مقدمة العساس | ينتظر الأردنيون بلهفة عودة أراضي منطقتي الباقورة والغمر إلى سيادة بلادهم بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي، و25 عاما من تأجيرها بموجب اتفاقية السلام بين الجانبين عام 1994، في حين يعتبر المستوطنون ذلك كارثة ستحل بهم وباقتصادهم قريبًا إذا ما لم يتجدد الإيجار، فما أهمية هذه المنطقة؟ وماذا حصل خلال سيادة الاحتلال عليها؟

هذه المادة تتحدث عن أهمية أراضي الباقورة والغمر المقرر عودتهما من السيادة الإسرائيلية إلى الأردنية، وتشرح الآثار المترتبة على ذلك.

إعداد العساس | أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي شطاينتس أن “إسرائيل” تنازلت عن جزر السلام، وهي الآن تستعد لإعادتها إلى الأردن بعد انتهاء مدة استئجارها على مدار 25 عامًا. وأشار إلى أنه يجب تعويض المستوطنين والمزارعين عن الأراضي التي كانوا يملكونها في الباقورة والغمر، بأراض أخرى شبيهة داخل “إسرائيل” ضمن الرؤيا الإسرائيلية بازدهار الصحراء. (1)

عودة الباقورة والغمر للأردن

وسوف تعود في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أراضي الباقورة والغمر إلى السيادة الأردنية، إلا أن هناك حديث عن مفاوضات جارية بين الطرفين الأردني والإسرائيلي حول تأخير إخلاء منطقة الغمر “تسوفر” لمدة نصف عام، أي لموسم زراعي إضافي يقدر بين خمسة إلى سبعة أشهر، وذلك من أجل تداول سبل لشراكات اقتصادية مستقبلية.

بحسب وزارة الخارجية الإسرائيلية ما زالت هذه المفاوضات مستمرة، لكن الطرف الأردني ينكر ذلك، ويؤكّد مجلس الأمن والقومي ووزارة الخارجية الإسرائيلية بأنهم يعملون على القضية، كما أكّد مسؤولون كبّار بأن المفاوضات مستمرة.

رغم ذلك، لم يتضح بعد ما ستقدمه “إسرائيل” للأردن مقابل قبولها بتمديد بند الاستئجار، لكن يبدو جليًا أن على “إسرائيل” الذهاب قدمًا بتنفيذ مشاريع مؤجلة وعالقة. (2)

مع بداية عام 2018، بدأ المواطنون الأردنيون التظاهر ضدّ الحكومة على خلفية أمور سياسية واجتماعية تتعلق بغلاء المعيشة والفساد، بينما في أيلول/سبتمبر بدأ الحرّاك في المطالبة بأراضي الباقورة والغمر، وعليه أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله أنه لن يجدد بند الملحقين المخصصين لاستئجار الباقورة والغمر في اتفاقية السلام مع “إسرائيل”، وبحسب الاتفاقية استأجرتها “إسرائيل” مدة 25 عامًا منذ العام 1994.

يذكر أن مساحة الغمر “تسوفر” تبلغ 4،500 دونم من بينها 1،100 تستعمل لزراعة الفلفل والخضروات الأخرى (3)، أمّا الباقور “نهرايم” تبلغ مساحتها 4000 دونم، ويوجد بها حديقة جزيرة السلام، الذي قتلت فيها 7 إسرائيليات على يد جندي أردني، إذ تعتبر الآن بمثابة الموقع السياحي. (4)

اقرأ أيضًا.. معاهدة السلام الأردنية: الباقورة والغمر

استغلال الاستيطان للباقورة

تسير في منطقة الباقورة الكهرباء والزراعة سويًا، إذ منح الانتداب البريطاني في عام 1921، اليهودي بنحاس روتنبرغ حقًا بإنشاء محطة توليد الطاقة الكهرومائية، وكانت هذه المحطة الرائدة والأولى بسلسلة مكونة من أربع محطات لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وكانت رؤيته المستقبلية أن تمد هذه المحطة المستوطنات الزراعية الناشئة على طول الغور بالكهرباء والماء، لتحقيق هدف رسم حدود الدولة اليهودية المستقبلية وتحضير المنطقة لاستيطان زراعي يهودي والسيطرة على المياه. (5)

لكن في الوقت الحالي، تحولت محطة الطاقة إلى خراب ومزار للشباب اليهود، وذكرى لمستوطنة كانت قريبة منها تسمى تل أور في عام 1932، حيث سكنها العاملون في محطة الطاقة، وكانت المستوطنة الأولى التي أقيمت خارج حدود “إسرائيل” الوليدة، وفيما بعد أخليت المستوطنة عام 1948.

وأقيمت على مقربة منها مستوطنة جيشر في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ تدير منطقة المحطة كمنطقة سياحية، يوجد فيها متحف مرتبط بالذكرى الاستيطانية للمكان. (6)

كما تعتبر منطقة نهاريم سياحية بامتياز، فهي تجمع بين المياه والطبيعة الجميلة وتاريخ الاستيطان لمحطة الطاقة وموقع تذكاري للفتيات السبع اللواتي قتلن في المنطقة، وهناك مسارات للمشي تتنوّع بين السدود والسد الجديد وخطّ سكّة الحديد العثمانيّة، كذلك جزيرة السلام وبوابة الملوك والجسور القديمة وسد البحيرة والشلال. (7)

الغمر وموارد الاستيطان

“تسوفر” هي المستوطنة الزراعية المقامة على أراضي الغمر منذ عام 1968، وإحدى أولى المستوطنات في وادي عربة، تم إقرارها عام 1979 كمستوطنة دائمة وبدأت بزراعة التمور، والعمل على الزراعة الشتوية والسياحة، وتبلغ مساحتها 4500 دونم. (8)

