مقدّمة العسّاس | تعتبر “إسرائيل” دولة هجرة، إذ جاء إليها في السنوات الأولى لقيامها مهاجرون من جميع أنحاء العالم، وزادوا عدد السكان ضعفين أو ثلاثة، وما تزال حركة الهجرة مفتوحة حتى الآن ولا يوجد أي إشكالية في ذلك طالما المهاجر من أوروبا أو أميركا، أمّا إذا كان من أفريقيا فهناك جملة من التعقيدات التي تنتهي برفض اللجوء غالبًا.

يشرح هذا المقال السياسة “الإسرائيلية” تجاه المهاجريين الأفريقيين، ويوثّق الانتهاكات المختلفة التي يتعرّض لها أطفال العائلات المُهاجرة خلال فترة احتجازهم قبل ترحيلهم أو قبولهم كلاجئين.

 

ترجمة العسّاس |  حلّت “إسرائيل في المرتبة الـ 15 ضمن قائمة تضم 20 دولة حول العالم تنتهك حقوق الأطفال مع عائلاتهم، وذلك ضمن تقرير نشره التحالف الدولي لمنع اعتقال المهاجرين، بينما جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الـ 20، أما البرازيل فكانت في المرتبة الأولى.

ويؤكّد التقرير أن القانون “الإسرائيلي” يُجيز سجن أطفال المهاجرين لدى دخولهم “إسرائيل” لكنه يُحدّد أسباب الإفراج عنهم، وجرّاء ذلك يقضي معظم الأطفال فترة قصيرة في السجن، إلا إذا تواجدوا رفقة عائلات تم اعتقالها وتنتظر ترحيلها، حينها قد تستمر فترة اعتقالهم لمدة أطول.

هذا وقد امتنعت سلطة السكان والهجرة “الإسرائيلية” حتى عام 2011 من ترحيل النساء المهاجرات مع أطفالهن وفضلت طرد الآباء فقط، وغالبًا ما كان ينتهي الأمر بالتحاق بقية الأسرة بالأب المعيل، بينما كان اعتقال الأطفال والفتيان وسجنهم يتم أساسًا في حالات شملت قاصرين من مهاجري أفريقيا عند اجتيازهم حدود “إسرائيل”، أو في حالة إقامتهم مع عائلاتهم بشكل غير قانوني، حينها يتم اعتقال العائلة بأكملها وترحيلها.

حسب تقرير مراقب الدولة عام 2013، سُجن 1547 قاصر خلال الفترة ما بين 2007-2012، بينما أُبعد 97 طفل متوسط أعمارهم 3.4 سنة وتم احتجازهم في إحدى المؤسسات التابعة لسلطة السكان والهجرة حتى وقت ترحيلهم.

ولكن بِدءًا من عام 2013، توقّفت “إسرائيل” عن اعتقال الأطفال طالبي اللجوء من السودان وأرتيريا، ولكنها استمرت باعتقال أطفال العمال المهاجرين بشكل غير قانوني، وأطفال بلدان أخرى تم رفض طلب اللجوء الخاص بهم.

ويُوثق مركز اللاجئين والمهاجرين أمثلة لعواقب سياسة الحكومة “الإسرائيلية” على حياة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم، ومنها أن زوجًا وزوجة وصلا “إسرائيل” من ساحل العاج عام 1997 بسبب مطاردتهما من قبل السلطات هناك بسبب مواقفهما السياسية، فاضطّرا حسب ادعائهما للهجرة وطلب اللجوء، وفي “إسرائيل” حيث أنجبا طفلين كلاهما يتحدثان العبرية وتلقيا التعليم في جهاز التربية والتعليم “الإسرائيلي”.

ورغم ذلك، فشل العديد من المحامين بتنظيم وضع العائلة كطالبي لجوء، وفي 2017 وقبل 3 أشهر من نهاية السنة الدراسية قام مفتشو مصلحة الهجرة باعتقال الطفل البالغ من العمر 16 عامًا مع والدته، وعند قدوم الأب والطفل الآخر للزيارة تم اعتقالهما أيضًا، وبعد دفع كفالة مالية كبيرة تم السماح للطالب بإكمال سنته الدراسية وبقاءه مع أمه فقط، فيما تم إرسال الأب والطفل الآخر من السجن مباشرة إلى المطار لترحيلهما.

بينما وثّق تقرير آخر صادر عن جمعية الحقوق المدنية في “إسرائيل” ونقابة العمال المهاجرين والمفوّض السامي للأمم المتحدة، شهادات تظهر سوء شروط احتجاز الأطفال مع والديهم، ومن هذه الشهادات سيدة سُجنت مع رضيعها عام 2014: “لم يتواجد لدي الصابون لغسل قنينة طفلي، ولم يتوفر الماء الساخن لتحضير وجبات الحليب، وطرقت الباب وطلبت الماء فأحضروه بعد فترة طويلة، حتى عملية استحمام طفلي تمت بالماء البارد”.

وفي ضوء هذه الشهادات، أوصى تقرير مراقب الدولة الصادر عام 2013 بضرورة تصرّف الحكومة بطريقة تحفظ حقوق الطفل، واستخدام الاعتقال كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة.

أما الأمم المتحدة، فقد دعت “إسرائيل” عام 2014 إلى التوقف فورًا عن اعتقال الأطفال على خلفية وضعهم المدني، محذرة من أن اعتقالات كهذه تتم ليلًا وفي ظروف مرهقة، إذ يتم احتجاز الأطفال في زنازين صغيرة غير ملائمة للعائلات ودون إمكانية التواصل مع الوالدين وبقية أفرد الأسرة، وكما يتم ذلك مع عدم توفر الخدمات الصحية أو الاجتماعية والاستشارة القانونية للمعتقلين.

يذكر أن العديد من الدراسات أكدت أن السجن ولو لفترة قصيرة يُسبب أضرارًا نفسية وجسدية جسيمة للأطفال قد تستمر مدى الحياة.

رابط المادة: https://bit.ly/2ExDoEM