مقدمة العساس | الديمقراطية الإسرائيلية | يُنتج النظام الديموقراطي الإسرائيلي حكومات بتوجهات يمينية منذ 17 عامًا، بالتزامن مع ضعف عام لأحزاب الوسط واليسار، وفي ظل زيادة في سوء أحوال الأقليات داخل الأراضي المحتلة، الأمر الذي قد يُشير إلى هشاشة النظام الديموقراطي داخل “إسرائيل”.

هذا المقال المترجم عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، يناقش فكرة الديموقراطية لدى الاحتلال، ومدى تعرضها للخطر أو السيطرة السياسية.


ترجمة العساس | تتعلق الإجابة على سؤال “هل الديمقراطية الإسرائيلية في خطر؟” بمنظور من يطرح السؤال، فالعوامل المختلفة في المجتمع الإسرائيلي تعطي أجوبةً مختلفةً، وحتّى متناقضةً لهذا السؤال.

يكمن سبب هذه الاختلافات في التعريفات المختلفة للمصطلح “ديمقراطية”، إذ أن الاختلاف الأساسي متواجد في السؤال الذي يبحث المدى الذي على دولة “إسرائيل” مراعاته تجاه حقوق واحتياجات المجموعات والأفراد الذين لا ينتمون للأغلبية اليهودية، سيما عند الحديث عن العوامل المهددة للدولة، التي تتجاهل جوهرها اليهودي أو تضرّها بطريقة أو بأخرى.

تعريف الديمقراطية الإسرائيلية

بهذا الصدد، يوجد فجوات ملحوظة بين أصحاب الفكر الليبرالي وغالبيتهم من نخبة الدولة وبين شرائح المجتمع الإسرائيلي الكبيرة، ووجود نظام ديمقراطي، يسمح لـ “إسرائيل” بالحفاظ على طابعها ووظيفتها كبيتٍ للشعب اليهوديّ، مرهون بالاعترافُ بمشروعيّة إعطاء بعض الأفضلية لتعزيز المصالح المحافظة على جوهر الدولة.

رغم ذلك، لا يمكن تحقيق ديمقراطية جوهرية دون الاعتراف بالمساواة بين جميع مواطني الدولة، ودون احترام
حقوق الفرد وحقوق الأقليات، إضافة إلى العمل على الحد بالمساس بهذه الأساسيات والقيم، دون فرض الحماية التامة
عليها.

لهذا، يجب الامتناع عن تبني تعريفات قوميةٍ وديمقراطيةٍ متطرفةٍ تستبعد بعضها البعض، والأجدرُ هو تطبيق
تعريفاتٍ مرنةٍ تسنحُ لكلا التصورين بالتعايش معًا، كما يجب إدراك حاجة الأغلبية لحماية مصالحها وترسيخ هويتها
في الدولة دون انتقاص حماية الأقليات.

حاليًا، هناك توتر قائم بين طبيعة ديمقراطية الدولة، وبين استمرارية السيطرة على الفلسطينيين، وبما أنّ نهاية
الصراع مع الفلسطينيين غير واردة في المستقبل القريب، فمن الضروري إيجاد توازن مناسب يحافظُ على المصالح
السياسية والأمنية للدولة، وبين الحد من انتهاك حقوق الفلسطينيين ومراعاة آلامهم.

ويجب السعي لحلٍ يسمح بالفصلِ وإيقاف السيطرة على الفلسطينيين، في ظل أن الحلول المقترحة للنزاع متعلقة بحفاظ
وسيطرةِ “إسرائيل” إلى الأبد على شعب آخر من خلال تمييزه ضد مواطنيها اليهود، وهذا سيؤدي إلى توتر لا يتفق
مع القيم الديمقراطية.

وجود خطاب نابض بالحياة وحيوي في “إسرائيل” يؤدي إلى التحدث بحرية في انتقاد الحكومة، ويعتبر بمثابة الواقع
الذي يجب الحفاظ عليه، وهذا مع إمكانية أن تؤدي أعمال وبيانات المسؤولين المصممة لإسكات وترهيب الزوار
وتقييد خطواتهم أو الحد من حريتهم، إلى انتهاك حرية التعبير وصعوبة الحفاظ على المعارضة.

