“أحيانًا توجّب علينا إطلاق النار على شخص أو شخصين، وهكذا كان البقيّة يفهمون المقصد، ويهربون وحدهم”.
“أطلقنا قذائف على مسجد اختبأ فيه بعض السكّان”.
“فجّرنا البيوت، فإن لم يكن للعربيّ بيتٌ، فليس لديه مكان يعود إليه”.
يرحميئل كهنوفيتش (83 عاماً) من “كيبوتس دغانيا أ”، وأحد جنود “البلماح“، يروي- بسعادة- ذكرياته الجميلة من الأيّام الماضية، ويروي ذكريات أقلّ جمالاً، عن الأيّام التي أًجبر فيها على طرد وقتل العرب؛ هذا وقد عرف مؤخرًا أنّ المقابلة الذي أجريت معه حول هذا الموضوع، تواجدت بين الاعترافات التي عُرضت في معرض جمعيّة “ذاكرات“.
يروي يرحميئل أنّه قبل بدء حرب “الاستقلال”، وبتأهيل الجناح العسكريّ “للبلماح” في “كيبوتس عين حرود”، كان قد أظهر تميّزاً في التدريبات للعمليّات العسكريّة؛ وفي أحد الأيّام جاء إسحاق ساديه، قائد قوّات “البلماح” آنذاك، ووضّح أنّ القوات لا تملك قاذفات صواريخ، لذا أمرهم بوضع المتفجّرات حيثما ووقتما يشير.
كما يقول يرحميئل إنّه لم تكن باليد أيّة حيلة، وإنّ ذاكرته لم تعد كما كانت، وقد يكون ذلك بسبب بعض الأمور التي ليس بمقدوره التحدّث عنها، وبالتأكيد دون ذكر أسماء وتوضيحات؛ ونتيجة ذلك كانت المحادثة معه تُدار بصعوبة وأحيانًا تتوقّف، مثل حديثه عن الوظائف الخاصّة الكثيرة التي تلقّاها، أو عن الشاحنّة التي كانت تأتي لنقلهم لوجهة غير معلومة ودون سبب.
يبدأ الحديث بأولى معاركه مع زملائه في منطقة “الكريوت”، حين كان هو القنّاص، ويذكر الآثار التي تركتها تلك المواجهة على جسده، والتي وصفها بكونها معركة صعبة؛ ويكمل يرحميئل عن تفجير البيوت والمساكن؛ ذلك الأمر الاعتياديّ الذي لم يكن بالقصّة الكبيرة على حدّ تعبيره.
يروي أنّ الهدف الوحيد كان طرد العرب، وتوفير فرصة هربهم وحثّهم على ذلك، فقد كانت تلك تعليمات يِغال ألون واسحاق ساديه، فيصف ذلك قائلًا: “أحيانًا توجّب علينا إطلاق النار على شخص أو شخصيْن، وهكذا كان البقيّة يفهمون رمز الرّسالة، ويهربون وحدهم، عليك أن تفهم؛ فجّرنا البيوت، فإن لم يكن للعربيّ بيت؛ فليس لديه مكان يعود إليه، فطالما وُجدت البيوت والقرى سيرغب دائماً بالعودة، المعادلة بسيطة جدًا”.
وفي حديثه عن معارك اللدّ والرملة يقول: “لا أحبّ تذكّر هذا كثيراً… أطلقنا القذائف على أحد المساجد الذي اختبأ فيه السّكان، ولم يكن هناك مفرّ، لقد استخدمنا قذائف مضادّة للدبّابات، والتي تُحدث ردّ فعلٍ مدمّر؛ لذلك كانت النتائج غير جميلة، وقد سُحق الجميع على الجدران… لا أعرف العدد، لكنّهم كانوا كُثر، وأنا فتحتُ الباب رأيت ما رأيته وأغلقته حالُا”.
يصف يرحميئل شعوره قائلًا: “كيف يمكن أن يشعر الإنسان بعد أمرٍ كهذا؟ لكن إن لم نفعل ذلك، لكُنّا ربّما نحارب حتى هذا اليوم، بعد ذلك كنت أقفُ على القنّاصة فوق الوادي الذي بواسطته هرب السكّان الذي تبقّوا، وكلّ من نزل كان يتلقّى حزمة من الرّصاص؛ شعرت بسوء حقًا، لكنّني كُنت قنّاصاً ماهِراً، أُمرت أحيانًا أن أطلق رصاصة واحدة فقط، وفي قرية بجانب الرّملة كانت رصاصتان كافيتيْن؛ بعد 45 دقيقة كانت القرية فارغة، لقد فهموا المقصد.”
يجيب يرحميئل على سؤال عن معارك أخرى قائلًا: “جرت معارك شمال غرب بحيرة طبريّا، وتنقّلنا من قرية إلى أخرى وطردنا السُكّان، فهرب البعض إلى الضفّة المقابلة بواسطة القوارب، وعندما تلقّينا أمراً؛ أطلقتُ النار على القارب وأحدثت فجوةً فيه.
لا أعرف إن غرق من فيه آنذاك، ولم أفحص ذلك… الشعور كان سيّئاً وشعرت بالضغينة تجاه نفسي لأنّني مؤهّل لأقوم بأفعال كهذه؛ هذه هي الحرب، وهم من بدأوا الحرب، وليس نحن. لطالما قتلوا اليهود، ومن جهتنا- في البداية على الأقلّ- كان هذا ردّ فعل.”
