلك بسبب منظرهم في الفضاء العام (“الغرباء يوسخون”، “يدمّرون الحي”)، وبسبب الإحساس بانتشال الفضاء (“المكان لم يعد لطيفاً، لأنّنا نشعر بعدم الانتماء”)، وتزعزع الإحساس بالأمان (“لا نمشي في الحيّ بعد الساعة السابعة مساءً”).

تعبّر المجموعة المحلية عن عدم رضاها عن وضع الحي (“يجب تدميره وإعادة بنائه”) وتشير إلى الحاجة لتحسين الخدمات والبنى التحتية (“مياه المجاري تسيل في الشوارع”، “يجب أن تُضاف سلّات للنفايات”، “يجب أن تُقام حدائق عامّة”)؛ و في المقابل، تنظر مجموعة اللاجئين إلى الفضاء اليومي بصورة ايجابية (“أحب أن أكون هنا، هنا مكان نظيف”). كما أنّ التغيير الديموغرافي الذي يثير غضب المجموعة المحلية يُشكّل عاملاً إيجابياً لدى مجموعة طالبي اللجوء (“كلّ أصدقائي هنا”)، بعكس المشاعر الصعبة التي تنتابهم عند خروجهم من الحيّ (“لا نشعر بالرّاحة في الحافلة لأنّهم لا يحبّون السود”).

على الرغم من الافتراض الأوليّ بأنّ الإحساس بعدم الأمان قد يكون أقوى لدى المجموعة المحلية، إلا أنّ نتائج البحث تشير أيضاً إلى أنّ مجموعة طالبي اللجوء تشعر بالخوف من الإجرام والعنف؛ فتعتبر ساعات الليل الأكثر خطورة لدى المجموعتين والعديدون يختارون عدم التواجد في الشوارع في هذه الساعات (“هناك جو مخيف وغريب في اللّيل”). كما تخاف المجموعتان من المشي في المساحات العامة في ساعات الظلمة بسبب انعدام الأضواء ووجود مدمني المخدرات والعاهرات  (“أتعرض لمضايقات في اللّيل من سيارات، يعتقدون أنّني عاهرة”، “أخاف من الإجرام والمخدرات”، “أخشى مثيري القلاقل في الحيّ”)؛ هذا بالإضافة إلى تشابه النظرة تجاه مستوى الخوف في المناطق المختلفة لدى المجموعتين، فتعتبر منطقة “نافيه شأنان” الشرقية (جادة جبل تسيون وشرقها) والمحطة المركزية الأكثر خطورة.

 

رابط المادة:

http://urbanologia.tau.ac.il/%D7%A4%D7%97%D7%93-%D7%95%D7%AA%D7%99%D7%A2%D7%95%D7%91-%D7%91%D7%A0%D7%95%D7%95%D7%94-%D7%A9%D7%90%D7%A0%D7%9F/