اقرأ أيضًا.. التحريض ضد الفلسطينيين: ممارسة انتخابية ثابتة

ويعتبر الجزء الجوهري للحفاظ على النظام الديمقراطي، هو وجود نظام توازن وضوابط، ووجود مراقبة خارجية
للحكومة وللكنيست لضمان المحافظة على القيم الديمقراطية، وتقوم المنظومة القضائية بما فيها المحاكم ومستشاري
القضاة في الحكومة بهذه الوظيفة.

من المهم أيضًا، أن تحافظ هذه المنظومات على قوتها واستقلاليتها، مع ذلك، من المشروع محاولة التأثير على تركيبة
القضاة كي يعكسوا تعدد وجهات النظر، ومطالبة مستشاري القضاء والقضاة أنفسهم بتقييد تدخلهم في الإجراءات
الحكومية وعلى وجه الخصوص في أعمال التشريع، ولا يغيروا أحكام صانعي القرار بأحكام مترتبة على نظرتهم إلى
العالم.

انتقاد الحكومة

ويبدو أن الخط الفاصل بين التدخل القضائي الصادق وبين التدخل المبالغ فيه ليس واضحًا، ولهذا من المفضل إجراء
خطاب موضوعي بخصوص هذا الشأن، إلا أن ظاهرة التصريحات المتطرفة ضد المنظومة القضائية تمنع إجراء
محادثة كهذه، وتخلق جوًا مهددًا قد يؤدي إلى صنع هاجس من التدخل في مواقف صادقة، وتمحقُ ثقة الجمهور
بالمنظومة القضائية.

من الواضح أنّ الديمقراطية الإسرائيلية مازالت قوية وترتكز على أسس ثابتة، لكن يجدر التذكير بأنّ الديمقراطية
نظام هش، ويمكن أن تواجه عوامل أو أشخاص يحاولون استغلالها بشكل سلبي من خلال السيطرة على الحكم، ما
يؤدي إلى إلغاء الحكم الديمقراطي.

وحدث هذا الاستغلال في الماضي، ويتكرر في الوقت الحاضر، كما أن عمليات التقويض تحدث بشكل عام تدريجيًا،
إلا أن هذا الاستغلال يظهر فقط في أوقات الضربة القاتلة للديمقراطية.

وبسبب ذلك، من المرفوض أن نكون راضين عن هذا، ويجب التصدي لأي انتهاك محتمل للقيم الديمقراطية في الدولة، ومن المهم أيضًا تعزيز ذلك عند الجمهور الواسع، من خلال مؤسسة التربية ومن خلال أي وسيلة أخرى ممكنة، وعبر خلق حوار جوهري عن معنى الديمقراطية.

ويعتبر ميول بعض النقاد بعرض كل رأي مناقض لرأيهم السياسي بأنّه غير ديمقراطي، خطرًا بحد ذاته، يخلق صعوبة في التمييز بين الإجراءات الشرعية المثيرة للجدل سياسيًا، وبين الإجراءات غير الديمقراطية.

إحدى الرؤيا الأساسية لكتابة هذا المقال، هو حصول المزيد من الاحترام والإصغاء المطلوب من جانب كل واحد يتعامل مع هذه القضية، فيما يتعلق بأفكار ومشاعر الطرف الثاني.

كما يجب على قرّاء وكتاب صحيفتي “هآرتس” و”مكور ريشون”، فهم مواقف بعضهم البعض، في ظل أهمية التعرف وفهم رؤية الطرف الآخر في النقاش، وليس فقط تحضير مبررات مضادة، بهذا نحصل على حوار مثير ومثمر، ضمن إطار يحمي ويحافظ على جوهر الدولة الإسرائيلية كدولة يهودية ديمقراطية بروح ورؤية مؤسسيها.

مصدر المادة: معهد أبحاث الأمن القومي
عنوان المادة الأصلية: هل الديموقراطية في خطر؟ّ
تاريخ نشر المادة: 26.01.2019
رابط المادة: https://bit.ly/2I33xwY

 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

A post shared by العسّاس (@alassasnet) on