ويضيف قائلًا: “أعتقد أنّنا من بادرنا إلى احتلال “إيلات”، لكنّني لم أكن هناك. لم أكن قد تلقّيت التأهيل النفسي للحرب؛ ولذلك عندما سنحت لي الفرصة تركتُ الجيش، وكان بإمكاني البقاء بصورة دائمة، لكنّني قرّرت أن أنسحب، فكنتُ أشعر بأنّني أشرع في القتل، حتى عندما قتلت جاسوسًا يهوديّاً.”
عندما يُسأل يرحميئل عن كُره العرب يجيب: “لم أكن أكره العرب، حتى هذا اليوم أنا لا أكرههم، ولي أصدقاء عرب؛ وعندما عملت في الجليل، وحفرنا قناة نهر الأردن، كان مدير العمل عربي، وكان كأخٍ بالنسبة لي تقريبًا. أنا أرى الأمر بهذه الصورة: كان للعرب إيمان بقادتهم فتبعوهم، وكان إيماني بقادتي فتبعتهم وأطعتهم؛ وربما ذلك كان سبب نجاحي في أن أحارب؛ وليس من نابع الكُره، بل من برودة الأعصاب بأنّ ذلك حتميّ وإلزاميّ.
أنا غاضبٌ لأنّهم أجبروني على ارتكاب أمورٍ كهذه، وكان هناك جنود قد رفضوا الانصياع للأوامر، أو أنّه لم يكن بإمكانهم قتل جاسوسٍ يهوديّ قد ألقي القبض عليه، فأمروا أحدًا آخر أن يقوم بذلك.الحربُ ليست كرامة، والكرامة والخُلق أن نظّل أحياء، وأن نصنع عائلة”.
يواصل قائلًا: “أعتقد بأنّ العرب صرّحوا بوضوح أنهم يريدون قتلنا، لأنّ هذه أرضهم كما يدّعون، ونحن قلنا: “لا، هي أرضنا، وإن كنتم تريدون قتلنا، فنحن أيضًا نستطيع فعل ذلك.” من وقت إلى آخر يأتي قادة ويدخلوننا إلى جوّ حرب، فنحارب نحن، ليس لنقتل؛ بل لنتمكنّ من العيش، بالثمن الذي حدّدوه، والعرب لم يتنازلوا، ونحن سنظّل نتصدّى لذلك.”
اعترافات جنود “البلماح”
فيما يخصّ عرض جمعيّة “ذاكرات”؛ فقد قال يرحميئل إنّه لا يذكر من حاوره، وإنّه لو كان يعرف أنّ أقواله ستستخدم في عرض لهذه الجمعيّة، لما روى أيًا منها.
يُذكر أنّ من حاوره وقام بتصويره هو آيال سيفان، وهو صانع أفلام وثائقيّة، وكانت المقابلة واحدة من 25 مقابلة مع جنود آخرين من “البلماح”، والتي عُرضت لمدّة ثلاثة أشهر في المعرض المذكور تحت عنوان “أرشيف مشترك- شهادات واعترافات جنود صهاينة عن عام 1948”.
أظهر المعرض اعترافات مباشرة من أفواه الجنود الذين اشتركوا في عمليّات الطرد والتهجّير والإذلال والقتل للفلسطينيين؛ ويعقّب متحدّث جمعيّة “ذاكرات” إيتان برونشطاين: “مرة أخرى يعترف الجنود في المقابلات المصوّرة، كم كان الطرد والتهجير من القرى والمُدن سهلاً ومُمنهجاً؛ فقط أطلقوا النار وهم هربوا، ويتوجّب التشدّيد على أنّ غالبيّة عمليات الطرد لم تكن خلال الحرب وجزءاً منها، بل إضافة لها”، ويواصل قائلًا: “شهادة كهنوفيتش في قصّة الإبادة الجماعيّة في مسجد اللّد- والذي قتل فيها حوالي 200 من سكّان القرية- ليس فيها أي جديد؛ لكنّها المرّة الأولى التي تظهر فيها هويّة من أطلق القذيفة القاتلة، وعلى لسانه هو، ومؤسفٌ حقًاط أنّه نادمٌ على اعترافه، وردّه هذا يظهر صعوبة تحمّل مسؤوليّة الأعمال الوحشيّة لكثير من الإسرائيليين” الذين شاركوا بالأعمال التي اعترف بها عام 1948″.
المصدر : http://www.mynet.co.il/articles/0,7340,L-4344902,00.html
طالما قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى بمختلف الطرق، وربما كان أبرزها مؤخرًا…
يستعدّ المسيحيون للاحتفال بعيد الفصح وسبت النور بكنيسة القيامة في القدس، فيما ينشغل الاحتلال، كعادته؛…
قبيل النكبة، سكن مدينة حيفا نحو 61 ألف فلسطيني، وبقي فيها أقل من 20 ألف…
باتت مسيرة الأعلام أو رقص الأعلام في البلدة القديمة في القدس طقسًا مكررًا للاستفزاز والتصعيد…
يمتدّ تاريخ الصراع حول الأذان حتّى ما قبل النكبة؛ في العقدين الثاني والثالث من القرن…
لا يقتصر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الأحداث الميدانية المشتعلة في القدس والمسجد الأقصى، بل إنه…