ويوجد ما يقارب الألف دونم من أراضي مستوطنة “تسوفر” في أراضي الغمر الأردنية، وحظيت هذه الأراضي بأهمية كبيرة لأنه وبحسب التشريع الفقهي في الديانة اليهودية تزرع الأرض سنة وتترك وتمنع زراعتها في السنة التي تليها، إلا أن هذه الأراضي لا تخضع لهذه التشريعات كونها تقع في منطقة أردنية وبالتالي تشكّل بديلًا مثاليًا لزراعة الخضروات في تلك السنة، رغم ذلك يذهب 90% من الفلفل المزروع في تلك المنطقة للتصدير الخارجي”. (9)

اقرا أيضًا.. الأردن و”إسرائيل”.. ماذا بعد توتر العلاقات؟

بهذا الشأن، صرّح رئيس المجلس الإقليمي، إيال بلوم، عقب الإعلان عن إعادة الباقورة والغمر: “من الواضح بأن هذه كارثة زراعية بالنسبة لمستوطنة تسوفر، وسيؤثر ذلك على 20 إلى 30 مزارعًا وستغلق 20 إلى 30 مزرعة، ومع ذلك فإن الزراعة هناك ليست أحسن ما يكون”.

وقام المزارعون ولمدة 10 سنوات بزارعة الفلفل في مستوطنة تسوفر، وصرح أحد المستوطنين المزارعين: “أنا أزرع 80 دونم من الفلفل في تسوفر، والأمر بالنسبة لي يعني الإفلاس، إن نقل ملكية الأراضي ليس بالأمر الذي يخضع لاختبار النمو الاقتصادي اليوم، بل يعني إغلاق العمل والخروج من جيش الاحتياط، لأن الدولة شطبتني من سجلها، من ناحيتي لو حصل هذا الأمر فستكون الدولة طردتنا”. (10)

مصادر الدخل

أمّا بالنسبة لمصادر الدخل الرئيسية للمستوطنة، فهي زراعة الفلفل والبطيخ وأنواع معينة من البندورة، وهذه المحاصيل تصدّر إلى الأسواق الأوربية بالإضافة للتمور، وكذلك تستغل هذه المستوطنة موقعها التاريخي الواقع على طريق العطور النبطي الواصل لمدينة “مواه” النبطية القديمة، كذلك تستخدم أراضي هذه المستوطنة لاحتجاز المواشي المستوردة من الخارج. (11)

وتضمنت مستوطنة “تسوفر” مشاريع سياحية أخرى، منها: “الحديقة الخضراء” وهدفها تمكين السيّاح من المبيت وتناول المنتجات الزراعية والخضروات العضوية، (12) وهناك مشروع آخر يدعى “زراعة عبرية” ينخرط فيه 50 شابًا وشابة قبل الشروع بالخدمة العسكرية، ليتعلموا الزراعة العبرية التقليدية، ويتوزعون على أربع مستوطنات إحداها “تسوفر”. (13)

اقرأ أيضًا.. الزراعة الإسرائيلية.. عصب الأمن القومي

ويعتبر إخلاء مستوطنة “تسوفر” بمثابة الكارثة التي ستحلّ على الزراعة الإسرائيلية في منطقة الباقورة والغمر، وهذا سيقود المزارعين إلى مغادرة المستوطنات هناك، لأنه دون الزراعة في تسوفر لا يوجد حياة تصلح للمعيشة.

ويعيش في هذه المستوطنات 400 مستوطن، ينتمون لـ 98 عائلة، و35 من بينهم يعملون في الزراعة، كذلك إن نقل المعدات الزراعية والدفيئات سيكلف المستوطنين ملايين الشواكل. (15)

المصادر :

(1) واللاه: https://bit.ly/31MiXtU
(2) يديعوت أحرنوت: https://bit.ly/31Mjjke
(3) هآرتس: https://bit.ly/2ogzqcf
(4) تايمز أوف إسرائيل: https://bit.ly/340cGMJ
(5) شركة الكهرباء الإسرائيلية: https://bit.ly/2Wcjowg
(6) شركة الكهرباء الإسرائيلية: https://bit.ly/2PiJe0b
(7) نهرايم: http://ashdot-naharayim.co.il/
(8) أور: https://bit.ly/2JkGtI7
(9) مكور ريشون: https://bit.ly/2JjnFZM
(10) يديعوت أحرنوت: https://bit.ly/2PgWzGk
(11) المجلس الإقليمي وادي عربة: https://bit.ly/362VaJs
(12) هآرتس: https://bit.ly/3635Ho9
(13) مجلس وادي عربة الإقليمي: https://bit.ly/31Echhq
(14) يديعوت أحرنوت: https://bit.ly/2PgWzGk
(15) يديعوت أحرنوت: https://bit.ly/2pOsF1B

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

ينتظر الأردنيون بلهفة عودة أراضي منطقتي الباقورة والغمر إلى سيادة بلادهم بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي، و25 عاما من تأجيرها بموجب اتفاقية السلام بين الجانبين عام 1994، في حين يعتبر المستوطنون ذلك كارثة ستحل بهم وباقتصادهم قريبًا إذا ما لم يتجدد الإيجار، فما أهمية هذه المنطقة؟ وماذا حصل خلال سيادة الاحتلال عليها؟ • • #الاستيطان #الباقورة #الغمر #الأردن #الاحتلال_الإسرائيلي #ترجمات_عبرية #العسّاس

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on